تتزاحم الأفكار في العقل وتثقل الهموم كاهل الحياة، فالعمل والبيت والأوضاع المعيشية والمستقبل والأولاد، كلها سلاسل تشغل البال وتستنزف الوقت. يصبح الفرد كالآلة المثقلة بالأمراض، يؤجل الفرح والنشاط، ويغرق في الإجهاد والتعب نتيجة ساعات العمل الطويلة وضغوط الحياة المستمرة.
إن التخلي عن الإجازات يؤثر سلباً على الصحة النفسية والجسدية، ويفقد الفرد فوائد صحية ونفسية واقتصادية واجتماعية جمة. فالكثيرون يدفعون ثمن الإفراط في العمل والإجهاد، ويتكبدون أمراضاً وأدوية ومراجعات طبية مكلفة.
الإجهاد وعدم الراحة يتسببان في إفراز هرمونات التوتر مثل الكورتيزول والإيبينفرين، مما يزيد من احتمالية الإصابة بالاكتئاب وزيادة الوزن واضطرابات النوم. من هنا تظهر أهمية الإجازة، حيث يحتاج الجميع إليها لاستعادة النشاط البدني والعقلي والقدرة على التفكير والتعامل مع الأمور الحياتية.
توضح الدراسات الحديثة الرابط بين الحصول على إجازة منتظمة وصحة القلب وانخفاض خطر الإصابة بالاضطرابات وزيادة متوسط العمر المتوقع. كما أن الإجازات تقلل من خطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم وارتفاع نسبة السكر في الدم وانخفاض مستوى الكوليسترول النافع وارتفاع مستويات الدهون الثلاثية التي تزيد من خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية والسكري.
وجد باحثون أيضاً روابط بين الاستفادة من العطل والإجازات وانخفاض معدل الشكاوى الجسدية المرتبطة بالتوتر وانخفاض مستويات الإرهاق والاكتئاب وزيادة الرضا. كما أنها تعوض قلة النوم وتقلل من خطر الإصابة بالسمنة والسكري.
يؤكد خبراء علم النفس أن الانفصال التام عن العمل يساعد على استعادة الموارد النفسية المفقودة مثل الطاقة والمزاج الإيجابي والعواطف والنشاط البدني والتواصل الاجتماعي مع العائلة أو الأصدقاء، مما يحسن الصحة. وخلال الإجازة، من المهم الانفصال ذهنياً عن العمل قدر الإمكان وتحديد وقت معين لإجراء مكالمات العمل أو الرد على رسائل البريد الإلكتروني.
تساعد الإجازات على تحسين وظائف الدماغ والحد من الأمراض العصبية والتوتر، وتعزيز الأداء الذهني وتقليل فرص الإصابة بالقلق والاكتئاب، مما يسمح للجسم والعقل بالتعافي. يتمتع الأشخاص الذين يخصصون وقتاً للإجازات بدرجة رفاهية مرتفعة مقارنة بأولئك الذين يعملون طوال الوقت دون الأخذ بعين الاعتبار حاجة أجسادهم للراحة والاستجمام، حيث تقل نسبة الشكاوى الجسدية وتتحسن جودة النوم.
تساعد الإجازة في قضاء وقت ممتع مع الأحبة والأهل والأصدقاء، مما يؤدي إلى الحفاظ على قوة العلاقات الأسرية والاجتماعية والشعور بالأمان النفسي والاجتماعي والأسري.
(سليمان خليل - أخبار سوريا الوطن-1)