الأحد, 5 أكتوبر 2025 07:05 PM

ارتفاع أسعار الأعلاف يهدد مربي المواشي في رأس العين وتل أبيض بخسائر فادحة

ارتفاع أسعار الأعلاف يهدد مربي المواشي في رأس العين وتل أبيض بخسائر فادحة

عنب بلدي – رأس العين: يواجه مربو المواشي في مدينتي رأس العين وتل أبيض شمالي سوريا تحديات جمة نتيجة للارتفاع المستمر في أسعار الأعلاف، الأمر الذي يضاعف من أعبائهم المالية ويهدد مصدر رزقهم الأساسي. فقد وصل سعر طن الشعير إلى 480 دولارًا أمريكيًا، بينما بلغ سعر طن الخبز المجفف 320 دولارًا، والقمح 460 دولارًا، والبرسيم 328 دولارًا، والنخالة 375 دولارًا.

ندرة المراعي وتصاعد التكاليف: أدى شح الأمطار وارتفاع درجات الحرارة، بالإضافة إلى الجفاف المتواصل، إلى تقلص المساحات الرعوية الخصبة، مما انعكس سلبًا على قطاع تربية الماشية وزاد من الأعباء المعيشية على المربين. بات المربون يجدون صعوبة بالغة في توفير الغذاء الكافي لمواشيهم وتغطية التكاليف المتزايدة للتربية.

اضطر محمد كريم (54 عامًا) من مدينة تل أبيض، إلى بيع 14 رأسًا من أغنامه (من أصل 31) لتأمين الأعلاف الضرورية لمواشيه، وذلك بسبب الارتفاع الشديد في الأسعار. وأشار إلى أن الأسعار المرتفعة للشعير والبرسيم والخبز المجفف وضعت المربين أمام خيارين لا ثالث لهما: إما بيع جزء من مواشيهم أو الاستدانة. وحذر من أن استمرار هذا الارتفاع في الأسعار سيضطره وغيره من المربين إلى بيع المزيد من مواشيهم، مطالبًا بتوفير الدعم اللازم لضمان استمرار تربية ما تبقى منها.

من جهته، حاول خالد السلمو، من قرية حميد شرقي رأس العين، توفير مرعى لأغنامه هذا العام، ولكنه لم يتمكن من الحصول على أي مساحة صالحة للرعي بسبب ندرة المراعي وكثرة الطلب عليها. لم يجد خالد خيارًا سوى بيع عشرة دونمات من أرضه الزراعية (من أصل 35 دونمًا) لشراء الأعلاف لأغنامه، خاصة مع اقتراب فصل الشتاء. ورغم بيع جزء من أرضه، لم يتمكن من تأمين الأعلاف الكافية بسبب غلاء تكلفتها. طالب الجهات المعنية بالتدخل لتقديم الدعم للمربين، محذرًا من أن استمرار الوضع على ما هو عليه قد يجبر العديد منهم على التخلي عن مواشيهم وترك مصدر رزقهم الوحيد.

ركود في "البازارات": تسبب ارتفاع أسعار الأعلاف في المدينتين في حالة من الركود في حركة بيع وشراء المواشي، مما أدى إلى خسائر للأشخاص العاملين في أسواق بيع الأغنام المعروفة محليًا بـ"البازار".

سمسار الأغنام قصي العزوز، من مدينة تل أبيض، صرح لعنب بلدي بأن السوق يعاني تقلبات "كبيرة" هذا العام، مع ضعف الإقبال على الشراء، مما أجبر المربين على بيع الأغنام بأسعار منخفضة وتسبب بخسائر للعاملين في السوق. وأوضح أن ارتفاع أسعار الأعلاف زاد من صعوبة تلبية احتياجات المربين، وأن الوضع هذا العام يذكره بعام 2021، الذي شهد جفافًا شديدًا أثر على الإنتاج الزراعي والمراعي. وحذر من أن استمرار هذه الظروف يهدد استقرار السوق ويجعل الكثير من المربين مضطرين لتقليص قطيعهم أو بيع جزء منه لتغطية التكاليف. وذكر أن دعم الأعلاف وتوفيرها بأسعار مناسبة سيكون حلاً ضروريًا لإنقاذ المربين والحفاظ على استمرارية تجارة المواشي في المنطقة.

تعرض قطاع الثروة الحيوانية والزراعة في المدينتين لخسائر فادحة نتيجة موجات الجفاف التي ضربت المنطقة خلال عامي 2021 و2022، إذ تشير تقديرات المجالس المحلية حينها إلى نفوق نحو 150 ألف رأس من الأغنام في تلك الفترة، بالإضافة إلى تصحر مساحات واسعة من الأراضي الزراعية وجفاف العديد من آبار الري، مما فاقم تدهور الواقع الزراعي والرعوي.

ما الحلول؟ المتحدث باسم المجلس المحلي في رأس العين، زياد ملكي، أوضح لعنب بلدي أن السبب الأبرز لارتفاع أسعار الأعلاف هو قلة الأمطار هذا العام وتراجع المساحات الرعوية، مما ضاعف الضغوط على مربي المواشي. وأشار إلى أن غياب المراعي الطبيعية أجبر المربين على الاعتماد بشكل شبه كامل على الأعلاف، وهو ما رفع التكاليف بشكل يفوق قدرتهم على التحمل. ولفت إلى أن استمرار هذه الأوضاع قد يدفع كثيرًا من المربين للتخلص من جزء من قطعانهم بأسعار زهيدة، الأمر الذي ينعكس سلبًا على استقرار السوق المحلي. وأكد أن المجلس المحلي يعمل على إيجاد حلول بالتنسيق مع الجهات الداعمة لتوفير الأعلاف بأسعار مناسبة، بهدف دعم المربين والحفاظ على الثروة الحيوانية في المنطقة.

وفقًا لإحصائيات صادرة عن مديريتي الزراعة والثروة الحيوانية في رأس العين وتل أبيض، فإن نحو 3200 عائلة تعتمد بشكل أساسي على تربية المواشي كمصدر رئيس للدخل والمعيشة. ويعاني قطاع الثروة الحيوانية في رأس العين وتل أبيض نقصًا مستمرًا في الأدوية البيطرية وارتفاع أسعارها، ووصول أدوية منتهية الصلاحية من معابر غير نظامية مع مناطق سيطرة "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد).

مشاركة المقال: