الثلاثاء, 21 أكتوبر 2025 05:43 PM

المركزي السوري يلزم البنوك بتغطية خسائرها في لبنان ومهلة 6 أشهر لإعادة الهيكلة

المركزي السوري يلزم البنوك بتغطية خسائرها في لبنان ومهلة 6 أشهر لإعادة الهيكلة

أصدر البنك المركزي السوري تعليمات جديدة تلزم المصارف التجارية بتغطية كاملة لخسائرها المتأتية من الانهيار المالي في لبنان. كما ألزمها بتقديم خطط إعادة هيكلة "موثوقة" في غضون ستة أشهر كحد أقصى، وذلك في خطوة تهدف إلى إعادة تنظيم القطاع المصرفي الذي يعاني من صعوبات منذ سنوات الحرب والعقوبات.

ووفقًا لتقرير نشرته وكالة "رويترز" اليوم الثلاثاء الموافق 21 تشرين الأول، فإن التوجيه الصادر عن البنك المركزي بتاريخ 22 أيلول، يشدد على ضرورة اعتراف المصارف بنسبة 100% من انكشافها المالي على النظام المصرفي اللبناني، حيث كانت البنوك السورية قد أودعت جزءًا كبيرًا من أموالها في هذا النظام خلال سنوات الحرب.

وفي تصريح لـ"رويترز"، أكد حاكم مصرف سورية المركزي، عبد القادر حصرية، أن "العدّ التنازلي قد بدأ بالفعل"، مشيرًا إلى ضرورة تقديم البنوك لخطط موثوقة لإعادة هيكلتها، سواء من خلال التعاون مع مصارف لبنانية شقيقة أو عبر شراكات مع مؤسسات مالية دولية.

انكشاف يتجاوز 1.6 مليار دولار

تشير تقديرات "رويترز"، استنادًا إلى تقارير المصارف التجارية الـ 14 المنشورة في سوق دمشق للأوراق المالية لعام 2024، إلى أن قيمة انكشاف المصارف التجارية السورية على النظام المصرفي اللبناني تتجاوز 1.6 مليار دولار، وهو ما يعادل نحو ثلث إجمالي ودائع القطاع التجاري السوري المقدّرة بـ 4.9 مليارات دولار.

وتعتبر مصارف مثل بنك الشرق، فرنسبنك، بنك سوريا والمهجر، بنك بيبلوس السعودي الفرنسي، بنك شهباء، والأهلي ترست من بين الأكثر تأثرًا بهذا القرار. وهي بنوك ذات أصول لبنانية كانت قد دخلت السوق السورية خلال العقد الأول من الألفية.

ويذكر مصرفيون أن هذه البنوك لجأت إلى إيداع أموالها في لبنان خلال سنوات الحرب بسبب محدودية البدائل نتيجة العقوبات الغربية المفروضة على النظام، قبل أن يتم تجميد تلك الودائع إثر الانهيار المصرفي اللبناني عام 2019.

انتقادات للمهلة المحددة

على الرغم من أن هذه الخطوة تعتبر، وفقًا لمسؤولين سوريين، محاولة لإصلاح قطاع مصرفي يعاني من أزمة سيولة حادة، إلا أن عددًا من المصرفيين أعربوا عن استيائهم من ضيق المهلة الممنوحة للامتثال.

وقال أحد المصرفيين لرويترز إن القرار "مفهوم من حيث المبدأ، لكنه متسرّع سياسيًا"، معتبرًا أن معالجة الانكشاف المالي بهذه الطريقة قد تهدد استقرار بعض المصارف الصغيرة.

في المقابل، نفى محافظ البنك المركزي في سوريا وجود أي دوافع سياسية وراء القرار، مؤكدًا: "نحن لا نريد لأي بنك أن ينهار، لكن الإنكار ليس حلًا. ننتقل الآن من مرحلة تجاهل المشكلة إلى مواجهتها وإصلاحها".

تحركات بحثًا عن شركاء جدد

أفادت مصادر مصرفية بأن بعض البنوك المتضررة بدأت مفاوضات أولية مع مؤسسات مالية عربية، من بينها بنوك في الأردن والسعودية وقطر، لاستكشاف فرص شراكات أو صفقات استحواذ قد تساعدها في تجاوز الأزمة.

وأشار حصرية إلى أن الحكومة تسعى إلى مضاعفة عدد المصارف التجارية العاملة في سوريا بحلول عام 2030، لافتًا إلى أن بعض البنوك الأجنبية أبدت اهتمامها بدخول السوق السورية، دون الكشف عن تفاصيل إضافية "نظرًا لسرية العملية".

ما أزمة الودائع في لبنان؟

بدأت أزمة المصارف في لبنان مع اتساع نطاق الاحتجاجات الشعبية عام 2019، على خلفية تدهور الأوضاع المعيشية وتراجع احتياطي النقد الأجنبي في مصرف لبنان المركزي، مما دفع رؤوس الأموال إلى الهروب الجماعي من البلاد وسط انهيار الثقة بالنظام المالي.

ومع انكشاف البنوك على الديون السيادية نتيجة ما عُرف بـ "الهندسة المالية"، بدأت المخاوف تتصاعد بشأن قدرة المصارف على حماية ودائع عملائها.

وفرضت البنوك قيودًا صارمة على السحب والتحويلات منذ أكتوبر 2019، لتتحول الأزمة إلى صدام مباشر بين المودعين والمؤسسات المالية، رافقته دعاوى قضائية وعمليات اقتحام لفروع المصارف.

ومع غياب خطة واضحة لمعالجة الخسائر، قُدّرت الفجوة المالية بين أصول المصارف والتزاماتها بنحو 70 مليار دولار، مما أدّى إلى فقدان الثقة بالنظام المصرفي وانهيار الليرة اللبنانية بشكل غير مسبوق. ولا يزال المودعون، المحليون والأجانب، عاجزين عن الوصول إلى مدّخراتهم.

مشاركة المقال: