الأحد, 16 نوفمبر 2025 09:35 PM

الحكومة السورية تسعى لضبط سوق الذهب ومكافحة التهريب عبر إجراءات جديدة

الحكومة السورية تسعى لضبط سوق الذهب ومكافحة التهريب عبر إجراءات جديدة

في محاولة للسيطرة على ما وصف بـ "فوضى الذهب" المتصاعدة في الأسواق السورية، اتخذت الحكومة إجراءات جديدة تهدف إلى تنظيم القطاع ومكافحة التهريب. بدأت هذه الإجراءات بتعميم من جمعية الصاغة في دمشق، والذي أثار تساؤلات واسعة في الأوساط الاقتصادية والشعبية، خاصة مع تمديد المهلة الممنوحة لأصحاب محال الحلي والمشغولات الذهبية لدمغ بضائعهم غير الممهورة حتى نهاية تشرين الثاني الحالي.

التعميم الصادر عن جمعية الصاغة اشترط ضرورة دمغ المشغولات الذهبية لضمان قانونية عرضها، محذرًا من المساءلة القانونية والغرامات في حال ضبطها من قبل دوريات الضابطة الجمركية التابعة للهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية السورية. وأكد التعميم منع بيع أي ذهب لا يحمل ختم الجمعية، معتبرًا إياه دخيلًا على السوق المحلية.

هذا التوجه الحكومي التنظيمي حظي بدعم من الهيئة العامة لإدارة المعادن الثمينة، حيث كشف مديرها العام، مصعب الأسود، في حديث إلى عنب بلدي، عن فرض رسوم تصل إلى 2000 دولار أمريكي على كل كيلوغرام من الذهب المستورد، موزعة بالتساوي بين رسم جمركي ورسم لمصلحة الهيئة، وذلك بهدف حماية الصناعة الوطنية من المنافسة غير العادلة.

ولتدارك الفوضى، منحت الجهات المعنية، مثل جمعية الصاغة بدمشق، مهلة زمنية محددة لا تتجاوز 15 يومًا لأصحاب المشغولات غير المدموغة لتسوية أوضاعهم، من خلال دمغ الذهب في جمعيات الصاغة المنتشرة في دمشق وعدد من المحافظات، بعد تسديد الرسوم المطلوبة والتأكد من مطابقة المواصفات. وتأتي هذه الخطوة في إطار سعي الحكومة لتنظيم سوق الذهب، وضبط عمليات التهريب، وضمان حقوق المستهلكين، في ظل التحديات الاقتصادية المتزايدة.

وقد سبق تعميم صاغة دمشق قرار مشدد من قبل هيئة المعادن الثمينة، لضبط سوق الذهب، وذلك "بناء على مقتضيات المصلحة العامة، وحفاظًا على الصناعة الوطنية، وتشجيعًا للمنتج المحلي على الاستمرار والتطور، ومن خلال سعي الهيئة الدائم لجذب المستثمرين للعمل في الداخل السوري"، بحسب الأسود.

وأشار مدير عام الهيئة إلى أن القرار شدد على "منع بيع أو عرض أي مشغولات مستوردة، لم تخضع للتعرفة الجمركية، ولم توسم بالسمة السورية، بعد مطابقتها للمواصفات القياسية السورية، ومطابقتها لجميع الشروط والتعاميم الصادرة عن الإدارة العامة للهيئة، بما يخص التفاصيل كافة من عيارات، وأوزان، ورواصير، وسترس وغيرها".

وأوضح الأسود أن تعميم صاغة دمشق جاء استنادًا إلى هذا القرار الذي صدر في نهاية تشرين الأول الماضي، وأعطى مهلة لا تتجاوز 15 يومًا لتسوية المخالفات كافة، مؤكدًا أن أي مخالفات سواء كانت حديثة أم قديمة ستخضع لجميع القوانين الجمركية النافذة، ويتحمل المخالف كامل المسؤولية عنها.

وأضاف مدير عام الهيئة أنه بات معلومًا لجميع محال صياغة وبيع الحلي الذهبية في سوريا، وجود منع حكومي وعقوبات مشددة وغرامات كبيرة على "بيع البضائع الذهبية التي تم إدخالها بطريقة غير شرعية إلى سوريا"، نظرًا إلى عدم وجود ختم جمعيات الصاغة، مؤكدًا أن "الهدف من ذلك هو ضمان حقوق المواطنين".

وفي سياق متصل، أوضح مدير عام الهيئة أسباب تهريب وإدخال الذهب للأسواق، مشيرًا إلى حالة الفوضى التي سادت بعد تحرير سوريا من النظام السابق، واستغلال البعض للتفاوت الكبير في سعر الذهب بين الخارج والداخل، بالإضافة إلى غياب الضابطات الجمركية في تلك الفترة.

وبرر الأسود فرض رسم دولارين أمريكيين فقط على كل غرام من الذهب المستورد على شكل مشغولات ذهبية، بمنع منافسته للمنتج المحلي أو المصوغات الموجودة في الأسواق، وبالتالي دعم المنتج الوطني من الذهب.

وشدد الأسود على أهمية الدور الذي تلعبه هيئة المعادن الثمينة في مراقبة عيارات الذهب بالأسواق المحلية، خاصة بعد أن خلف النظام السابق تركة ثقيلة من المشغولات غير المطابقة للمواصفات. وأوضح أن الذهب السوري يُختم في جمعيات الصاغة بوسم رمزي خاص بكل محافظة، يضمن نسبة أمان عالية، أما المنتج المستورد فله ختم خاص به، مع شروط صارمة تشمل بطاقة تعرفة جمركية ومواصفات نظامية دقيقة.

كما أكد أن الهيئة تراقب الأسواق بدقة، وتستطيع كشف حالات الغش بسرعة، مشيرًا أيضًا إلى ضبط حالات تهريب للذهب السوري، ومشددًا في الوقت ذاته على وجود قوانين صارمة تمنع التهريب، وتعاون وثيق مع الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية لمكافحة هذه الظاهرة.

وحول الشروط المطلوبة في مشاغل الذهب، قال الأسود، إن أهم شرط هو توفر الخبرة، ويضاف إلى ذلك سعة المكان المناسبة، وتوفر المعدات اللوجستية، ومعدات السلامة المهنية، وعدم إزعاج الجوار. أما من ناحية الجودة، فهناك مواصفات قياسية سورية تحكم العيارات الذهبية، وتضمن سلامة المنتج المحلي من المشغولات الذهبية.

ويرتبط تسعير غرام الذهب في السوق المحلية السورية بشكل وثيق بسعر الأونصة العالمية، وبسعر صرف الليرة السورية إذا كان التسعير مرتبطًا بالليرة وليس بالدولار، وقد يحدث تفاوت في السعر بين المحلي والعالمي نتيجة العرض والطلب.

وحسب نشرات أسعار الذهب، في 15 من تشرين الثاني الحالي، يتفوق سعر غرام الذهب عيار 21 قيراطًا في سوريا على سعره في باقي دول المنطقة.

مشاركة المقال: