الإثنين, 6 أكتوبر 2025 06:51 AM

الصين تستكشف حلولاً مبتكرة لمشاكل الطاقة: نقل مراكز البيانات إلى قاع البحر

الصين تستكشف حلولاً مبتكرة لمشاكل الطاقة: نقل مراكز البيانات إلى قاع البحر

في خطوة مبتكرة لمواجهة مشاكل الطاقة، تتجه الصين نحو نقل مراكز البيانات إلى قاع البحر. هذه المراكز، التي تعتبر محركات أساسية للإنترنت، تولد كميات كبيرة من الحرارة. ولهذا، تستعد شركة بالقرب من شنغهاي لنقل مركز بياناتها إلى البحر، بهدف تقليل نفقات الطاقة والحد من الأثر البيئي لهذه البنى التحتية.

تقوم شركة "هايلاندر" حالياً بوضع اللمسات الأخيرة على المعدات والكابلات والتركيبات التي سيتم غمرها في منتصف تشرين الأول/أكتوبر في البحر الأصفر قبالة سواحل المدينة الصينية التي يقطنها 24 مليون نسمة.

تهدف الشركة، الرائدة في الصين في توفير خدمات تخزين البيانات في هذه البنى التحتية تحت الماء، من خلال هذه الاختبارات، إلى التحقق من الجدوى التجارية لتقنية الغمر، والتي تثير تساؤلات حول تأثيرها البيئي.

تعتمد المواقع الإلكترونية وتطبيقات الهواتف على مراكز بيانات مادية لتخزين المعلومات، والنمو السريع للذكاء الاصطناعي يزيد الطلب الهائل على هذه المرافق.

يقول يانغ يي، نائب رئيس شركة "هايلاندر" التي تقود المشروع مع شركات حكومية: "تتمتع البيئة تحت الماء بمزايا طبيعية معينة".

تحصل الخوادم تحت الماء على تبريد طبيعي بواسطة تيارات المحيط، على عكس الأنظمة التقليدية على اليابسة التي تعتمد على تكييف الهواء، مما يفاقم بشكل كبير تكاليف الطاقة والبيئة.

في العام 2018، اختبرت شركة "مايكروسوفت" الأميركية العملاقة نظاماً مشابهاً داخل كبسولة قبالة سواحل اسكتلندا، لكن المشروع الصيني يعتبر من أوائل المشاريع في العالم التي تقدم خدمات تجارية.

أهم الزبائن المستهدفين هم شركات الاتصالات وتلك المتخصصة بالذكاء الاصطناعي.

تشجع الحكومة الصينية هذه المبادرات للحد من البصمة الكربونية لهذه المراكز. وقد حصلت "هايلاندر" على 40 مليون يوان (5,63 ملايين دولار) لمشروع مماثل أُطلق في هاينان في جنوب الصين عام 2022.

يؤكد يانغ أنّ "المنشآت تحت الماء توفر نحو 90% من الطاقة المستخدمة في التبريد".

يرى شاولي رين، الأستاذ في الهندسة الكهربائية والحاسوبية في جامعة كاليفورنيا في ريفرسايد بالولايات المتحدة، أنّ هذه المشاريع ترمي حالياً إلى إثبات "جدواها التكنولوجية".

ويؤكد ضرورة التغلب على تحديات كبيرة في مجال البناء ومخاوف بيئية قبل نشر هذه المراكز تحت الماء على نطاق واسع.

يقول تشو جون، أحد مهندسي المشروع، في حديث إلى وكالة فرانس برس: "خلال بناء مركز البيانات تحت الماء هذا (في شنغهاي)، واجهنا تحديات أكبر مما كان متوقعا".

سيتم تزويد مركز البيانات الذي يُجمَع على اليابسة من خلال مكوّنات عدة قبل غمره في البحر، بالطاقة من محطات توليد الطاقة من الرياح البحرية القريبة بشكل شبه حصري.

تؤكد شركة "هايلاندر" أنّ أكثر من 95% من الطاقة المستخدمة ستأتي من مصادر متجددة.

يتمثل أحد تحديات المشروع بضمان إحكام العزل الكامل للنظام وحمايته من التآكل. وتعوّل الشركة على طلاء خاص مؤلف من جزيئات زجاجية، يُوضع على الكبسولة الفولاذية التي تحتوي على الخوادم.

يشير البروفيسور شاولي رين إلى أن ربط مركز بيانات بحري بالبر الرئيسي أكثر تعقيداً من ربط الخوادم على اليابسة.

ثمة عقبة أخرى، إذ أظهر باحثون من جامعة فلوريدا وجامعة الاتصالات الكهربائية في اليابان أن هذه المنشآت قد تكون عرضة لهجمات بواسطة موجات صوتية في البيئة البحرية.

لكن بعيداً عن الجوانب التقنية، فإن التأثير الحراري لهذه المراكز على النظام البيئي هو ما يثير التساؤلات.

يوضح عالم البيئة البحرية في جامعة هال بإنكلترا أندرو وانت، أنّ الحرارة المنبعثة قد تجذب أنواعاً معينة وتنفر أخرى.

ويضيف إنّ "الأبحاث التي أجريت حتى اليوم لا تزال غير كافية".

تؤكد شركة "هايلاندر" أنّ تقييماً مستقلاً أُجري عام 2020 خلال اختبار قرب تشوهاي (جنوب الصين) أظهر أن درجة حرارة المياه المحيطة ظلت أقل بكثير من المستويات المقبولة.

لكن شاولي رين يُحذر من أنّ هذه المراكز، كلما طُوّرت زادت الحرارة المُنبعثة منها. أما بالنسبة إلى مراكز البيانات الكبيرة تحت الماء، "فينبغي دراسة مسألة التلوث الحراري من كثب"، على قوله.

ويلفت إلى أنّ هذه البنى التحتية يجب أن تُكمّل المراكز التقليدية لا أن تحل محلها.

ويقول "على الأرجح لن تحل محل المرافق الحالية، لكنها قادرة على تلبية احتياجات محددة".

مشاركة المقال: