أمهل المصرف المركزي السوري المصارف العاملة في سوريا مدة ستة أشهر لتكوين مخصصات كافية لتغطية كامل حجم الخسائر الناجمة عن الأزمة المالية اللبنانية.
وذكرت وكالة "سناك سوري" أن المركزي طلب من المصارف تقديم خطط إعادة هيكلة موثوقة خلال ستة أشهر، بهدف إعادة تشكيل القطاع المصرفي المتضرر في سوريا، وإلزام البنوك بالاعتراف بنسبة 100% من الانكشاف على النظام المالي اللبناني، حيث كانت المصارف السورية قد أودعت أموالها في "لبنان" خلال سنوات الحرب في سوريا.
وقال مسؤولون سوريون، لم يتم الكشف عن هوياتهم، للوكالة إن القرار يهدف إلى تنظيف القطاع المصرفي المتضرر من الحرب والعقوبات الاقتصادية الغربية، والمساعدة في معالجة أزمة السيولة التي أثرت على النشاط الاقتصادي.
وأشار ثلاثة مسؤولين سوريين إلى أن القرار دفع بعض المصارف إلى البحث عن مستثمرين جدد أو استكشاف فرص استحواذ أجنبية.
1.6 مليار دولار حجم الانكشاف على لبنان
من جهته، أوضح "عبد القادر حصرية" أن المطلوب من المصارف تزويد المركزي بخطة موثوقة لإعادة الهيكلة، مشيراً إلى أن بإمكان المصارف القيام بذلك بطرق مختلفة، بما في ذلك عبر البنوك الشقيقة في "لبنان" أو بالشراكة مع مؤسسات دولية أخرى.
وأوضح "حصرية" أن المصارف السورية لديها أكثر من 1.6 مليار دولار من الانكشاف على لبنان، ما يمثّل نسبة كبيرة من إجمالي 4.9 مليار دولار من الودائع في القطاع المصرفي التجاري السوري، وفقاً لحسابات أجرتها "رويترز" بناء على التقارير المالية لعام 2024 لجميع البنوك التجارية في سوريا والبالغ عددها 14 مصرفاً.
وبحسب المصدر، فإن أكثر البنوك تأثراً هي "بنك الشرق، فرنسَبنك، بنك سوريا والمهجر، بيك بيبلوس السعودي الفرنسي، بنك الشهباء، بنك الأهلي ترست"، وجميعها مصارف لبنانية في الأصل وفتحت فروعاً لها في سوريا في السنوات العشر الأولى من الألفية الثالثة.
كيف ذهبت الودائع؟
أفاد مصرفيون سوريون بأنهم لجأوا إلى "لبنان" خلال السنوات الماضية بسبب قلة الخيارات نتيجة العقوبات الغربية التي فرضت على سوريا. إلا أن تلك الودائع علقت في المصارف اللبنانية جراء الأزمة المالية التي شهدها "لبنان" اعتباراً من 2019 حين انهار النظام المصرفي اللبناني واختفت نسبة كبرى من قيمة الأموال المودعة في المصارف.
المصرفيون يعترضون.. القرار سياسي
انتقد عدد من المصرفيين قصر المهلة الممنوحة للمصارف، حيث قال مصرفي إن القرار بحدّ ذاته مبرر، لكن المهلة غير مناسبة، معتبراً أنه قرار استباقي ومبكر جداً، وأنه قرار سياسي، بينما نفى مسؤولون سوريون أي دوافع سياسية للقرار.
وقال حاكم المصرف المركزي إن الخطوة تأتي ضمن جهد أوسع للالتزام بالأنظمة التي تجاهلتها الحكومة السابقة، مضيفاً أن المركزي لا يريد لأي بنك أن يواجه مشاكل لكن الإنكار ليس حلاً، مشيراً إلى أن الهدف الانتقال من مرحلة الإنكار في عهد النظام السابق إلى الاعتراف بالمشكلة ومعالجتها.
وأضاف أن الحكومة تهدف لمضاعفة عدد المصارف العاملة في سوريا بحلول 2030، وكشف عن أن بعض المصارف الأجنبية بدأت إجراءات الحصول على تراخيص، دون الكشف عن مزيد من التفاصيل.
وبدأت بعض المصارف فعلياً محادثات أولية مع مؤسسات مالية عربية من بينها مصارف في "الأردن" و"قطر" و"السعودية" بشأن احتمالات الاستحواذ وفقاً لـ 3 مصرفيين سوريين.
ولا يوجد رقم دقيق لحجم الودائع السورية في "لبنان" حيث تتضارب الأرقام بين 20 مليار دولار وصولاً إلى تقديرات أعلى تصل إلى ما يتراوح بين 40 – 50 مليار دولار، في حين لم يصل "لبنان" بعد 6 سنوات من وصول أزمته المالية إلى ذروتها لحلٍّ في مسألة توزيع الخسائر وإعادة أموال المودعين.
وفي نيسان الماضي، قال وزير المالية اللبناني "ياسين جابر" إن حاكم مصرف لبنان "كريم سعيد" أعدّ دراسة لكيفية إعادة هيكلة المصارف وكيفية إعادة أموال المودعين على 3 مراحل وفق ما نقلت عنه صحيفة "".