السبت, 4 أكتوبر 2025 11:37 PM

مأزق الشهادات الإعدادية التركية: طلاب سوريون عالقون بين نظامين تعليميين ووزارة التربية تلتزم الصمت

مأزق الشهادات الإعدادية التركية: طلاب سوريون عالقون بين نظامين تعليميين ووزارة التربية تلتزم الصمت

يواجه مئات الطلاب السوريين العائدين من تركيا تحديات تعليمية جمة، وذلك بعد رفض وزارة التربية في دمشق الاعتراف بشهاداتهم الإعدادية الصادرة عن المدارس التركية. وبينما كان الأهالي يأملون بأن تسهم العودة إلى الوطن في تحقيق الاستقرار لأبنائهم، فوجئوا بواقع إداري يجبر الطلاب على إعادة الصف التاسع في سوريا والتقدم لامتحان شهادة التعليم الأساسي مرة أخرى.

وعلى الرغم من محاولات "سوريا 24" المتكررة للحصول على توضيحات رسمية من وزارة التربية حول كيفية التعامل مع أوضاع هؤلاء الطلاب، إلا أن المسؤول الإعلامي في الوزارة امتنع عن التعليق، مما زاد من حالة الغموض وأثار تساؤلات واسعة بين أولياء الأمور.

شهادتان في مرحلة واحدة

أبو أسامة، وهو والد أحد الطلاب المتضررين، يصف حجم المشكلة قائلاً: "ابني أنهى المرحلتين الابتدائية والإعدادية في تركيا، وحصل على شهادة بمعدل 87.46%. ولكن عند تسجيل أوراقه في سوريا، صدمنا برفض الوزارة الاعتراف بشهادته، وإجبارنا على تسجيله في الصف التاسع من جديد. هذا يعني أن ابني سيحمل شهادتين إعداديتين: واحدة حصل عليها في تركيا في الصف الثامن، وأخرى سيحصل عليها في سوريا في الصف التاسع. أليس هذا تبديداً لجهوده وتكراراً تعليمياً غير مجد؟"

هذه الازدواجية تثير إشكاليات عديدة: كيف يمكن للطالب أن يحمل شهادتين متطابقتين في المرحلة نفسها، واحدة تركية وأخرى سورية، في حين لا يتم الاعتداد إلا بالثانية في سجلات وزارة التربية؟

اختلاف المناهج: ذريعة أم مبرر؟

تعود جذور المشكلة إلى التباين في هيكلة النظامين التعليميين. ففي تركيا، يمتد التعليم لمدة 12 عاماً، مقسماً إلى ثلاث مراحل متساوية (4 سنوات لكل مرحلة: ابتدائية، إعدادية، ثانوية)، بينما في سوريا، ينقسم التعليم إلى 6 سنوات ابتدائية، و3 سنوات إعدادية، و3 سنوات ثانوية. هذا الاختلاف الهيكلي في تقسيم المراحل، بالإضافة إلى اختلاف المناهج، هو ما تستند إليه وزارة التربية كمبرر رئيسي لعدم الاعتراف بالشهادة الإعدادية التركية.

لكن الأهالي يعتبرون هذا التبرير غير كاف. أم محمد، والدة طالبة عادت من غازي عنتاب، تقول إن ابنتها درست بجد لمدة ثماني سنوات وتفوقت، والآن يُطلب منها إعادة الصف التاسع لمجرد أن تقسيم المراحل مختلف. وتضيف أن ابنتها تشعر بالإحباط وتعتبر أن تعبها ذهب هباءً. أما أبو أحمد فيرى أن المشكلة تكمن في غياب الحلول، وليس في اختلاف المناهج نفسه، موضحاً أن الوزارة قادرة على إجراء امتحان معادلة أو اختبار تكميلي لتحديد مستوى الطالب بدلاً من إلزامه بإعادة سنة دراسية كاملة.

يطالب الأهالي بحل استثنائي يتمثل في اعتبار الصف التاسع صفاً انتقالياً لأبنائهم، بحيث يتم الاعتراف بما درسوه في تركيا والسماح لهم بالانتقال بسلاسة إلى المرحلة الثانوية دون خسارة سنة دراسية كاملة.

أسئلة بلا إجابة

طرح مراسل "سوريا 24" مجموعة من الأسئلة على وزارة التربية، من بينها: كيف يتم التعامل مع الطالب الحاصل على شهادة الإعدادية التركية؟ وهل يعتبر أنهى مرحلة التعليم الأساسي أم يُلزم بإعادة الصف التاسع؟ وهل هناك قرار وزاري واضح ينظم الاعتراف بالشهادات التركية أو يضع آلية للمعادلة؟ وكيف تضمن الوزارة عدم ضياع سنة دراسية على الطلاب العائدين؟

إلا أن المسؤول الإعلامي في الوزارة رفض الإدلاء بأي إجابة، تاركاً الأهالي يواجهون مصير أبنائهم دون حلول واضحة أو توضيحات رسمية.

عام دراسي على المحك

يؤكد الأهالي أن استمرار هذا الوضع يهدد مستقبل جيل كامل من الطلاب، ويجعلهم ضحايا لخلافات إدارية بين نظامين تعليميين. ويرون أن التعليم حق أساسي يجب صونه بعيداً عن الحسابات الإدارية أو تباين المناهج، مطالبين بإيصال صوتهم إلى رئيس الجمهورية لإيجاد حل عادل.

اليوم، يقف الطلاب العائدون من تركيا إلى سوريا أمام واقع غريب: شهادة إعدادية تركية في الصف الثامن، وشهادة سورية أخرى في الصف التاسع. شهادتان في مرحلة واحدة، ولكن دون اعتراف متبادل أو حلول عملية. وبين هذا وذاك، يبقى مستقبل الطلاب معلقاً، بانتظار أن تتحرك وزارة التربية لإيجاد آلية عادلة تعيد الاعتبار لجهودهم وتنقذ سنوات دراسية مهددة بالضياع.

مشاركة المقال: