حذر الدكتور والباحث الاقتصادي رازي محي الدين من صدمة سعرية محتملة عقب رفع أسعار الكهرباء، معتبراً أن هذه الخطوة قد تؤدي إلى تداعيات اقتصادية واجتماعية غير مرغوبة.
وفي تصريح لـ”الوطن”، أكد محي الدين أن عملية تصحيح نظام الأسعار وإلغاء التشوهات السعرية في قطاع الكهرباء خطوة ضرورية وصحية على المدى الطويل، لما لها من دور في تحقيق كفاءة أكبر في استهلاك الطاقة وترشيد استخدامها، خاصة مع اقتراب موسم الشتاء وزيادة الطلب على الكهرباء.
وأشار محي الدين إلى أن هذه الخطوة قد تسهم في تحفيز العودة العكسية من المدن إلى الأرياف نتيجة ارتفاع تكاليف المعيشة في المدن، وقد تشجع الأسر والمنشآت الاقتصادية على التحول نحو الطاقة الشمسية كمصدر دائم ومستدام للتوفير في استهلاك الكهرباء.
إلا أنه حذر من أن الرفع الكبير والمفاجئ للأسعار قد يؤدي إلى صدمة اقتصادية واجتماعية، تدفع الحكومة لاحقاً إلى التراجع عن قراراتها، مما ينعكس سلباً على هيبة الدولة ويعزز الأصوات الشعبوية في الشارع، ويضعف قدرة الحكومة على قيادة عملية الإصلاح بثقة واستقرار.
كما أوضح أن القرار الحالي يمثل معالجة جزئية ومجتزأة للمشكلة، إذ إنه يجعل الأسر والمنشآت النظامية تتحمل أعباء فواتير الكهرباء عن الورشات والمنازل التي تقوم بسرقة الكهرباء، مما يشجع على اتساع اقتصاد الظل ويكرس الفساد والرشوة.
ونبه محي الدين إلى أن غياب آلية دقيقة لقياس الاستهلاك الشهري الفعلي، والاعتماد على قراءات الكشافين، قد يؤدي إلى إصدار فواتير غير دقيقة وأحياناً فلكية، وهي مشكلة متجذرة منذ فترات سابقة ولم تعالج حتى الآن.
وأكد أنه لا يجوز للدولة أن تطبق إصلاحات سعرية على قطاع الكهرباء، بينما تفرض على القطاع الخاص (كالمدارس والجامعات والمشافي) تسعيراً غير عادل أو مقيد، داعياً إلى تحقيق عدالة تسعيرية شاملة أو تأجيل الإصلاح إلى حين توافر الظروف المناسبة.
واختتم محي الدين بالتأكيد على ضرورة أن تحافظ الحكومة على دورها كوسيط نزيه في السوق، لا كجهة ريعية تسعى لتحقيق إيرادات سهلة من خلال الرسوم والضرائب وبيع السلع بأسعار تفوق تكلفتها، محذراً من أن ذلك يؤدي إلى تشوه أنظمة التسعير وفقدان العدالة الاقتصادية.
ودعا إلى فتح المجال أمام القطاع الخاص للاستثمار في مجالات الطاقة المختلفة واستيراد الغاز والنفط، بما يعزز التنافسية ويخفض الأسعار ويجذب الاستثمارات ويحسن جودة الخدمات.