الأحد, 26 أكتوبر 2025 10:46 PM

التحولات الاقتصادية في سوريا: هل تحمي شبكات الأمان الاجتماعي الفئات الأكثر ضعفاً؟

التحولات الاقتصادية في سوريا: هل تحمي شبكات الأمان الاجتماعي الفئات الأكثر ضعفاً؟

تواصل وزارة الاقتصاد والصناعة جهودها لبناء هيكل اقتصادي قوي قادر على مواجهة التحديات وتحقيق النمو. وأكد الوزير نضال الشعار في منشور على صفحته في فيسبوك على أهمية الجانب الاجتماعي في هذه العملية، مشيراً إلى أن أي تحول اقتصادي يفرض ضغوطاً على الفئات الأضعف، مما يستدعي إقامة شبكات حماية اجتماعية فعالة تضمن حق الفقراء في حياة كريمة.

وأوضح الشعار أن التحول نحو اقتصاد أكثر انفتاحاً وإنتاجية يجب أن يصاحبه سياسات اجتماعية متوازنة تحمي الطبقات الهشة من تقلبات المعيشة. وأشار إلى أن الانتقادات الشعبية المتكررة تعبر عن قلق مشروع ناتج عن الأعباء اليومية وارتفاع الأسعار، لكنها لا تلغي الجهود الحكومية المستمرة لتثبيت الاستقرار المعيشي وإعادة تشغيل القطاعات المنتجة.

وأكد الوزير أن الظروف الراهنة تفرض التفكير بجدية في إقامة نظام دعم ذكي يضمن وصول الدعم إلى مستحقيه، معتبراً أن القيمة الحقيقية لأي إصلاح اقتصادي تقاس بمدى قدرته على حماية الفقراء وتمكينهم من المشاركة في عملية الإنتاج، وأن العدالة الاجتماعية هي الأساس لأي نهوض اقتصادي مستدام.

شبكات أمان اجتماعي تضمن العدالة والاستقرار

وفي تصريح خاص لـ”الحرية”، أكد الخبير الاقتصادي الدكتور إيهاب اسمندر أن التحول الاقتصادي الذي تشهده سوريا اليوم يحتاج إلى شبكات أمان اجتماعي قوية تضمن العدالة والاستقرار، مشدداً على أن الاقتصاد القوي هو الذي يبني الإنسان قبل أن يبني الأرقام.

وأوضح اسمندر أن سوريا تمر بمرحلة تحول عميقة بعد حرب طويلة، ما جعل الفئات الهشة من محدودي الدخل والنازحين وكبار السن والأطفال تواجه ضغوطاً معيشية قاسية، أبرزها الفقر المدقع وانهيار سبل العيش. وأشار إلى أن الاقتصاد السوري انكمش بأكثر من 50% بين عامي 2011 و2024، ما أدى إلى وقوع نحو 90% من السكان تحت خط الفقر، فيما ما زال كثيرون يعتمدون على المساعدات والأعمال المؤقتة لتأمين احتياجاتهم الأساسية.

ولفت إلى أن ضعف القوة الشرائية وارتفاع تكاليف المعيشة ما يزالان من أبرز مظاهر الضغط على المواطنين، موضحاً أن الأسرة السورية تستهلك اليوم نحو 65% من دخلها على الغذاء، في حين أن النسبة المثالية لا تتجاوز 30%، ما يعكس تدني الدخل واستمرار الحاجة إلى تحسين الأجور. كما لفت الخبير إلى ما وصفه بـ«الضرر الهيكلي العميق» في الخدمات الأساسية والبنى التحتية، الأمر الذي يضاعف من معاناة المواطنين ويؤخر التعافي الاقتصادي.

ونبه اسمندر إلى ظاهرة رأس المال الميت، إذ يمتلك كثير من السوريين أملاكاً غير منظمة أو غير قابلة للرهن، ما يحرمهم من إمكانية تحويلها إلى أصول إنتاجية تسهم في تمكينهم الاقتصادي. وبين أن شبكات الحماية الاجتماعية هي العمود الفقري لأي اقتصاد يسعى إلى التحول بعد الأزمات، وتشمل برامج العمل والتدريب والمساعدات النقدية والعينية والدعم الشامل الذي يجمع بين التمويل والتأهيل، مؤكداً أن إنشاء مثل هذه الشبكات ليس ترفاً بل ضرورة وطنية.

وأكد أن هذه البرامج تساعد في منع تفاقم الأزمة الإنسانية، وتعزز الاستقرار الاقتصادي من خلال تحفيز الاستهلاك والنمو، كما تعيد بناء الثقة بين المواطن والدولة، وتسهم في تشكيل قاعدة بشرية مؤهلة للتعافي المستقبلي. وحول المدى الزمني لتلمس نتائج التحول الاقتصادي، أوضح اسمندر أن الفئات العليا عادة تكون أول من يجني ثمار الإصلاح، فيما تكون الطبقات الفقيرة آخر من يشعر بآثاره الإيجابية، ما يتطلب وجود برامج حماية فاعلة لتقليل الفجوة الاجتماعية خلال مرحلة الانتقال.

وختم تصريحه بالقول: إذا ما وُضعت خطة متكاملة تراعي العدالة وتستثمر في الإنسان قبل رأس المال، يمكن لسوريا أن تبدأ مرحلة ازدهار اقتصادي حقيقي خلال عقد واحد، يكون فيه المواطن في قلب المعادلة لا على هامشها.

صمام أمان وطني

في زمن تتسارع فيه مفردات الاقتصاد، يبقى السؤال الأعمق: هل تُقاس قوة الدولة بصلابة أرقامها أم بقدرة مواطنيها على الصمود؟ بين طموح التحول ومتطلبات العدالة، تبدو شبكات الحماية الاجتماعية اليوم ليست مجرد بند في خطة الإصلاح، بل صمام أمان وطني لحماية ما تبقى من التوازن بين السوق والإنسان.

اخبار سورية الوطن 2_وكالات _الحرية

مشاركة المقال: