السبت, 15 نوفمبر 2025 06:44 PM

الرئيس الشرع وإسرائيل: استراتيجية سورية جديدة في التعامل مع التحديات الإقليمية

الرئيس الشرع وإسرائيل: استراتيجية سورية جديدة في التعامل مع التحديات الإقليمية

لا شك أن السياسة السورية تشهد تحولاً في طريقة معالجة القضايا الإقليمية، خاصةً فيما يتعلق بالعلاقة مع إسرائيل، وذلك في ظل قيادة الرئيس أحمد الشرع التي تتسم بالهدوء والتنظيم.

فبعد سنوات طويلة من علاقة تحكمها التوازنات المتقلبة والخطاب الحساس، تتجه دمشق نحو نموذج جديد للإدارة السياسية يحافظ على الثوابت الوطنية، لكنه يسعى إلى إعادة ترتيب الأولويات وفقاً للاعتبارات الداخلية السورية ومتطلبات إعادة بناء الدولة.

يراقب المراقبون للمشهد الإقليمي أن سوريا في عهد الرئيس الشرع تنظر إلى ملف إسرائيل كجزء من رؤية شاملة تهدف إلى إعادة تموضع الدولة في محيطها الإقليمي والدولي، وتمكينها من إدارة التحديات بما يخدم مصالحها الاستراتيجية.

التفاوض كأداة لضبط الأمن

تعتمد السياسة الجديدة على التفاوض غير المباشر كوسيلة لضبط الإيقاع الأمني. يستخدم الرئيس الشرع التفاوض كأداة لتخفيف التوتر وتجنب الانزلاق إلى أوضاع غير مرغوب فيها.

هذا الأسلوب لا يمثل خروجاً عن الثوابت، بل هو إعادة تعريف لطريقة إدارة الصراع، حيث تتحول الدبلوماسية من بديل للقوة إلى أحد أشكالها، خاصةً في مرحلة إعادة البناء.

تجنب الحرب: عقلانية استراتيجية

يشير تجنب المواجهة العسكرية إلى تحليل متزن للظروف الإقليمية والقدرات الوطنية. ففي الوقت الذي تعمل فيه سوريا على ترميم مؤسساتها وتعزيز قوتها الداخلية، يصبح الانخراط في مواجهة واسعة أمراً غير متوافق مع الأولويات.

يدرك الرئيس الشرع أن الصراع لا يُدار فقط بالسلاح، بل أيضاً بالوقت والاقتصاد والدبلوماسية والقدرة على اختيار التوقيت والظروف المناسبة للمواجهة.

إن الابتعاد عن الحرب ليس تراجعاً، بل توظيف مدروس للقدرات ومنع الخصوم من استغلال اللحظات التي قد يحتاج فيها الوضع الداخلي إلى تعزيز.

تفعيل العلاقات الإقليمية لتعزيز النفوذ

يحرص الرئيس الشرع على إعادة دمج سوريا في محيطها السياسي من خلال فتح قنوات مع دول مؤثرة مثل تركيا والسعودية وغيرها، دون الانحياز إلى محاور مغلقة.

هذا الانفتاح ليس مجرد خطوة دبلوماسية، بل وسيلة لتوسيع هامش المناورة السورية في الملفات الإقليمية، بما في ذلك ملف الجنوب السوري المرتبط بالحركة الإسرائيلية.

إن قدرة الدولة على ممارسة الضغط أو التخفيف لا تعتمد فقط على قوتها الذاتية، بل أيضاً على حجم شبكة العلاقات التي تمتلكها. ويبدو أن دمشق تستعيد هذا الدور تدريجياً بعد سنوات من الانقطاع.

وحدة الدولة: الأولوية القصوى

يدرك المراقبون لخطوات الرئيس الشرع أن الأولوية الأهم هي وحدة الأراضي السورية. فالتهديد الأكبر في نظر الدولة هو أي محاولة لتمزيق النسيج الوطني أو إنشاء كيانات موازية للسلطة المركزية، سواء في السويداء أو شرق الفرات.

\n

لذلك، يصبح التعامل مع إسرائيل جزءاً من معادلة أشمل تهدف إلى منع أي تدخل خارجي يضعف الدولة أو يشجع النزعات الانفصالية. هذه المقاربة تضع استقرار سوريا ووحدة مؤسساتها في المقام الأول، باعتباره الأساس الذي تُبنى عليه جميع السياسات الأخرى.

في الختام، تمثل السياسة التي يتبعها الرئيس الشرع محاولة لإعادة صياغة الدور السوري وفقاً لظروف المرحلة، ووضع الدولة على مسار أكثر استقراراً وقدرة على التأثير.

التفاوض، وتجنب الحرب، والانفتاح الإقليمي، وترسيخ وحدة الدولة ليست خطوات منفصلة، بل هي عناصر من رؤية واحدة تهدف إلى استعادة سوريا كدولة قوية ومستقرة وفاعلة في محيطها، وقادرة على إدارة صراعها مع إسرائيل من موقع حسابي مدروس وليس من موقع رد الفعل.

مشاركة المقال: