الأربعاء, 12 نوفمبر 2025 05:07 PM

ملتقى "آيريكس" في دمشق يبحث عن حلول لتحديات الاستثمار العقاري في سوريا

ملتقى "آيريكس" في دمشق يبحث عن حلول لتحديات الاستثمار العقاري في سوريا

انطلقت فعاليات "الملتقى الدولي للتطوير العقاري في سوريا (آيريكس)"، الذي يركز على معالجة قضايا القطاع العقاري السوري في مرحلة ما بعد الحرب، واستكشاف سبل إعادة الإعمار الشاملة. يُقام الملتقى بإشراف الشبكة التقنية للأعمال والفعاليات، وبالتعاون مع وزارة الأشغال العامة والإسكان.

المؤتمر، الذي انطلق يوم الثلاثاء 11 تشرين الثاني ويستمر لمدة يومين، يسلط الضوء على جاذبية السوق العقاري السوري، والظروف الخاصة التي تمر بها سوريا، والجوانب القانونية والمالية والتأمينية، بالإضافة إلى التحديات التي تواجه شركات التطوير العقاري، وأهمية استخدام التكنولوجيا والتسويق العقاري الحديث.

جاذبية السوق العقاري

خلال جلسة "جاذبية السوق العقاري السوري"، أوضح المتحدثون أن متطلبات المستثمرين الراغبين في دخول السوق السورية قد تغيرت، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة. وأكدوا على ضرورة إيجاد آليات جديدة لتذليل العقبات أمام الاستثمار العقاري والصناعي، وفتح المجال لفرص حقيقية، لا سيما على المستوى المحلي.

معاون وزير الأشغال العامة والإسكان، ماهر خلوف، أشار إلى أن الوزارة تعمل على تطوير التشريعات والقوانين لخلق بيئة استثمارية مستقرة وجاذبة، تضاهي تلك الموجودة في الدول المجاورة، مع مراعاة خصوصية الواقع السوري. وأكد أن هذه الخطوات تهدف إلى تحقيق الاستدامة القانونية وتعزيز ثقة المستثمرين الأجانب.

من جانبه، أكد المدير العام لمجموعة "بوزانت يعقوبيان"، ناظو يعقوبيان، على أهمية الاستفادة من الكفاءات السورية في الخارج، سواء من رجال الأعمال أو الخبرات الفنية والهندسية، معتبرًا أنهم يشكلون رصيدًا بشريًا واقتصاديًا هامًا يمكن أن يساهم في إعادة إعمار سوريا ونقل المعرفة والخبرة.

واقترح إنشاء مراكز تدريب متخصصة بالتعاون مع الجاليات السورية في الخارج لتأهيل العمالة المحلية ومواكبة التطور التكنولوجي في مجالات البناء والصناعة.

الرئيس التنفيذي لمجموعة "مدار ألمنيوم الصناعية"، محمد دعبول، شدد على ضرورة حماية الصناعة السورية خلال عملية إعادة الإعمار، من خلال فرض رسوم على المنتجات الأجنبية لحماية المنتجات المحلية. وأوضح أن الدعم الحكومي لا يعني منع الاستيراد، بل تحقيق توازن بين حماية الصناعة الوطنية وتوفير المواد بأسعار مناسبة للمستهلك.

رئيسة مجموعة "غلوري العالمية"، مجد شربجي، أشارت إلى أن المستثمر السوري يواجه صعوبات بسبب مشكلة الملكيات والبيروقراطية، بالإضافة إلى المشكلات اللوجستية المتعلقة بالكهرباء والماء.

كما تطرق المتحدثون إلى مشكلة إعادة توطين السكان في المناطق المدمرة وتنظيم المناطق العشوائية، مؤكدين أن عملية التعويض وإعادة التنظيم العمراني تتطلب وقتًا وجهدًا كبيرين من الدولة لضمان العدالة في إعادة الحقوق.

أكد المتحدثون على أهمية نقل التكنولوجيا الحديثة في مجال البناء والتشييد إلى سوريا وتطوير النظم والمعايير الهندسية المعتمدة، وتحديث "النورمات السورية" (المعايير أو المواصفات الفنية والهندسية المعتمدة) لتواكب التطور التقني العالمي. واشتكوا من ارتفاع تكاليف الطاقة في سوريا مقارنة بدول الجوار، مما يضعف تنافسية الإنتاج المحلي.

دور الدولة

في جلسة "خصوصية الواقع السوري"، لخص المتحدثون، ومن بينهم رئيس مكتب دولة الإمارات في الاتحاد العربي للاستثمار، خميس المزروعي، والرئيس التنفيذي في شركة مراسي العمانية القابضة، خالد المحروقي، والخبير الإقليمي في مجال الاستثمار والتسويق العقاري، زيد الشيخ نجيب، عدة نقاط يتعين على الحكومة القيام بها للتعامل مع الأزمة العقارية، بما في ذلك مراجعة القوانين العقارية والاقتصادية، والتدخل عند الضرورة، والحفاظ على مستوى ثابت من النشاط العقاري.

كما تطرقوا إلى التجارب الدولية في إدارة الأزمات العقارية، وأكدوا على ضرورة وجود خطة حكومية طارئة لتنظيم السوق العقارية، وتأسيس محاكم عقارية متخصصة، وتطوير القوانين العقارية لضمان الشفافية وحماية المستثمرين، وإدخال التكنولوجيا الرقمية لتوثيق الملكيات وتسهيل المعاملات، وتوفير تسهيلات تمويلية، ومراقبة المشاريع الكبرى.

ماذا عن المحور القانوني؟

تناولت جلسة المحور القانوني الجوانب القانونية المتعلقة بالقطاع العقاري في سوريا، بمشاركة المدير العام للمديرية العامة للمصالح العقارية، عبد الكريم إدريس، ورئيس لجنة الاستثمار والتطوير العقاري في غرفة تجارة دمشق، محمد مروان أورفه لي، ورئيس مجلس إدارة مركز دمشق الإقليمي للتحكيم الدولي، المحامي فراس صنوفي، ورئيس اللجنة القانونية في الاتحاد العربي للاستثمار والتطوير العقاري، كمال عدنان ملص.

أجمع المتحدثون على أن المرحلة الحالية تتطلب إصلاحات تشريعية جذرية تشمل قوانين الاستثمار وحقوق الملكية والتطوير العقاري، مؤكدين أن الاستقرار التشريعي هو الأساس لجذب المستثمرين، وأن القوانين الحالية بحاجة إلى تحديث يراعي المرونة والسرعة في التطبيق، مع الحفاظ على العدالة القانونية وحماية الأطراف المتعاقدة.

وأشاروا إلى أهمية إنشاء مراكز تحكيم عقارية وطنية، واعتماد العقود النموذجية، وتدريب الكوادر السورية في مجال التحكيم الدولي والعقود الإنشائية. وأكدوا أن المستثمر يبحث عن بيئة استثمارية آمنة، وقوانين واضحة، وجهة قضائية أو تحكيمية عادلة وسريعة البت.

كما تمت الإشارة إلى أن حوالي 50% من المساكن في سوريا بحاجة إلى إعادة تأهيل أو تنظيم قانوني، مما يجعل الحاجة إلى تشريعات عقارية حديثة أكثر إلحاحًا.

خلصت الجلسة إلى ضرورة تحديث القوانين العقارية، وإصدار قانون للتحكيم العقاري، ودراسة إمكانية تطبيق العقود الإسلامية النموذجية، وتأسيس مراكز وطنية للتحكيم والتوفيق العقاري، وتعزيز التعاون مع الاتحاد العربي للاستثمار والتطوير العقاري.

تكلفة إعمار سوريا

قدّر البنك الدولي تكلفة إعادة إعمار سوريا بنحو 216 مليار دولار، وفقًا لتقرير صدر في 21 تشرين الأول الماضي. وأشار التقرير إلى أن النزاع تسبب في تضرر ما يقرب من ثلث رأس المال الثابت الإجمالي لسوريا قبل الحرب، حيث قُدّرت الأضرار المادية المباشرة بنحو 108 مليارات دولار، وتضررت البنية التحتية بشكل كبير، تليها المباني السكنية وغير السكنية. وتعتبر محافظات حلب وريف دمشق وحمص الأكثر تضررًا.

وتُقدّر تكاليف إعادة إعمار الأصول المادية المتضررة بما يتراوح بين 140 مليار دولار و345 مليار دولار، مع تقدير متحفظ يُقدَّر بـ 216 مليار دولار.

مشاركة المقال: