تشهد مدينة حلب انتعاشًا ملحوظًا في قطاع الصناعات الدوائية، يتجسد ذلك في إطلاق معرض يهدف إلى إبراز واقع هذا القطاع الحيوي بعد سنوات من الحرب والتدهور. انطلقت فعاليات المعرض السوري للصناعات الدوائية يوم الخميس 2 تشرين الأول في فندق “شيراتون” بحلب، واختتمت يوم الجمعة 3 تشرين الأول. وعلى الرغم من التحديات المستمرة، مثل صعوبات الاستيراد وارتفاع أسعار المواد الأولية، تسعى شركات الأدوية في حلب إلى تحسين جودة الإنتاج وتوسيع خطوط التصنيع. ويرى المشاركون أن المعرض يمثل بداية تعافٍ تدريجي للصناعة الدوائية وعودة المدينة كمركز رئيسي لهذا القطاع في سوريا.
المعرض شكل فرصة لمناقشة تحديات القطاع ومحاولات الشركات المحلية لاستعادة دورها بعد سنوات من التراجع التي فرضتها الحرب والحصار. وعلى الرغم من كل الصعوبات، تواصل الصناعة الدوائية في حلب سعيها لتلبية احتياجات السوق المحلية. ذكر محمد كرمان، وهو صناعي في مجال الأدوية ومشارك في المعرض، أن القطاع يواجه ضغوطًا كبيرة بسبب ارتفاع تكلفة المواد الأولية وقيود الاستيراد. وأكد أن الشركات المحلية واصلت تطوير خطوط الإنتاج وتحسين جودة المنتجات، محاولة إيجاد حلول مبتكرة لتأمين الأدوية الأساسية للمواطنين بأسعار مناسبة. وأشار إلى أن مستقبل الصناعة الدوائية في حلب يعتمد على تأمين المواد الأولية ورفع الإنتاجية ومواكبة المعايير الدولية، مما قد يتيح تلبية احتياجات السوق المحلية والتوسع تدريجيًا نحو التصدير. واعتبر ذلك بأنه يعكس محاولة حلب لإعادة بناء مكانتها في قطاع كان من أكثر القطاعات نشاطًا قبل الحرب.
من جهته، أشار صبري بصمجي، وهو عامل في الصناعة الدوائية ومشارك في المعرض، إلى أن الإنتاج المحلي اليوم يشمل مضادات حيوية وأسبرين وأدوية مزمنة، مع جهود لتحسين الجودة والتوسع في خطوط الإنتاج. واعتبر أن أهمية المعرض تكمن في إبراز قدرة الشركات المحلية على الاستمرار وتحسين منتجاتها على الرغم من التحديات. وأشار إلى أن ارتفاع تكلفة المواد الأولية يضع ضغطًا مستمرًا على القطاع، لكن الصناعيين يواصلون تطوير خطوط الإنتاج وتحسين الجودة لتلبية حاجة السوق. أما الصيدلي أحمد البشير، فوصف السوق الدوائية في حلب بأنها ما زالت تواجه تحديات كبيرة، إذ تعاني الصيدليات من نقص بعض الأصناف الأساسية وارتفاع الأسعار، مما يجعل تأمين الأدوية للمواطنين مهمة صعبة. وعلى الرغم من التحسن الطفيف في توفر بعض الأصناف، يرى البشير أن القطاع يحتاج إلى دعم أكبر لتأمين المواد الأولية وضمان استمرارية الإنتاج، وإلا ستظل الخيارات محدودة والأسعار مرتفعة.
معاون وزير الصحة للشؤون الصيدلانية، عبدو محلي، قال لوسائل إعلام محلية على هامش المعرض، إن المعرض يشكل منصة حيوية للتواصل بين وزارة الصحة وقطاع الصناعة الدوائية ونقابة الصيادلة. واعتبر أن تنظيم المعرض في هذه المرحلة، التي وصفها بـ "عهد جديد بعد التحرير"، يعكس تعافي قطاع الصحة والصناعة الدوائية. وأكد محلي أن حضور مصنعي الأدوية يشير إلى تصاعد الاستثمار وفرص التصدير. وأشار إلى أن وزارة الصحة تراقب هذه الأرقام عن كثب وتشجع الشركات على رفع مستوى الجودة، لافتًا إلى أن الدواء السوري يتمتع بجودة ممتازة. وحث الشركات على التوسع في الصناعات النوعية مثل الأدوية السرطانية، والبيولوجية، واللقاحات، بهدف تأمين جميع احتياجات المرضى بأسعار مناسبة وجودة عالية.
بدوره، قال مدير صحة حلب، محمد وجيه جمعة، في تصريح لوسائل إعلام محلية، إن المعرض يحمل أهمية كبيرة على صعيد الصناعات الدوائية، مؤكدًا دوره في خلق منافسة بين الشركات لإنتاج أفضل الأصناف، مما يعود بالنفع على المستهلك. وأكد جمعة أن وزارة الصحة ومديرية صحة حلب تدعمان هذه الصناعات وتوفران لها التسهيلات اللازمة للنمو والتطور. ولفت إلى مكانة حلب التاريخية في هذا المجال واحتضانها لعدد كبير من أهم مصانع الأدوية في سوريا.
من جانبه، قال مدير شركة ثقة للمعارض، وسيم ناشد، لوسائل إعلام محلية على هامش المعرض، إن الدورة الخامسة للمعرض السوري للصناعات الدوائية ضمت نحو 70 شركة من مختلف المحافظات. ووصف هذه الدورة بـ "الأكبر من نوعها"، مع حضور مكثف للصيادلة والأطباء للتعرف على الشركات المصنعة والجديدة التي بدأت تنطلق في السوق المحلية بعد انتقال بعض معاملها من دول الجوار. واعتبر أن هناك تنافسًا حقيقيًا في صناعة الدواء ومستودعاته، وأن ما يحدث في حلب يؤكد مكانتها كعاصمة للصناعة الدوائية في سوريا. وبحسب ناشد، تمثل المدينة نحو 80% من معامل الدواء في البلاد.
المعرض السوري للصناعات الدوائية افتتح بتنظيم من شركة “ثقة للمعارض والمؤتمرات” وبالتعاون مع نقابة الصيادلة في حلب. ويسعى المعرض، وفق القائمين عليه، إلى أن يكون منصة لعرض المنتجات الدوائية المحلية. كما يهدف إلى تعزيز قدرات القطاع الصناعي في المدينة، من خلال تقديم مساحة للتواصل بين الشركات المنتجة والمهنيين الصحيين، ومناقشة سبل تطوير الصناعة الدوائية ورفع جودة المنتجات.