الأحد, 16 نوفمبر 2025 09:59 AM

تغطية إعلامية متطورة: الإعلام السوري الرسمي يثير الإعجاب في تعامله مع أزمة المزة

تغطية إعلامية متطورة: الإعلام السوري الرسمي يثير الإعجاب في تعامله مع أزمة المزة

شهدت التغطية الإعلامية الرسمية للمؤسسات التابعة لوزارة الإعلام خلال الأزمة الأخيرة تحولاً ملحوظاً، حيث تميزت بالتكامل في جوانب عدة، بدءاً من سرعة ودقة نقل الخبر، مروراً بإرفاقه بصورة بصرية معبرة، والاعتماد على مصادر موثوقة والتصريحات الرسمية، وصولاً إلى المتابعة المستمرة والتنويع في الوسائط المستخدمة، مما أفضى إلى صياغة سردية مقنعة للأحداث.

كانت قناة "الإخبارية" سباقة في نقل نبأ الانفجار الذي وقع في منطقة المزة، واصفةً إياه بأنه مجهول المصدر. تبع ذلك تأكيد من وكالة "سانا" للخبر، مع إضافة تفاصيل أكثر دقة حول وقوع انفجارين. من جانبها، أظهرت صحيفة "الثورة" السورية، نشاطاً ملحوظاً على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث تصدت لنفي الأخبار المغلوطة التي نشرتها بعض الوسائل الإعلامية الأخرى، والتي نسبت سبب الانفجار إلى خلل في تدريبات الجيش السوري، مما اضطر تلك الوسائل إلى حذف منشوراتها ومقاطع الفيديو القديمة التي كانت قد استخدمتها.

بعد ذلك، تولت إدارة الإعلام والاتصال في وزارة الدفاع زمام المبادرة، وقامت بطرح المعلومات على مراحل، بما يتناسب مع سير التحقيقات، وذلك بهدف إطلاع الرأي العام على تفاصيل الحادث دون إثارة الذعر أو التقليل من أهميته. وقد تم ذلك من خلال الوكالة الرسمية للأخبار المكتوبة، وقناة "الإخبارية" التي قدمت مواد مصورة حصرية حددت موقع الحادث والأدوات المستخدمة، بالإضافة إلى صحيفة "الثورة" التي تعاونت مع منصة "كشاف" الجديدة، والتي يبدو أنها تتمتع بوصول إلى دوائر وزارة الإعلام، وذلك لتكذيب الأخبار المغلوطة.

واكب هذه التغطية استبعاد المؤثرين الشعبيين من التغطية، مما ساهم في تقليل الخطاب الانفعالي والشعبوي، وأتاح المجال لوسائل الإعلام بالوصول المباشر إلى موقع الحدث. وقد ساهم هذا النهج في تهدئة المزاج العام وتخفيف التوتر، وإعطاء انطباع بأن الدولة لا تخفي شيئاً، على عكس البيانات المجردة التي كانت تصدر في الماضي.

الجدير بالذكر أن وسائل الإعلام الرسمية كانت هذه المرة هي المصدر الأول والأسرع للمعلومات، لدرجة أن القنوات الأخرى اعتمدت على نقل أخبارها أكثر من اعتمادها على مراسليها الخاصين، وذلك بسبب تطابق الرواية الرسمية مع الوقائع على الأرض.

لم يقتصر الأمر على ذلك، بل نشطت عشرات الصفحات الرقمية وغرف العمليات الإعلامية والناشطين في تداول الأخبار الصادرة عن الوسائل الحكومية، مما ساهم في ترسيخ سرديتها وتفوقها، ربما للمرة الأولى منذ سنوات، في مؤشر على تطور كبير وسريع في الأداء الإعلامي المتكامل.

بالتوازي مع ذلك، انتشرت حملة منظمة على وسائل التواصل الاجتماعي تحت هاشتاغ #لن_تتعثر_نهضتنا، ركزت على البعد العاطفي والتحفيزي مع إدراك التحديات دون جزع. كما حاربت السردية الرسمية الخطاب الطائفي ووجهت الاتهام إلى تنظيم "داعش" ومخلفاته، خاصة مع الصدى الرمزي الذي يحمله حي "المزة 86" في الذاكرة الجمعية للسوريين.

باختصار، بدا للمرة الأولى أن هناك غرفة عمليات إعلامية متكاملة الأركان، منسقة وقادرة على توجيه رسائل بسيطة خالية من الحشو، تركز على المعلومة والتوجيه الناعم. كان لهذا الأسلوب الأثر البالغ في احتواء الحدث الذي سعى صناعه إلى أن يكون مدوياً، حيث ساهم الاهتمام الإعلامي المدروس في تسليط الضوء عليه بشكل محكم، وطمأنة المواطنين، والحد من تداعياته.

يبقى السؤال: هل ما جرى كان محض صدفة، أم أنه إيذان ببدء عهد جديد من السلوك الإعلامي الأكثر احترافية واحتراماً لذكاء الجمهور، وهو ما سنراه يتكرر قريباً؟

زمان الوصل

مشاركة المقال: