الخميس, 13 نوفمبر 2025 01:14 AM

صدمة ما بعد غزة: ارتفاع حاد في أعداد الجنود الإسرائيليين الذين يعانون من اضطرابات نفسية

صدمة ما بعد غزة: ارتفاع حاد في أعداد الجنود الإسرائيليين الذين يعانون من اضطرابات نفسية

كشفت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية عن تداعيات الحرب الأخيرة على غزة، مشيرة إلى أن "أطول حرب" في تاريخ إسرائيل تركت "عدداً كبيراً من الجنود مصابين بصدمات نفسية".

الصحيفة أوضحت أن التقارير تتزايد حول اضطرابات ما بعد الصدمة والاكتئاب ومشاكل الصحة النفسية الأخرى بين الجنود، بالإضافة إلى ارتفاع حالات الانتحار، وذلك بعد عامين من الحرب مع حماس.

ووفقاً لوزارة الأمن الإسرائيلية، فقد تم توثيق ما يقرب من 11 ألف جندي يعانون من إصابات نفسية منذ الـ7 من تشرين الأول/ أكتوبر 2023. ويمثل هذا العدد أكثر من ثلث إجمالي الجنود (31 ألف جندي) الذين يعانون من هذه الإصابات في جميع الحروب التي خاضتها إسرائيل منذ عام 1948. وتُعرّف الوزارة إصابات الصحة النفسية بأنها اضطراب ما بعد الصدمة والقلق والاكتئاب ومشاكل الصحة النفسية الأخرى.

وأشارت الصحيفة البريطانية إلى ارتفاع حالات الانتحار، ففي العقد الذي سبق الحرب، بلغ متوسط عدد الجنود الذين انتحروا في الجيش 13 جندياً سنوياً. ومنذ الحرب، ارتفع العدد إلى 21 جندياً العام الماضي، وفقاً لبيانات جيش الاحتلال. ولا تشمل هذه الأرقام الجنود الذين انتحروا بعد مغادرتهم "الجيش".

وذكر تقرير نشره البرلمان الإسرائيلي الشهر الماضي أن 279 جندياً إضافياً حاولوا الانتحار في الفترة من يناير/كانون الثاني 2024 إلى يوليو/تموز 2025 لكنهم نجوا.

وفي هذا السياق، قالت ليمور لوريا، نائبة المدير العام ورئيسة إدارة إعادة التأهيل بوزارة الدفاع: "هناك الآن فهم حقيقي بأن الإصابات النفسية لها عواقب عميقة وأن العلاج ضروري وعملي". وأضافت: "نشهد اختلافاً بين الأجيال. ففي حين لم يطلب العديد من المحاربين القدامى الجرحى من الحروب السابقة المساعدة قط، فإن جرحى اليوم يستجيبون بشكل مختلف تماماً".

يسارع الجيش الإسرائيلي إلى معالجة الأزمة النفسية المتفاقمة بين جنوده، مُجنّداً المئات من ضباط الصحة النفسية لمواجهة تداعيات الحرب المستمرة على جبهات متعددة. وقد أرسل خبراء إلى الخطوط الأمامية لمساعدة الجنود أثناء القتال، وأنشأ خطاً ساخناً، ووفر جلسات علاج جماعي للمقاتلين بعد انتهاء خدمتهم.

ورغم هذه الإجراءات، يُحذّر خبراء من أن إسرائيل ليست مُجهّزة بعد للتعامل مع هذا الحجم من الإصابات النفسية، وهي ثغرة أقرت بها إدارة إعادة التأهيل، قائلةً إن الأزمة تؤثّر على النظام الصحي الوطني بأكمله.

ونقلت وكالة "أسوشيتد برس" عن عدد من الجنود وعلماء النفس قولهم إن كثيرين منهم يفتقرون إلى الهدف ويجدون صعوبة في التركيز أو إقامة العلاقات، فيما يسيطر عليهم شعور متزايد باليأس مع استمرار الحرب.

وفي مواجهة هذا الواقع، ظهرت مبادرات أهلية لدعم المحاربين القدامى، منها مزرعة "باك تو لايف" في كيبوتس سدوت يام، التي أسسها آسي ناف تخليداً لذكرى صديقه أمير (داني) يارديناي، وهو مقاتل سابق في وحدة نخبوية انتحر العام الماضي بعد معاناة طويلة لاضطراب ما بعد الصدمة منذ حرب غزة عام 2014. تحوّلت المزرعة إلى ملاذ لعشرات الجنود السابقين، حيث يشاركون في جلسات علاجية تشمل الاستشارات النفسية والعلاج بالحيوانات.

وقال عالم النفس جاي فلومان، أحد مستشاري المزرعة، إن "التحدي الرئيسي هو إعادة دمج المحاربين القدامى في الحياة المدنية، ومساعدتهم على التعايش مع ذكرياتهم وربطهم من جديد بالحياة".

وأقرت مديرة برنامج إعادة التأهيل، لوريا، بأن "وصمة العار المرتبطة بالصحة النفسية لا تزال قائمة بين الجنود"، مؤكدةً أن "مكافحة هذه الوصمة أولوية قصوى". وأشارت إلى أن البرنامج يعمل على "جبهات متعددة"، تشمل حملات توعية عامة، وتعاوناً مع وسائل الإعلام، وبرامج تفاعلية مع المحاربين القدامى الأصغر سناً مثل مزارع العلاج والرياضات المغامرة.

مشاركة المقال: