الأربعاء, 1 أكتوبر 2025 11:54 AM

غزة بين مطرقة الحرب وخطة ترامب: هل تتحول من احتلال إلى انتداب جديد؟

غزة بين مطرقة الحرب وخطة ترامب: هل تتحول من احتلال إلى انتداب جديد؟

لم يشهد شعب في العصر الحديث حرب إبادة مماثلة لتلك التي يعيشها الغزيون منذ عامين تقريبًا، وهي فترة مليئة بالقتل والخوف. نزح خلالها الأهالي من منازلهم إلى العراء والخيام أكثر من 20 مرة، واستُخدم التجويع والتعطيش كأداة لتحقيق أهداف أمنية. تم توظيف تكنولوجيا القتل إلى درجة استخدام العربات المفخخة بأطنان من المتفجرات لهدم الأحياء المأهولة على رؤوس ساكنيها، ومُسحت مدن ومحافظات كاملة عن وجه الأرض.

في ظل هذه الظروف، وفيما يبيت أكثر من مليون إنسان في العراء ويكافحون لتأمين أدنى متطلبات الحياة الآدمية، تُطرح الخطة الأميركية الجديدة، التي يمكن وصفها بأنها جائرة، وتعطي شرعية لاحتلال إسرائيلي – أميركي مستدام. هذه الخطة، بحسب مراقبين، تسرق البلاد من أهلها عبر تفويض حكمها وإدارتها الأمنية والسياسية إلى مجلس أميركي – بريطاني، في إعادة إنتاج للاحتلال الكلاسيكي والانتداب الذي طواه النسيان.

مع ذلك، يتشبث الأهالي بأي أمل لوقف المذبحة المستمرة، مهما كانت التكلفة. يقول المواطن غسان عاشور إن «كل وضع سينتج من الخطة السيئة، سيكون أفضل مما نعيشه»، مضيفًا في تصريح إلى «الأخبار»: «وصلنا إلى مرحلة لم تبقَ لنا فيها أي خيارات، سوى إنقاذ الإنسان وحماية ما تبقّى بعد الخراب. فالدبابات تتوغّل في عمق مدينة غزة، وتنسف مئات المنازل يومياً، ويرتقي 100 شهيد كل يوم، وشعب كامل مُلقى في الشارع من دون أي رعاية ولا اهتمام. هذا ليس وضعاً مثالياً للتفكير الطويل».

في المقابل، يرى إسماعيل أبو هاشم، وهو نازح من مخيم جباليا شمال غزة إلى مدينة دير البلح في وسط القطاع، أن الخطة الأميركية ليست سوى «ملعوب» لإضفاء مزيد من الشرعية وضخ دماء جديدة في أوردة الحرب. ويقول إن «هذا المقترح أسوأ من أن يقبله أحد. وُضع ليُرفض، وقد حظي بكل أسف بدعم دولي واسع، حتى من حلفاء حماس مثل قطر وتركيا، كي تظهر الفصائل وكأنّها هي المعطّل لوقف الحرب، على الرغم من أنه مليء بالفِخاخ والصيغ غير الواضحة التي يمكن أن تمثّل مدخلاً لتواصل الاحتلال والقتال إلى ما لا نهاية».

ويضيف في حديثه إلى «الأخبار»، أن «الخطير هنا، هو أننا في حالة يُعتبر قبول المقترح فيها سيئاً ورفضه أسوأ، إذ إن كفّة الميدان تَرجح للعدو الذي يستخدم فائض قوة مهولاً، والرفض سيحرّر الطموحات اليمينية المتطرفة، من مثل التهجير واحتلال القطاع وقضمه، من قمقمها، ويمنحها فرصة لتصبح واقعاً، فيما لا نمتلك نحن أدوات تعطيلها وعرقلتها».

«القتال سيشتدّ خلال الأيام المقبلة، ولا نية لخفض حدّته»

في صفوف فصائل المقاومة، ثمة إدراك لخطورة الموقف، وأن الهدف الأول للخطة هو القضاء على المقاومة ونزع سلاحها وتدمير بنيتها وهيكلها، غير أن ثمن الرفض يدفع إلى المزيد من التروّي والأعصاب الباردة في التعاطي مع ما هو مطروح. وفي هذا الإطار، يلفت مصدر مطّلع، في تصريح إلى «الأخبار»، إلى أن «هناك بنوداً في خطة ترامب لم تعد أسبابها قائمة فعلياً، ومن المفهوم أنها وُضعت لإرضاء غرور نتنياهو.

مصانع السلاح مثلاً، والسلاح الثقيل، كل ذلك تآكل بعد التدمير الشامل الذي تعرّضت له مناطق واسعة في شمال القطاع وجنوبه. وهناك فهم أيضاً لكون إعادة ترميم الأنفاق، حتى وإن توقّفت الحرب، لن تكون متاحة، لانتفاء الظروف التي سمحت ببنائها، وهي سيطرة حركة حماس على مقدّرات الحكومة والأمن. النظر بواقعية إلى البنود المطروحة يجرّد الخطة من تهويلها، غير أن قبول الانتداب الأميركي البريطاني، عسير على الهضم».

وفي الميدان، قدّر مصدر أمني إسرائيلي تحدّث إلى موقع «حدشوت لفني كولام» العبري بأن «القتال سيشتدّ خلال الأيام المقبلة، ولا نية لخفض حدّته، كما سيُحدّد نطاق القتال مستقبلاً بناءً على رد حماس على الخطة. فإذا كان ردّهم سلبياً فهذا سيسمح بتوسيع نطاق القتال». وجاء ذلك في وقت وسّع فيه جيش الاحتلال نطاق غاراته ومجازره الجماعية، إذ شهدت مدينة غزة المئات من الغارات وعمليات النسف المنظّم للأحياء والمباني السكنية.

وتعرّض حيّا الدرج والصبرة لتفجير 5 عربات مفخّخة وتدمير 20 بناية سكنية، خلال ليل الإثنين – الثلاثاء. كذلك، تعرّض مخيم الشاطئ لعملية تدمير ممنهجة ساهمت في تحويل مناطق واسعة من أحيائه إلى خراب. وخلال نهار أمس، ألقى جيش الاحتلال منشورات تطالب الأهالي في البلدة القديمة في غزة بإلاخلاء جنوباً، وأكّد أن الحرب ستتواصل بمعزل عن المقترحات والخطط، حتى القضاء على «حماس».

أخبار سوريا الوطن١-الأخبار

مشاركة المقال: