السبت, 25 أكتوبر 2025 11:37 PM

خلافات متصاعدة بين ترامب ونتنياهو حول الضفة الغربية واتفاق غزة: ما الأبعاد والتداعيات؟

خلافات متصاعدة بين ترامب ونتنياهو حول الضفة الغربية واتفاق غزة: ما الأبعاد والتداعيات؟

بقلم: حسن حردان

تزايدت حدة الخلافات بشكل واضح بين إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، وذلك بسبب عدم التزام نتنياهو بخطة وقف الحرب في غزة، والذي يتجلى في الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة لاتفاق وقف إطلاق النار. بالإضافة إلى ذلك، هناك خلاف حول مصادقة الكنيست الإسرائيلي في قراءة أولى على مشروع الحكومة بضمّ الضفة الغربية إلى كيان الاحتلال. وقد تصاعد هذا الخلاف إلى العلن، حيث وجه ترامب تحذيرات لنتنياهو من الاستمرار في هذه السياسة، ودعاه إلى التراجع عنها، معتبراً أنها تلحق الضرر بالخطط الأميركية في المنطقة وتعيق جهود ترامب لإنقاذ "إسرائيل" من عزلتها الدولية، وتسمم العلاقات الأميركية العربية.

تثير هذه التطورات تساؤلات مهمة: هل الخلاف بين الجانبين حقيقي وجوهري، أم أنه مجرد خلاف تكتيكي؟ وهل يرتبط هذا الخلاف بضغوط يتعرض لها ترامب من قبل اللوبيات اليهودية النافذة في أميركا، والتي قد تكون غير راضية عن سياسات نتنياهو التي ألحقت الأضرار بمصالح اليهود في العالم وتسببت في عزلتهم وعزلة "إسرائيل"؟ وإلى أي مدى يمكن أن يصل ترامب في تهديداته لنتنياهو إذا أصر الأخير على عدم الانضواء في إطار الاستراتيجية الأميركية في المنطقة والاستمرار في سياساته الخاصة؟ وما هي انعكاسات ذلك على العلاقات الأميركية الإسرائيلية، وعلى الوضع الداخلي في إسرائيل؟

أولاً، هل الخلاف استراتيجي أم تكتيكي؟ من الضروري الإشارة إلى أن الخلاف حقيقي وجوهري في سياق المصلحة الاستراتيجية الأميركية الأوسع، ولكنه تكتيكي من حيث الأهداف المرحلية لكل طرف.

1- الخلاف جوهري واستراتيجي بالنسبة لترامب: يرى ترامب أن سياسات نتنياهو، وخاصة التحرك نحو ضم الضفة الغربية، تعرقل جهوده الأكبر في المنطقة، مثل إبرام اتفاقيات إقليمية جديدة وترسيخ النفوذ الأميركي الاستعماري. وقد تلحق الضرر بالعلاقات الأميركية العربية التي يسعى إلى تعزيزها وتوسيعها. كما أن عدم التزام "إسرائيل" بخطة وقف إطلاق النار في غزة يهدد بانهيار الهدنة برمتها، وهو إنجاز دبلوماسي كبير يسعى ترامب لنسبه إلى إدارته والبناء عليه لتسويق نفسه كصانع "سلام".

2- الخلاف تكتيكي بالنسبة لنتنياهو: يسعى نتنياهو للحفاظ على ائتلافه الحكومي الذي يضم قوى يمينية متشددة تضغط باتجاه ضم الضفة الغربية واستمرار العمليات العسكرية في غزة. الضغوط الأميركية تجبره على التريث أو سحب هذه المشاريع مؤقتًا لتجنب خسارة الدعم الأميركي الكامل، ولكنه قد لا يتخلى عن أجندته طويلة الأمد. ومع ذلك، فإن إظهار الخلاف علنًا من قبل نتنياهو هو محاولة منه لامتصاص غضب اليمين الإسرائيلي المتشدد، بينما يعمل خلف الكواليس لإرضاء واشنطن جزئيًا.

ثانياً، مواقف ترامب ومدى ارتباطها بضغط اللوبيات اليهودية في أميركا: يسود اعتقاد بأن جزءًا من الضغط على نتنياهو يأتي بشكل غير مباشر من مراكز نفوذ يهودية أميركية (ليست بالضرورة مؤيدة لترامب بالكامل)، والتي باتت تدرك أن استمرار سياسات نتنياهو المتشددة ورفضه لحل الدولتين أو التسويات الإقليمية، يلحق المزيد من الأضرار الجسيمة بصورة "إسرائيل" على المستوى الدولي، والتي باتت في أدنى مستوى لها منذ قيامها على أرض فلسطين المحتلة.

إن العزلة الدولية المتزايدة لـ "إسرائيل"، خاصة بعد تصويت الكنيست الأولي على ضم الضفة، تهدد المصالح اليهودية حول العالم وتجعل الدفاع عن "إسرائيل" في المحافل الدولية أكثر صعوبة، وهو ما قد يدفع بعض اللوبيات إلى تفضيل استراتيجية أميركية أكثر توازنًا، تضمن بقاء الدعم الأميركي مع تقليل العزلة الدولية. إلى جانب ذلك، يركز ترامب على صفقات ومصالح استعمارية أميركية مباشرة، ويرى أن نتنياهو قد أصبح عائقًا أمام هذه المصالح، سواء من ناحية العلاقات مع الدول العربية، أو لناحية نجاح خطته لوقف إطلاق النار.

ثالثاً، إلى أي مدى يمكن أن يذهب ترامب في تهديداته لنتنياهو؟ يبدو أن ترامب مستعد للذهاب بعيدًا في تهديداته، لا سيما في سياق مشروع ضم الضفة الغربية:

1- هدد ترامب صراحة بأن "إسرائيل ستفقد كل دعم الولايات المتحدة" إذا مضت قدمًا في ضم الضفة الغربية، معللاً ذلك بوعده للدول العربية. هذا يضع "الضم" كخط أحمر يمكن أن يؤدي إلى وقف الدعم العسكري أو الدبلوماسي لـ "إسرائيل" (باستخدام الفيتو في الأمم المتحدة مثلاً) جزئياً أو كلياً.

2- تحرك ترامب بدون نتنياهو، حيث تشير تقارير إلى أن ترامب أعرب عن "خيبة أمله" وأنه يخطط للتحرك في الشرق الأوسط "بدون انتظاره"، مما يعني إمكانية إبرام اتفاقيات إقليمية أو المضي في خطة غزة بالتعاون مع أطراف أخرى.

3- المنطق التجاري لترامب: ترامب يفكر بـ "منطق رجل الأعمال وصانع الصفقات"، وإذا رأى أن نتنياهو يعيق "الصفقة الكبرى" (اتفاقية وقف إطلاق النار/ التطبيع)، فإنه قد يمارس ضغوطاً غير مسبوقة أو حتى يسحب الدعم... وهو ما هدد به نتنياهو علناً.

رابعاً، انعكاسات الخلاف على العلاقات الثنائية، والداخل الإسرائيلي:

1- الانعكاسات على العلاقات الأميركية الإسرائيلية:

- توتير العلاقة بشكل غير مسبوق: على الرغم من الدعم التاريخي القوي من ترامب لـ "إسرائيل"، فإن الخلاف الحالي على قضايا جوهرية (وقف النار والضم) يعد توتراً كبيراً في العلاقات.

- تغيير قواعد اللعبة: إذا نفذ ترامب تهديداته، فإن ذلك سيعيد تشكيل العلاقة، وستخضع "إسرائيل" لضوابط أميركية صارمة تتجاوز ما اعتادت عليه من "دعم مطلق".. لأنها لا تستطيع الاستغناء عن الدعم الأميركي الذي يعتبر بالنسبة لها كالمريض الذي يحتاج الى المصل بصورة دائمة.

2- الانعكاسات على الداخل الإسرائيلي:

- تزايد الضغط على نتنياهو: إن التهديد بخسارة الدعم الأميركي الكامل هو تهديد مصيري لأي حكومة إسرائيلية. هذا يزيد الضغط على نتنياهو من داخل المؤسسة الأمنية والسياسية (خاصة الوسط والمعارضة) للالتزام بالاستراتيجية الأميركية.

- تصدع الائتلاف: يمكن أن يؤدي هذا التوتر إلى تفكيك الائتلاف الحكومي الإسرائيلي الهش، حيث يرفض نتنياهو التنازل للمتطرفين لإرضاء أميركا، مما قد يدفعه للاعتماد على المعارضة (كما لمح يائير لابيد) لإتمام صفقة الأسرى أو تجنب الضم.

- يرى بعض المحللين أن مواجهة ترامب قد تكون بمثابة "نهاية الحياة السياسية" لنتنياهو، خاصة في ظل الضغوط الداخلية الهائلة التي يواجهها بالفعل.. ولهذا فإنه بحاجة ماسّة الى دعم ترامب…

(أخبار سوريا الوطن1-الكاتب)

مشاركة المقال: