في واقعة غير مسبوقة، تعرض متحف دمشق الوطني، الذي يُعد من أبرز المعالم الثقافية على مستوى العالم، لعملية سرقة استهدفت مجموعة من التماثيل الأثرية والمقتنيات النادرة. يُذكر أن هذا المتحف يصنف ضمن أهم عشرة متاحف عالمياً، ويضم بين جنباته مجموعات فريدة من الآثار التي تجسد تاريخاً عريقاً من الحضارات، بما في ذلك الحضارات اليونانية والرومانية والبيزنطية.
هذه السرقة، التي استهدفت القسم الكلاسيكي بالمتحف، وهو أحد الأقسام الأثرى والأكثر أهمية، أثارت موجة من الصدمة والاستنكار في الأوساط الثقافية والأثرية في سوريا والعالم. فالأمر لا يقتصر على الأضرار المادية التي لحقت بالمتحف، بل يتعداها إلى خسارة ثقافية فادحة للشعب السوري وللإنسانية جمعاء. فالمتحف ليس مجرد مكان لعرض الآثار، بل هو مرجع تاريخي حي يحفظ ذاكرة الحضارات التي ازدهرت في هذه المنطقة، وقد نُقلت إليه العديد من مقتنيات المتاحف السورية الأخرى خلال السنوات الأخيرة.
من بين المقتنيات المسروقة، آثار وكنوز وقطع نقدية ذهبية تعود إلى حقب تاريخية مختلفة، جمعها المتحف من مناطق متفرقة في البلاد. لا شك أن هذه السرقة تمثل كارثة وطنية بكل المقاييس، كونها تستهدف آثاراً وطنية ذات قيمة لا تقدر بثمن، مما يجعل فقدانها أمراً بالغ المرارة.
وعلى الرغم من هذا الحادث المؤسف، يبقى الأمل معقوداً على الجهات المعنية في استعادة هذه الآثار وإعادة الحق إلى نصابه. وقد باشرت قيادة الأمن الداخلي في دمشق على الفور التحقيق في ملابسات الحادث، وتقوم حالياً بعمليات تتبع وتحر دقيقة بهدف القبض على الجناة واستعادة المسروقات.
ورغم صعوبة المهمة التي تواجهها الجهات المختصة، نظراً لطبيعة المقتنيات المسروقة، إلا أن ثقة السوريين كبيرة في أن العدالة ستتحقق وأن الآثار ستعود إلى مكانها الطبيعي في المتحف. وعلى الرغم من الحزن العميق الذي خلفته هذه السرقة، سيظل متحف دمشق الوطني رمزاً للإرادة السورية في الحفاظ على هويتها الثقافية.
ومع استمرار الجهود في التحقيق وملاحقة الجناة، يبقى الأمل كبيراً في استعادة الآثار المسروقة لتبقى شاهدة على عظمة التاريخ السوري الممتد عبر آلاف السنين. نحن على ثقة بأن هذا الاعتداء على التراث السوري لن يمر دون محاسبة، وأن الحقوق ستعود يوماً ما، ليظل المتحف قلباً نابضاً للثقافة والهوية السورية. وائل العدس.