الخميس, 6 نوفمبر 2025 09:30 PM

حلب تحت وطأة النفايات: ورشة عمل تبحث عن حلول مستدامة لأزمة مستمرة

حلب تحت وطأة النفايات: ورشة عمل تبحث عن حلول مستدامة لأزمة مستمرة

لا تزال أحياء مدينة حلب تعاني من مشكلة تراكم النفايات، مما يؤثر سلبًا على حياة السكان اليومية ويشكل خطرًا على صحتهم. ورغم الجهود التي تبذلها المحافظة لمعالجة هذه الأزمة، إلا أن تأثير هذه الجهود لم يظهر على أرض الواقع حتى الآن.

في خطوة جديدة نحو إيجاد حلول لهذه المشكلة، عُقدت ورشة عمل برئاسة محافظ حلب، عزام الغريب، يوم الأربعاء الموافق 5 تشرين الثاني، لمناقشة حلول مستدامة تهدف إلى تحسين مستوى النظافة في المدينة. وأوضحت محافظة حلب عبر صفحتها على موقع “فيسبوك” أن الورشة تهدف إلى تطوير نظام العمل في قطاع النظافة والارتقاء بجودة الخدمات المقدمة بشكل مستمر.

أكوام القمامة تعيق حركة السكان

في حي ميسلون، يعبر محمد معراتي عن استيائه من تحول الشوارع الفرعية في الحي إلى مكبات للنفايات، خاصة بعد عطلة نهاية الأسبوع، مما يجبر السكان على المرور بين أكوام القمامة لقضاء حاجاتهم اليومية. ويضيف محمد لعنب لدي أن تراكم النفايات يزيد من معاناة السكان وينشر الروائح الكريهة والحشرات، مما يهدد صحة الأطفال وكبار السن.

وفي حي الميدان، يؤكد محمد بلال أن الوضع لم يتغير منذ أشهر، حيث أن قلة الحاويات وتدهور حالة بعضها يجعلان التخلص من النفايات مهمة صعبة على السكان. ويلجأ البعض إلى حرق النفايات بشكل جزئي داخل الحي بسبب عدم انتظام جمع النفايات. ويشير محمد لعنب بلدي إلى أن الأطفال والمارة يضطرون لتجنب بعض الشوارع التي تتحول إلى ممرات ضيقة بين أكوام القمامة، مما يزيد من المخاطر الصحية والبيئية.

أما في حي الأعظمية، وبالقرب من مدرسة “عبد الوهاب شواف”، يوضح عبد الله حردان أن تراكم النفايات على الأرصفة والشوارع الضيقة يعيق الحركة اليومية للطلاب والموظفين والسكان، ويحول محيط المدرسة إلى بيئة غير آمنة وغير مناسبة للتعليم أو اللعب. ويضيف عبد الله، لعنب بلدي، أن الحملات السابقة لم تحدث أي تغيير ملموس، حيث يستمر الوضع على ما هو عليه، مما يزيد من إحباط السكان.

وفي حي الفردوس، يؤكد مصطفى المصطفى أن المبادرات الرسمية التي أعلنت عنها المحافظة خلال الأشهر الماضية لم تنعكس على أرض الواقع، مما يجعل بعض الشوارع مكتظة بالقمامة لساعات طويلة خلال اليوم. ويضيف لعنب بلدي أن السكان يواجهون صعوبة في التخلص من المخلفات المنزلية، وأن الوضع العام يزيد من مشكلات النظافة البيئية ويزيد من احتمال انتشار الأمراض.

تحديات تواجه الحل

أوضح مسؤول قطاع النظافة في منطقتي هنانو والنيرب، عبد السلام الراعي، لعنب بلدي، أن ملف النظافة في المدينة يواجه عدة تحديات، منها نقص الكفاءات المتخصصة في عمل النظافة ونقص اليد العاملة القادرة على تغطية الاحتياجات اليومية. ويشير إلى أن الاحتياجات الفعلية تفوق الموارد المتاحة، مما يترك بعض المناطق محرومة من الخدمات الأساسية.

