الخميس, 9 أكتوبر 2025 11:26 PM

لازلو كراسناهوركاي المجري يفوز بجائزة نوبل للآداب 2025: تقدير لمسيرة أدبية آسرة

لازلو كراسناهوركاي المجري يفوز بجائزة نوبل للآداب 2025: تقدير لمسيرة أدبية آسرة

منحت الأكاديمية السويدية جائزة نوبل للآداب للروائي وكاتب السيناريو المجري لازلو كراسناهوركاي، وذلك تقديراً لـ "نتاجه الأدبي الآسر والرؤيوي الذي، في قلب الرعب المروّع، يعيد تأكيد قوّة الفن".

على مدار أربعة عقود، جمع كراسناهوركاي بين الرهبة الميتافيزيقية وإيمان صارم بالشكل الأدبي، ظهر ذلك جلياً في جمله الطويلة الممتدة على صفحات كاملة، مما جعل كتاباته أشبه بالوحي الخارج من بين الأنقاض.

ولد كراسناهوركاي عام 1954 في بلدة غيولا الحدودية الصغيرة جنوب شرق المجر، بالقرب من الحدود الرومانية. درس القانون في سجد وبودابست، قبل أن يتفرغ للأدب في جامعة أوتفوش لوراند. في بداية الثمانينيات، عمل في دار النشر الحكومية "غوندولات"، وهناك صقل نثره المميّز الذي أحدث لاحقاً تحوّلاً عميقاً في الأدب المجري. كانت روايته الأولى "ساتانتانغو" (Sátántangó) عام 1985 نقطة انطلاقة كبرى له، وهي رواية تستكشف مزرعة جماعية مهجورة، وقد تحوّلت إلى حدث أدبي في المجر، ثم إلى مصدر شهرته العالمية بعد ترجمتها. وقد أشارت الأكاديمية السويدية إلى هذا العمل، مؤكدةً أن مكاناً هامشياً يمكن أن يصبح حاضنة لأدب عالمي.

في اللغة الإنكليزية، ارتبط صعود كراسناهوركاي بشكل وثيق بمترجميه الثلاثة: جورج سيرتيس، أوتيلي مولزِت، وجون باتكي، الذين جعلوا نثره المتدفّق قابلاً للقراءة مع الحفاظ على خصوصيّته. وقد حمل كتاب "ويستمرّ العالم" (The World Goes On) عام 2017 أسماء المترجمين الثلاثة معاً، فيما تقاسم سيرتيس ومولزت جائزة الترجمة عندما نال كراسناهوركاي "جائزة مان بوكر الدولية" عام 2015 عن مجمل أعماله، بينما فازت ترجمة مولزت لرواية "عودة البارون فينكهايم إلى الوطن" (Baron Wenckheim’s Homecoming) عام 2019 بـ "جائزة الكتاب الوطني الأميركي للأدب المترجم".

لعبت السينما دوراً في توسيع أثر كراسناهوركاي، حيث شارك مع المخرج بيلا تار في كتابة ثلاثية سينمائية بدأت بـ "ساتانتانغو" عام 1994، وهو تحويل سينمائي للرواية، يمتد لسبع ساعات ونصف الساعة بالأبيض والأسود، ثم "تناغمات ميركمايستير" عام 2000، المقتبسة من رواية "حزن المقاومة"، ولاحقاً "حصان تورينو" عام 2011، بسيناريو مشترك مع تار. وتُعدّ هذه الأعمال من أهم المنجزات في السينما الأوروبية المعاصرة، وتتماشى لقطاتها وإيقاعها مع أسلوبه الروائي المتمدّد.

حصل كراسناهوركاي خلال مسيرته على جوائز مرموقة، أبرزها "جائزة كوشوت"، وهي أرفع تكريم ثقافي في المجر، و"جائزة مان بوكر الدولية" 2015، بالإضافة إلى "جائزة الكتاب الوطني الأميركي" 2019 للأدب المترجم. هذه الجوائز، المتوّجة بـ "نوبل"، تُعدّ اعترافاً بما أدركه قرّاء كراسناهوركاي والسينيفيليّين، وهو أن صوته الأدبي مشروع متماسك بنى عالماً أدبياً خاصاً، يخاطب القلق الإنساني في أعمق صوره.

يشير بيان "نوبل" إلى ما هو أعمق من تصنيفه تحت لافتة "الحداثة الكئيبة"، وهو "إعادة تأكيد قوة الفن". ففي أعماله تيّار خفيّ من الإنصات للقلق الإنساني والصبر والجمال، يواجه العدمية. وعلى مدى أربعين عاماً، كان كراسناهوركاي يكتب عند الحد الفاصل بين المعنى والتهديد، الظاهر والمرعب، بالإيمان وانهياره. وباختياره، تشير الأكاديمية السويدية إلى أنّ مهمة الأدب اليوم هي التحديق البطيء في العالم المترنّح حتى تتمايز طبقاته وتتكشّف، ليقرّ بأنّ بعضها سيظلّ عصيّاً على الفهم.

مشاركة المقال: