نفت الحكومة الروسية بشكل قاطع صحة التقارير التي انتشرت الأسبوع الماضي عبر وسائل إعلام عربية وغربية، والتي زعمت بتعرض الرئيس السوري السابق، بشار الأسد، للتسمم ونقله إلى أحد مستشفيات موسكو.
ونقلت وسائل إعلام روسية ناطقة بالعربية، بما في ذلك وكالة "سبوتنيك"، عن وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، اليوم الاثنين الموافق 13 تشرين الأول، نفيه القاطع لهذه الشائعات. وأكد لافروف أن "منحنا اللجوء لبشار الأسد وعائلته لأسباب إنسانية بحتة، ولا يواجه أي مشاكل في العيش في عاصمتنا، ولم تحدث أي حالات تسمم".
وكانت الإشاعات قد انتشرت على نطاق واسع خلال الأسبوع الماضي، وتحدثت عن تسمم الأسد ونقله إلى أحد مشافي موسكو.
أصل الإشاعة
وفي مطلع تشرين الأول الحالي، ذكر "المرصد السوري لحقوق الإنسان" أن الأسد نُقل في 20 أيلول الماضي إلى أحد المستشفيات القريبة من العاصمة الروسية موسكو، وبقي هناك حتى 6 تشرين الأول. ونقل "المرصد" عن مصدر وصفه بـ"الموثوق" أن الأمر لم يكن مجرد تسمم غذائي، بل محاولة لتسميمه، مشيرًا إلى السماح لمنصور عزام وزير شؤون الرئاسة السابق، وأخيه ماهر الأسد، بزيارته في المستشفى. وأضاف "المرصد" نقلًا عن المصدر نفسه، أن الحكومة الروسية ليست لها علاقة بالعملية، معتبرًا أن الأمر يهدف إلى توريط الحكومة الروسية التي قدمت له اللجوء.
وليست هذه المرة الأولى التي تنتشر فيها أنباء عن تسمم بشار الأسد، إذ تداولت وسائل إعلام عالمية، في مطلع كانون الثاني الماضي، أنباء مماثلة. وقد تحققت عنب بلدي حينها من مصدرها الضعيف والمعروف بنشر الإشاعات، حيث أثار حساب "الجنرال SVR" الروسي جدلًا بنشره خبرًا عن تدهور صحة الرئيس السوري السابق، بعد تعرضه لمحاولة اغتيال في موسكو. وذكر الحساب في منشور عبر منصة "إكس"، الأربعاء 31 كانون الأول، أن بشار الأسد تلقى العلاج في منزله بعد أن أظهرت التحاليل وجود مادة سامة في جسده، واستقرت حالته الصحية بعد ذلك، مشيرًا إلى أنه ربما تعرض لمحاولة اغتيال.
ويدعي الحساب، الذي بدأ نشاطه في عام 2020 ويشتهر بنشر تقارير عن الكرملين وشخصيات بارزة في روسيا، أنه يدار من قبل أفراد سابقين وحاليين في جهاز الاستخبارات الروسي إلى جانب جهات حكومية أخرى. إلا أنه سبق أن انخرط في العديد من الإشاعات حول كواليس الكرملين والرئيس الروسي، مما يجعله غير جدير بالثقة.
الأسد في موسكو
منحت موسكو اللجوء لبشار الأسد وعائلته، عقب هروبه من العاصمة دمشق، فجر 8 كانون الأول 2024، إبان دخول قوات المعارضة إلى مشارف المدينة، بعد عملية عسكرية استمرت 11 يومًا، وهدفت للإطاحة به. ومنذ ذلك الحين، يكتنف الغموض حياة بشار الأسد، إذ لم يظهر علنًا في وسائل الإعلام، باستثناء بيان نُسب إليه ونُشر على معرفات رئاسة الجمهورية، يتحدث عن لحظة هروبه من دمشق إلى مطار حميميم في اللاذقية، ثم إلى موسكو، وقد حُذف البيان لاحقًا. وبحسب ما أشارت إليه عدة تقارير إعلامية، يعيش الأسد وعائلته في شقق فارهة يملكها في موسكو، ومحاط بتدابير أمنية مشددة.
وكانت روسيا من أشد الداعمين لبشار الأسد، عسكريًا وسياسيًا، إذ أسهم تدخلها في 30 أيلول 2015، في قلب الموازين الميدانية لصالحه. كما تلقى الأسد دعمًا من موسكو على الصعيد السياسي، من خلال استخدام حق النقض "الفيتو" ضد قرارات مجلس الأمن، لصالح النظام السوري السابق.
دمشق- موسكو
وبعد سقوط النظام، حافظت كل من دمشق وموسكو على علاقة دبلوماسية محدودة، تمثلت بزيارات متبادلة على مستوى وزراء الخارجية كحدّ أعلى. وتلقى الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية دعوة رسمية لحضور القمة العربية- الروسية، التي كان من المقرر إقامتها منتصف شهر تشرين الأول الحالي، إلا أن روسيا أعلنت تأجيلها لموعد غير مسمى. وحافظت روسيا على بعض القواعد الروسية في سوريا بعد سقوط النظام، وهما قاعدة "حميميم" الجوية في اللاذقية، ومرفأ طرطوس. وفي حين يجري التفاوض على القواعد الروسية، قال لافروف اليوم الإثنين، إن السلطات السورية مهتمة بالإبقاء على قاعدتين عسكريتين روسيتين على أراضيها، بحسب ما نقلته وكالة "رويترز".
ونقلت وكالة "سبوتنيك" الروسية، عن لافروف، أن "سوريا مهتمة بالحفاظ على القواعد العسكرية الروسية في طرطوس وحميميم، والتي يمكن إعادة توظيفها كمراكز إنسانية". من جانبها، تربط الحكومة السورية الحالية بقاء القواعد الروسية بمصالح سوريا والشعب السوري، وفق قولها.