في ظل التطورات المتسارعة التي تشهدها كرة القدم السورية، ومع اقتراب موعد الانتخابات المصيرية لاتحاد كرة القدم في 20 تشرين الثاني الجاري، تثار تساؤلات عديدة حول الجوانب القانونية والرقابية لهذه العملية.
بهدف إزالة أي غموض وتوضيح الحقائق للجمهور الرياضي، توجهنا إلى المستشار القانوني الدكتور فراس المصطفى، ضابط النزاهة والامتثال في الاتحاد العربي السوري لكرة القدم، ورئيس لجنة الانضباط والأخلاق، ونائب الرئيس في هيئة قضائية في الاتحاد الآسيوي وعضو لجنة قضائية في غرب آسيا، لإجراء حوار صريح ومفصل يكشف فيه عن آخر المستجدات ويوضح الأمور.
دكتور فراس، قبل البدء بالتفاصيل، هناك حديث عن اهتمام دولي بالانتخابات المقبلة. بصفتكم مسؤول النزاهة والامتثال، ما هي آخر التطورات في هذا الشأن؟
أهلاً بكم وبالإخوة القرّاء. نعم، هذا صحيح. في إطار حرصنا على ضمان أعلى معايير الشفافية، فإنني على تواصل مستمر وشبه لحظي مع الهيئات الدولية. ويسرني أن أكشف لكم اليوم عبر منبركم، أنني تلقيت يوم أمس إفادة مباشرة من الأخ الزميل رئيس القسم المختص في الاتحاد الدولي لكرة القدم (FIFA)، خلال اجتماعنا تفيد بوجود احتمالية كبيرة جداً لإيفاد وفد رسمي من الفيفا لحضور أعمال الجمعية العمومية الانتخابية المقررة في 20 الشهر الحالي بدل الحضور عبر الأثير، هذه الخطوة، إن تمت، ستكون رسالة واضحة وتؤكد المؤكد بأن كرة القدم السورية تسير على الطريق الصحيح نحو الحوكمة الرشيدة.
شكراً على هذا الخبر المهم. بالحديث عن الإجراءات، هناك بعض اللغط حول طبيعة عملكم. هل يمكن أن توضح لنا مهام ضابط النزاهة والامتثال ودوركم في العملية الانتخابية؟
بكل سرور. منصب ضابط النزاهة والامتثال هو منصب مستقل فنياً استُحدث بطلب من الفيفا والاتحاد الآسيوي. مهمتي هي ضمان امتثال اتحاد الكرة للوائح وبخصوص النزاهة منع التلاعب في المسابقات وتكريس الأخلاق. أما عن دوري في الانتخابات، كضابط التدقيق والامتثال فهو رقابي بحت وغير مباشر. نحن لا نتدخل في عمل (لجنة الانتخابات) المستقلة، فهي صاحبة الاختصاص الأصيل. دوري يقتصر على مراقبة أي خروقات أخلاقية والتعامل مع أي شكوى تصلنا وفق الأصول القانونية، مع احترامنا الكامل لمبدأ الفصل بين السلطات واستقلالية اللجان.
أُثير جدل حول التعديلات الأخيرة على النظام الأساسي، والبعض ربطها بخدمة مرشحين معينين. ما حقيقة الأمر؟
هذا الربط غير دقيق. التعديلات كانت مُخرجات الجمعية العمومية الاستثنائية، وهي أعلى سلطة في الاتحاد، وجاءت بناءً على طلب ومناقشات الأعضاء أنفسهم. دوري كخبير قانوني كان ضمان توافق هذه التعديلات مع اللوائح الدولية، لا لتوجيهها لمصلحة أي طرف. القول بغير ذلك هو مخالفة للواقع، فالقرار كان جماعياً وديمقراطياً.
هناك من انتقد لجنة الانتخابات لقبولها أسماء عليها (علامات استفهام) واعتبروا صمتكم تواطؤاً. كيف تردون؟
كما ذكرت، لجنة الانتخابات هيئة مستقلة وقراراتها تخضع للوائح. (علامات الاستفهام) تظل في إطار الكلام العام ما لم تترجم إلى أدلة مادية أو شكاوى رسمية تقدم للجنة المختصة في الوقت المحدد. الصمت ليس تواطؤاً، بل هو احترام للإجراءات القانونية. دور لجنة الانضباط يبدأ في حال تقديم شكوى موثقة، وهذا لم يحدث. الخلط بين صلاحيات اللجان هو سوء فهم للهيكل التنظيمي والقانوني للاتحاد.
أخيراً، ما رسالتكم للشارع الرياضي السوري ولأعضاء الجمعية العمومية قبل أيام من هذا الاستحقاق الانتخابي المهم؟
رسالتي إلى الشارع الرياضي السوري الأبيّ هي رسالة أمل وثقة بالمستقبل. لقد مررنا بمرحلة دقيقة وحساسة، وهنا لا بد من توجيه تحية تقدير لمغوار الدأب الأمين العام المكلف إدارة شؤون الاتحاد الأخ الأستاذ محمد مازن دقوري، الذي كان بحق قطب الرحى في هذه الفترة المفصلية، وعمل بصمت وتفانٍ للحفاظ على استمرارية عمل الاتحاد رغم كل الصعوبات. وأنا لستُ من الذين يحبون أن يُحمدوا بما لم يفعلوا، فالشكر موصول لكل من اجتهد وعمل، سواء أصاب أم أخطأ، رسميين كانوا أم غير رسميين، أصحاب صفة تنفيذية أو استشارية. الشكر موصول للجميع. لقد عملنا معاً، كلٌّ من موقعه، على حفظ كيان الاتحاد كسفينة تعبر بحراً متلاطماً لتصل بالكرة السورية إلى بر الأمان. والآن، الأمانة بين أيديكم. أما رسالتي إلى السادة أعضاء الجمعية العمومية، يا من تقفون اليوم على عتبة تاريخية فاصلة، أقول: إنكم أمام مهمة بناء صرحٍ من أساسه، فالمجلس القادم لن يرث مجداً، بل سيصنعه. اختياركم هو الحجر الأول في هذا البناء. فلتكن اختياراتكم حرةً، نزيهةً، ومسؤولة، ولتضعوا نصب أعينكم مصلحة الوطن واللعبة فوق كل اعتبار. كونوا على يقين بأن هذه العملية ستجري في ضوء الشمس، تحت رقابة الجميع، لتكون شهادة حق على مرحلة جديدة، عملاً بالتوجيه الرباني في محكم تنزيله: ﴿…وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ…﴾. والله ولي التوفيق.
ناصر النجار