الأحد, 5 أكتوبر 2025 03:02 PM

صعود تاريخي للمعادن الثمينة في 2025: الذهب والفضة والبلاتين يقودون المشهد الاقتصادي العالمي

صعود تاريخي للمعادن الثمينة في 2025: الذهب والفضة والبلاتين يقودون المشهد الاقتصادي العالمي

شهدت الأسواق العالمية في عام 2025 ارتفاعًا ملحوظًا في أسعار المعادن الثمينة، مما جعل هذا العام علامة فارقة في مسيرتها. فقد ارتفعت أسعار الذهب والفضة والبلاتين والبلاديوم بنسب تتراوح بين 40% و75%، مما جعلها في صدارة المشهد الاقتصادي العالمي. وقد جاءت هذه القفزة مدفوعة بمجموعة من العوامل الجيوسياسية والاقتصادية، بالإضافة إلى التطورات الهيكلية في العرض والطلب الصناعي.

سجل الذهب، الذي يُعتبر تقليديًا الملاذ الآمن الأبرز، أفضل أداء سنوي له منذ حوالي 16 عامًا بارتفاع قدره 49%. وقد ارتبطت هذه الزيادة الكبيرة بارتفاع الطلب على الأصول الآمنة وسط التوترات الجيوسياسية وتزايد المخاوف من الركود الاقتصادي أو الإغلاق الحكومي المحتمل في الولايات المتحدة. كما ساهمت التوقعات بخفض أسعار الفائدة في زيادة جاذبية الذهب، في وقت واصلت فيه البنوك المركزية حول العالم شراء المعدن النفيس لتعزيز احتياطاتها وتنويعها بعيدًا عن الدولار. بالإضافة إلى ذلك، دعم ضعف العملة الأميركية الأسعار عالميًا، بينما ظل الذهب أداة رئيسية للتحوط ضد التضخم في بيئة اقتصادية مضطربة.

حققت الفضة مكاسب ملحوظة تجاوزت في بعض الفترات مكاسب الذهب، إذ ارتفعت بنسبة 64% لتسجل أعلى مستوياتها منذ 13 عامًا. ويعود هذا الأداء إلى طبيعتها المزدوجة بين الاستثمار والاستخدام الصناعي. تتحرك الفضة عادة في الاتجاه نفسه مع الذهب، لكنها توفر عوائد نسبية أكبر في فترات الصعود. في المقابل، عزز الطلب الصناعي المتزايد من قوتها، إذ يشكل أكثر من نصف استهلاكها العالمي، مدفوعًا بالاستخدامات المتنامية في الطاقة الشمسية والإلكترونيات والبطاريات والقطاع الطبي. كما استمر العجز في سوق الفضة للعام الخامس على التوالي، مما ساهم في زيادة الأسعار، في وقت ظل فيه العرض محدودًا نتيجة كونها معدنًا يستخرج غالبًا كمنتج جانبي من النحاس والزنك.

كان البلاتين أبرز الرابحين في عام 2025 من حيث نسبة الصعود، إذ ارتفع بنسبة 75%، مما جعله نجم العام بين المعادن الأربعة. تعكس هذه المكاسب نمو الطلب الصناعي إلى جانب الاهتمام الاستثماري المتزايد. ولا يزال قطاع السيارات المحرك الأساسي للطلب. كما استفاد من التوسع في مشاريع الهيدروجين الأخضر التي عززت استخدامه في الخلايا الوقودية. من جهة أخرى، أدت مشكلات الإنتاج في جنوب أفريقيا، التي تعد أكبر منتج عالمي، إلى تقليص المعروض ودعم الأسعار. كما ساهم الإقبال الاستثماري المتزايد على المعادن البديلة في تعزيز موقع البلاتين في الأسواق.

أما البلاديوم، فقد سجل ارتفاعًا بلغ 40% خلال العام، لكنه جاء دون مكاسب الفضة والبلاتين. وبرغم أن الطلب من صناعة السيارات، خصوصًا سيارات البنزين، لا يزال يمثل المحرك الأساسي لأسعاره، فإن المعدن واجه تحديات مرتبطة بتزايد توجه بعض الشركات نحو استبدال البلاتين، الذي يعد أقل تكلفة نسبيًا به. إضافة إلى ذلك، شكلت التقلبات في المعروض الروسي عنصر ضغط على الأسعار، في وقت ظل فيه الطلب الاستثماري على البلاديوم محدودًا مقارنة بالذهب والفضة.

يرى المراقبون أن ما حدث في عام 2025 لا يقتصر على كونه ارتفاعًا سعريًا مؤقتًا، بل يعكس تحولًا أعمق في دور المعادن داخل الاقتصاد العالمي. فقد عزز الذهب مكانته كأداة أساسية للاستقرار في أوقات الأزمات، فيما أثبتت الفضة أنها أكثر من مجرد معدن تابع، بل عنصر محوري في الصناعات التكنولوجية والتحول الطاقي. في المقابل، صعد البلاتين ليحتل موقعًا متقدمًا في أسواق الطاقة النظيفة، بينما يواجه البلاديوم تحديًا للحفاظ على مكانته في ظل المنافسة المتزايدة.

يشير خبراء الاقتصاد إلى أن الاتجاهات المستقبلية للمعادن ستظل مرتبطة بعوامل متعددة، أبرزها السياسات النقدية للبنوك المركزية، ومسار الدولار الأميركي، وحجم الطلب الصناعي المتعلق بالتحول نحو الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر. كما يتوقع أن تستمر البنوك المركزية في تنويع احتياطاتها بعيدًا عن الدولار، مما قد يدعم الذهب خاصة في السنوات المقبلة.

في المحصلة، يمكن القول إن عام 2025 كان عامًا استثنائيًا للمعادن، إذ لم يعد الذهب والفضة والبلاتين والبلاديوم مجرد أدوات استثمارية، بل عناصر استراتيجية ترتبط مباشرة بالتحولات الاقتصادية العالمية. وبحسب المحللين، فإن هذه المكاسب قد تكون بداية لعصر جديد تتصدر فيه المعادن المشهد الاقتصادي، ليس فقط بوصفها أصولًا مالية، بل أيضًا كمكونات أساسية في مسار التحول الصناعي والطاقوي الذي يشهده العالم.

*جو يرق، رئيس قسم الأسواق العالمية – Cedra Markets

أخبار سوريا الوطن١-وكالات-النهار

مشاركة المقال: