الأربعاء, 1 أكتوبر 2025 01:06 AM

ماذا يريد ترامب وإردوغان من بعضهما البعض؟ تفاصيل اللقاء في البيت الأبيض وتداعياته

ماذا يريد ترامب وإردوغان من بعضهما البعض؟ تفاصيل اللقاء في البيت الأبيض وتداعياته

يرى الرئيس ترامب في علاقته الشخصية بالرئيس إردوغان أمراً بالغ الأهمية، نظراً للدور الذي تلعبه تركيا في الحسابات الأميركية على المستويين الإقليمي والدولي، بحسب رأي حسني محلي.

بعد ثمانية أشهر من تصريحاته حول "الدور التركي المباشر في أحداث سوريا الأخيرة وإيصال الشرع والفصائل الموالية له إلى السلطة في دمشق"، عاد ترامب وتحدث عن هذا الدور خلال لقائه بإردوغان في البيت الأبيض يوم الخميس.

وقال ترامب: "هذا الرجل لا يتحدث عن ذلك إلا أنه المسؤول الأول عن تغيير النظام في سوريا وإيصال الشرع ورجاله إلى السلطة، وهذا إنجاز عظيم له؛ لأنه سيطر على سوريا. لقد حاول الأتراك السيطرة على سوريا منذ ألفي عام، وها هو حقق ذلك، وهذا نصر له ولتركيا؛ لأن الفصائل التي تحكم سوريا موالية له".

على الرغم من اختلاف المراقبين حول هذه التصريحات، إلا أن ترامب أحرج إردوغان أمام الملايين الذين كانوا يتابعون اللقاء، عندما تحدث عن تزوير انتخابات 2020 التي خسرها أمام بايدن، قائلاً: "لقد قام الديمقراطيون بتزوير هذه الانتخابات، وأنت يا إردوغان أدرى بعمليات التزوير في الانتخابات"، في إشارة إلى الاتهامات الموجهة لإردوغان في الانتخابات الرئاسية واستفتاء 2017.

وقبل المؤتمر الصحفي، قال سفير ترامب في أنقرة، توم براك: "إن تركيا ديمقراطية ولكنها استبدادية قليلاً"، مضيفاً: "لقد تحدثنا كثيراً مع الرئيس ترامب عن العلاقة مع تركيا والرئيس إردوغان، وقررنا أن نساعده مقابل أن يساعدنا، فمنحناه الشرعية التي يحتاج إليها".

من جهته، انتقد وزير الخارجية روبيو الزعماء الأجانب الذين يهاجمون سياسات واشنطن، قائلاً: "هؤلاء الزعماء ومنهم الرئيس إردوغان (ذكر إردوغان فقط) عندما يخاطبون شعوبهم يهاجموننا بشدة، ولكن عندما يأتون إلى هنا يتوسلون إلينا كي نسمح لهم بلقاء الرئيس ترامب، ولو لخمس دقائق".

أثارت تصريحات براك وروبيو ردود فعل عنيفة في تركيا، حيث اعتبرها زعيم حزب "الشعب" الجمهوري أوزكور أوزال "إهانة مباشرة لتركيا ورئيسها"، ودعا إردوغان إلى الرد عليها، وعلى ما تعرض له في البيت الأبيض عندما سعى ترامب لتسويق المنتجات الحربية الأميركية له، ووعده "بإلغاء كل العراقيل أمام بيع طائرات إف -35 الأميركية لتركيا، ولكن شريطة أن ينفذ ما سيطلب منه".

يبدو أن ما جرى في المؤتمر الصحفي سيحدد ملامح المرحلة القادمة في العلاقة بين ترامب وإردوغان، بعد أن بات واضحاً أن واشنطن تعقد آمالاً كبيرة على هذه العلاقة، التي سبق أن تعرضت لانتقادات في الشارع التركي خلال ولاية ترامب الأولى.

وكان ترامب قد هدد إردوغان بتدمير اقتصاد تركيا إذا لم يخلِ سبيل القس الأميركي برونسون، وهو ما كان كافياً لإخراجه من السجن فوراً. وافتخر ترامب خلال مؤتمره الصحفي الأخير "بانتصاره" هذا، وقال إنه لو لم يفعل ذلك لبقي برونسون في السجن 35 عاماً.

كما بعث ترامب في 20 أكتوبر/ تشرين الأول 2019 رسالة خطية إلى الرئيس إردوغان، وطلب منه وقف العمليات الحربية فوراً شرق الفرات ضد المليشيات الكردية السورية، وقال له "لا تكن غبياً، واجلس مع مظلوم عبدي، واتفق معه على خطة مشتركة لإنهاء المشكلة".

على الصعيدين السياسي والاستراتيجي، اتفق ترامب وإردوغان على خفض التعرفة الجمركية على العديد من المنتجات الأميركية التي تستوردها تركيا، التي وقعت على اتفاقية مدتها عشرون عاماً لشراء الغاز المسال من أميركا. وقال ترامب إنها "مستعدة لبيع تركيا طائرات إف – 16 ولاحقاً إف -35".

كما وقعت شركة الخطوط الجوية التركية مع شركة "بوينغ" على عقد شراء أكثر من 200 طائرة، مع عقود أخرى تم التوقيع عليها بين الطرفين، بما في ذلك التعاون في مجال الطاقة النووية.

ودعا ترامب إردوغان إلى "الابتعاد عن روسيا، ليس فقط في علاقاته الاقتصادية والتجارية بل السياسية أيضاً، باعتبار أن تركيا البلد الأهم في الحلف الأطلسي".

ترى الأوساط السياسية في لقاء ترامب – إردوغان العديد من العناصر التي ستحدد مسار العلاقة الشخصية بين الرئيسين بانعكاسات ذلك على العلاقات بين البلدين.

وقال أوزكور أوزال إن إردوغان رضخ لكل المطالب والشروط الأميركية، السياسية منها والاقتصادية، مقابل استمرار الدعم الأميركي له للبقاء في السلطة.

فيما قال إلهان أوزكال "يمكن تلخيص كل ما جرى في البيت الأبيض بأنه صفقة شخصية بين ترامب وإردوغان، وموضوعها الرئيسي هو سوريا بتفاصيلها الداخلية والإقليمية، وفي مقدمة ذلك لقاء الشرع بنتنياهو، ومن ثم المصالحة التركية -الإسرائيلية وهي الهمّ الأهم بالنسبة إلى الرئيس ترامب".

إذا كان ترامب جاداً في الحديث عن "مسؤولية إردوغان في سوريا وتزويره الانتخابات في تركيا وحاجة إردوغان إليه"، فالأيام القادمة ستحمل الكثير من المفاجآت على صعيد الدور التركي في سوريا، والمنطقة عموماً، وبشكل يتفق والمخططات والمشاريع الأميركية التي يقول ترامب إنها في خدمة "إسرائيل".

وهو ما يفسر اهتمام الإعلام العالمي باعتراف بعض الدول الغربية بالدولة الفلسطينية، بهدف إبعاد الأنظار عن مشاركة أحمد الشرع في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.

ومن دون أن يتذكر أحد أن الشرع كان مصنفاً وتنظيمه "النصرة" و"هيئة تحرير الشام" في لوائح الإرهاب الأميركية والدولية، وهو الآن يتحدث بصفته رئيساً لسوريا.

واحتضنه ترامب في 14 مايو/ أيار الماضي في الرياض، وبوساطة إردوغان ومحمد بن سلمان، وطلب منه أن يلتقي وباسم "الإسلام المتطرف" صديقه العقائدي الجديد اليهودي المتطرف نتنياهو.

سنرى قريبا جداً ما الذي يريده ترامب من تركيا ومن رئيسها إردوغان على المدى القريب، ثم المتوسط والبعيد مقابل أن يضمن له بقاءه في السلطة لأطول فترة زمنية تساعده على مطالبه!

مشاركة المقال: