في العاصمة السورية دمشق، تم الإعلان عن اعتماد إطار إقليمي للحوار والتعاون بين الحكومات ومنظمات أصحاب العمل والعمال من سوريا ولبنان والأردن والعراق. يهدف هذا الإطار إلى تحديد الأولويات المشتركة لتعافي سوق العمل في سوريا والدول المجاورة، بالإضافة إلى تعزيز فرص العمل اللائق، وتوفير الحماية الاجتماعية، وتحقيق التنمية الاقتصادية المتوازنة في المنطقة، وذلك بحسب موقع منظمة العمل الدولية.
جاء هذا الإعلان في ختام المنتدى الإقليمي الثلاثي الذي نظمته منظمة العمل الدولية برعاية وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل السورية، تحت عنوان "آثار التطورات الاجتماعية والاقتصادية على أسواق العمل في سوريا والدول المجاورة".
شارك في المنتدى ممثلون رفيعو المستوى من المنظمة والأمم المتحدة والحكومات ومنظمات أصحاب العمل والعمال، لمناقشة التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي شهدتها المنطقة بعد الانتقال السياسي في سوريا وعودة أكثر من مليون لاجئ و1.8 مليون نازح داخلي.
أكدت المديرة الإقليمية للدول العربية في منظمة العمل الدولية، د. ربا جردات، أن المنتدى يمثل "لحظة فارقة لسوريا والمنطقة"، مشيرة إلى أن عودة السوريين إلى ديارهم تشكل تحولًا جذريًا في أسواق العمل ليس في سوريا فحسب، بل في دول الجوار أيضًا. وأضافت أن منظمة العمل الدولية تقف بحزم إلى جانب سوريا والدول المجاورة لضمان توفير فرص عمل لائقة وحماية اجتماعية وعدالة في سوق العمل، والعمل على ربط العودة بإعادة الإعمار، والمهارات بفرص العمل، والتعافي بالحقوق.
كما أكدت د. جردات أن التعاون الإقليمي هو الطريق الأمثل لتحقيق الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، مشيرة إلى أن البيان الختامي للمنتدى يضع أسسًا عملية لتعزيز العمل اللائق، وتوحيد المعايير الجمركية والتنظيمية، وتوسيع الحماية الاجتماعية على مستوى المنطقة.
من جانبها، شددت المنسقة المقيمة للأمم المتحدة والمنسقة الإنسانية بالإنابة، ماريان وورد، على أهمية المنتدى، واصفة التجربة بأنها "استثنائية في سياق إقليمي حساس"، وأضافت أنها لم تشهد في أي مكان آخر دولًا متجاورة تجتمع لمناقشة مبادرات مشتركة في سياسات العمل وتنقل الأفراد بما ينسجم مع اختياراتهم الشخصية ويخدم الاقتصاد الإقليمي الأوسع.
وأعربت نائبة وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل السورية، د. رغدة زيدان، عن ارتياحها لنتائج المنتدى، مؤكدة أن انعقاد هذا اللقاء يشكل خطوة مهمة نحو تنسيق الجهود الإقليمية لمواجهة التحديات المشتركة، وأن البيان يؤسس لحوار مستقبلي مستدام يعزز التعاون في أسواق العمل، ويتيح بناء أرضية مشتركة بين دول الإقليم لتحقيق التنمية والاستقرار.
وأشار بيان المنتدى الختامي إلى أن إعادة إعمار سوريا وإعادة إدماج العائدين والمجتمعات المحلية تشكلان محورًا أساسيًا في مسار التعافي والسلام الدائمين، داعيًا إلى تعزيز فرص العمل المنتج، وتطوير المهارات، وضمان التنقل العادل للعمالة، وتوسيع الحماية الاجتماعية القائمة على الحقوق.
كما أوصى المشاركون بإنشاء آلية تنسيق إقليمية واستراتيجية مشتركة للحفاظ على الحوار ومتابعة التقدم وتعزيز التعلم المتبادل، مؤكدين أهمية عقد المنتدى الثلاثي بانتظام في الدول المضيفة.
وكشفت بيانات المنتدى أن الاقتصاد السوري لا يزال أدنى بنسبة 84٪ من مستوياته قبل عام 2010، رغم مؤشرات التعافي الجزئي، فيما يشهد القطاع غير المنظم انتشارًا واسعًا ويعيش معظم السوريين تحت خط الفقر. ومع ذلك، أتاح تخفيف العقوبات وتجدد المشاركة الإقليمية فرصًا متنامية لإعادة الإعمار والاستثمار عبر الحدود، خاصة في البناء والزراعة والخدمات، في وقت تواجه فيه الدول المجاورة نقصًا متزايدًا في المهارات.