ذكرت صحيفة تلغراف أن المستشار الألماني فريدريش ميرتس يسعى لإعادة السوريين المقيمين في ألمانيا إلى وطنهم، معتقداً أن مبرر بقائهم قد انتهى بانتهاء الحرب في سوريا، إلا أن وزير خارجيته يظهر تشكيكاً في هذا الأمر.
وأوضحت الصحيفة، في تقرير بقلم هنري دونوفان، أن الحكومة الألمانية أطلقت ما وصفته بحملة إعادة توطين تهدف إلى زيادة أعداد طالبي اللجوء العائدين إلى بلدانهم بشكل ملحوظ، محذرة من أن من يرفض العودة طوعاً قد يواجه الإجبار لاحقاً.
ورأت الصحيفة في تصريحات ميرتس القوية والمقصودة محاولة لسحب البساط من تحت حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني الشعبوي، إلا أن تحويل هذه الوعود إلى أفعال يواجه صعوبات، خاصة لحزب ميرتس الذي تتغلب عليه البيروقراطية الألمانية التقليدية، والتي تنفر من أي تحرك جذري أو حاد.
وتجلى هذا التناقض بوضوح، بحسب الصحيفة، في تشكيك وزير الخارجية الألماني يوهان فاديفول علناً في كون سوريا صارت "آمنة"، قائلاً إنها "تبدو أسوأ حالاً من ألمانيا عام 1945".
ومع أن ميرتس يحاول توجيه السياسة الألمانية نحو نهج أكثر واقعية، فإن تصريح فاديفول يعيد تذكير الجميع بأن الطريق أمام هذا التحول لا يزال طويلاً، وأن ألمانيا لم تتجاوز بعد عقدتها التاريخية، كما يبرز عجز الحكومة عن فرض الانضباط اللازم لتحقيق "تحول في سياسات الهجرة".
وتصدر خبر تناقض المستشار ووزير خارجيته الصفحات الأولى في الصحف الألمانية، لتبدو الحكومة التي وعدت بالانضباط والحزم وكأنها مجموعة من طلاب اتحاد جامعي يتشاجرون، كما يقول الكاتب.
وبدا ميرتس اليوم زعيماً ضعيف النفوذ، أسير أخطاء فريقه، ومطارداً من شعبية حزب البديل، وبدأ مشروعه لإحياء التيار المحافظ في ألمانيا يتهاوى، بعد أن أضعف وزير خارجيته سياسته في الهجرة بخطاب عاطفي يخلط بين الإحساس بالذنب والقيادة السياسية، في حين ينشغل شركاؤه في الائتلاف بالخلافات في الميزانية، كما تقول الصحيفة البريطانية.
وأشارت الصحيفة إلى أن فاديفول يتصرف بدافع الضمير لأنه يرى في أنقاض حلب السورية صدى لهامبورغ ما بعد الحرب، متناسياً أن منصب وزير الخارجية ليس موقعاً للانفعال، بل للعمل الجاد.
وخلص الكاتب إلى أن ما كان يفترض أن يكون "تصحيحًا محافظا للمسار الألماني" بدأ يتحول إلى نهاية باهتة لعصر المستشارة السابقة أنجيلا ميركل، حين تراجع الانضباط أمام استعراضات أخلاقية وحكومة تائهة بين الدفاع عن الحدود وتقديم الاعتذارات. (aljazeera)