ويضيف الراعي أن الوضع يزداد تعقيدًا بسبب قلة الآليات والمعدات اللازمة لجمع ونقل النفايات، مما يزيد الضغط على العمال القلائل المتوفرين ويؤثر على سرعة وكفاءة جمع القمامة. ويؤكد أن الحلول التقنية وحدها لا تكفي، بل يجب أن يكون لدى المواطنين وعي بيئي وصحي، وأن يتم وضع القمامة في أماكن محددة وفصل المواد القابلة لإعادة التدوير عن المخلفات الأخرى.

ويرى الراعي أن معالجة هذه الإشكالية تتطلب خطة متكاملة تشمل تدريب العمال ورفع كفاءتهم، وتطوير آليات العمل، وحملات توعية مجتمعية مستمرة.

ورشة عمل للبحث عن حلول

أعلنت محافظة حلب أن ورشة العمل التي عقدت لبحث واقع النظافة في المدينة، شدد فيها المحافظ عزام الغريب على أن تحسين هذا القطاع يتطلب “حلولًا استراتيجية طويلة الأمد” تضمن استدامة الأثر ورفع سوية الخدمات في المدينة. وأشار إلى أن الورشات ستعقد بشكل أسبوعي “للوصول إلى حلول جذرية لمشكلة النظافة”.

وخلال الورشة، عرض غريب أبرز التحديات التي تواجه القطاع، منها نقص الحاويات وتهالك قسم كبير من الآليات العاملة، مما يستدعي تأمين ضواغط جديدة وزيادة عدد العمال لضمان جمع القمامة بشكل منتظم. كما تم التطرق إلى مشكلة اختلاط النفايات الطبية مع المنزلية، وما تشكله من خطر على الصحة العامة والبيئة. وأوضح ضرورة تنظيم حملات توعية مجتمعية لتعزيز ثقافة النظافة والمواطنة البيئية.

وأكد المحافظ أن تطوير القطاع يتطلب تعاونًا بين جميع الجهات الخدمية والمجتمعية، مع إعداد دراسة دقيقة للاحتياجات الفعلية في كل حي لضمان توزيع الموارد وخطط العمل وفق أسس علمية واضحة. وشدد المشاركون في الورشة على أهمية رفع كفاءة إدارة النفايات والخدمات الأساسية، عبر زيادة عدد الحاويات وتوزيعها بما يتناسب مع الكثافة السكانية، ومنع حرق النفايات لما يسببه من أضرار بيئية وصحية، وتشجيع إعادة التدوير. كما تم التأكيد على تدريب العاملين ورفع كفاءتهم المهنية، وتفعيل الفرز من المصدر لتحسين جودة المواد القابلة للتدوير، إلى جانب إشراك المؤسسات التعليمية في الحملات البيئية لنشر الوعي بين مختلف فئات المجتمع.

وعود سابقة

سبق أن أوضح رئيس مجلس مدينة حلب، محمد علي العزيز، لعنب بلدي، أن تفاقم أزمة القمامة في الأحياء الشرقية للمدينة، ولا سيما في حي الميدان، يعود إلى مجموعة من العوامل المتراكمة. وأشار إلى أن النقص في الضاغطات، وقلة عدد الحاويات، ونقص اليد العاملة، إلى جانب زيادة عدد السكان بعد “تحرير” المدينة، كلها أسباب أساسية ساهمت في استمرار تراكم النفايات وصعوبة إدارتها بشكل يومي.

وبحسب العزيز، من المتوقع خلال الفترة المقبلة توقيع اتفاقية تعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP)، وإطلاق حملة تحت شعار “لعيونك يا حلب”. وتهدف الإجراءات المحتملة إلى زيادة عدد الضاغطات والحاويات، وتأمين تبرعات لتغطية أجور بعض العمال، في محاولة لتعزيز قدرة القطاع على الاستجابة للاحتياجات المتزايدة. وأشار أيضًا إلى وجود خطة مستقبلية لتسليم ملف النظافة لشركات خاصة، بحيث تتولى عملية الجمع من بدايتها وحتى تدوير النفايات واستخراج الطاقة منها.

مشاركة المقال: