أكد الدكتور عبد الرحمن محمد، أستاذ التمويل والمصارف في كلية الاقتصاد بجامعة حماة، على التطور الملحوظ الذي شهدته المالية الإسلامية في العقود الأخيرة، مشيراً إلى أن أدواتها وآلياتها أصبحت جزءاً هاماً من النظام المالي العالمي. وأضاف أنه في ظل التحديات الاقتصادية الراهنة، تزداد الحاجة إلى تعزيز دور المالية الإسلامية كوسيلة لتحقيق التنمية المستدامة والشمول المالي.
واعتبر محمد أن قرار مصرف سوريا المركزي بإنشاء "دائرة التميز في المالية الإسلامية" يمثل خطوة استراتيجية تهدف إلى تطوير أدوات مالية متوافقة مع الشريعة الإسلامية، وتعزيز دور التمويل الإسلامي في دعم الاقتصاد الوطني. وأوضح أن إنشاء هذه الدائرة يحمل أهمية كبيرة على عدة مستويات، منها تعزيز البحث والتطوير من خلال توفير قسم متخصص لتطوير أدوات مالية مبتكرة تتوافق مع الشريعة الإسلامية، مما يسهم في تحسين السياسات النقدية والمالية.
كما أشار إلى أن هذه الخطوة تدعم التنمية الاقتصادية من خلال التركيز على تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة والإسكان والبنية التحتية، مما يسهم في تحقيق أهداف التنمية الوطنية وجذب الاستثمارات، حيث تعتبر المالية الإسلامية قناة جاذبة للاستثمارات المحلية والأجنبية، وخاصة من الدول التي تعتمد على النظام المالي الإسلامي. بالإضافة إلى ذلك، يعزز هذا القسم الشمول المالي من خلال دمج شرائح واسعة من المجتمع في النظام المالي، وخاصة تلك التي تفضل التعامل مع أدوات مالية متوافقة مع الشريعة الإسلامية، ويحقق الاستقرار المالي من خلال تطوير أدوات مالية إسلامية تساعد المصرف المركزي على تحقيق توازن بين السيولة والاستقرار النقدي.
وحول ضرورة تطوير البنية المصرفية الإسلامية، أكد الدكتور محمد على أهمية إنشاء دائرة التميز في المالية الإسلامية لتطوير البنية المصرفية الإسلامية، مشيراً إلى حاجة المالية الإسلامية إلى أدوات مبتكرة تتماشى مع متطلبات العصر، مثل الصكوك الإسلامية والتمويل بالمشاركة. كما أشار إلى أن وجود قسم متخصص يعزز ثقة المستثمرين والمتعاملين في النظام المصرفي الإسلامي، ويسهم في تقديم خدمات مالية إسلامية متنوعة تلبي احتياجات مختلف شرائح المجتمع، ويتيح التكامل مع النظام المصرفي التقليدي، مما يعزز من كفاءة القطاع المصرفي ككل.
وعن الآثار السلبية المحتملة على المصارف التقليدية، أوضح محمد أنه قد يكون هناك بعض الآثار السلبية، مثل المنافسة على العملاء وتحديات التكيف وتأثير على السيولة. ومع ذلك، يمكن تقليل هذه الآثار من خلال تعزيز التعاون بين المصارف التقليدية والإسلامية، وتطوير سياسات تكاملية تضمن استفادة الجميع من النظام المالي المتنوع.
وختم محمد، برأيه كأكاديمي اقتصادي، بأن إنشاء دائرة التميز في المالية الإسلامية يمثل خطوة استراتيجية نحو تعزيز دور المالية الإسلامية في تحقيق التنمية الاقتصادية والشمول المالي في سوريا، وأن نجاح هذه المبادرة يعتمد على مدى قدرتها على تطوير أدوات مالية مبتكرة، وجذب الاستثمارات، وتعزيز الثقة في النظام المصرفي.
محمد راكان مصطفى