الأحد, 12 أكتوبر 2025 01:57 AM

جائزة نوبل للسلام: هل أفلتت من ترامب لتخدم أجندة الغرب في فنزويلا؟

جائزة نوبل للسلام: هل أفلتت من ترامب لتخدم أجندة الغرب في فنزويلا؟

سعيد محمد - لم يحصل دونالد ترامب على جائزة نوبل للسلام، لكنها مُنحت لشخصية تدعمها طموحاته في كاراكاس. سعيه الحثيث للجائزة كشف عن هوس شخصي ورغبة في تحقيق غايات من خلالها.

لفهم أهمية الجائزة، يجب إدراك رمزيتها وشرعيتها الدولية. فهي تمنح مصادقة من لجنة نوبل النرويجية، وتعكس مساهمة في السلام وفق التصورات الغربية للنظام الدولي والقيم العالمية. المطالبة بالجائزة هي صراع حول الموقع في "حقل الشرعية الدولية" الذي تسيطر عليه القوى الغربية.

جائزة نوبل ليست تكريماً أخلاقياً بقدر ما هي أداة ضمن منظومة الهيمنة الثقافية، تُستخدم لتثبيت رؤية محددة للعالم وتُمنح كغطاء معنوي لخدمة المصالح الرأسمالية والنظام الدولي القائم. "السلام" هنا يعني إدارة النزاعات بأساليب لا تزعزع أسس النظام العالمي.

لدى ترامب دوافع متعددة للسعي نحو الجائزة، منها شعوره بأنه "يستحقها" مقارنة بباراك أوباما. الانضمام إلى نادي القادة المميزين يعزز صورته كلاعب يحظى بالاحترام الدولي، وهو ما يفتقر إليه بسبب سياساته الشعبوية.

الجائزة كانت ستعزز موقفه بين أنصاره وتصويره كرجل دولة يحقق إنجازات دولية، مفيداً في حملاته الانتخابية. احتاج ترامب إلى "إنجازات" مثل "اتفاقات أبراهام" أو وساطته المزعومة في صراعات أخرى. ادعى أنه أنهى "سبع حروب"، لكن هذه الادعاءات كانت محل تشكيك.

توقيت إعلانه عن خطته لإنهاء الحرب في غزة تزامن مع إعلان الجائزة، ما أثار شكوكاً حول دوافعه. بالنظر إلى الفائزين بالجائزة، نجد شخصيات مثيرة للجدل أو أدوات ضمن مشروع النفوذ الغربي، مثل هنري كيسنجر ومناحيم بيغن وإسحاق رابين وشمعون بيريز وباراك أوباما وأون سان سو تشي. كيسنجر، مهندس سياسات دموية، مثّل تتويجه بالجائزة غطاء أخلاقياً لسياسات "السلام عبر مطلق القوة".

السلام الذي تروّج له نوبل ليس السلام الذي يقضي على الاستغلال، بل الذي يضمن استمراريته. ترامب، بادعائه أنه صانع سلام، يسجل لنفسه مكانة ضمن هذه المعادلة، فهو يعمل على إدارة النزاعات بما يكرس النفوذ الأميركي وحماية مصالح رأس المال.

فوز زعيمة المعارضة الفنزويلية، ماريا كورينا ماتشادو، بنسخة الجائزة لعام 2025 يؤكد هذا النهج. بينما قُدّمت الفائزة كمناضلة من أجل "الديمقراطية وحقوق الإنسان"، يُنظر إلى التكريم كتتويج لسياسة دعم الشخصيات الموالية للمصالح الأميركية في أميركا اللاتينية. ماتشادو، التي تدور في فلك الاستخبارات الأميركية، لعبت دوراً محورياً في الحرب السياسية ضد النظام التشافيزي.

تلقت حركتها دعماً مالياً وسياسياً أميركياً عبر قنوات مثل "الصندوق الوطني للديمقراطية" (NED). منحها الجائزة يُقرأ كرسالة دعم سياسية لحلفائه في "الفناء الخلفي" للولايات المتحدة، ومحاولة لمنح شرعية دولية لمحاولات تغيير النظام في فنزويلا.

مشاركة المقال: