أشار السفير الأميركي السابق لدى سوريا، روبرت فورد، إلى أن كلمة الرئيس السوري أحمد الشرع أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة كانت "إيجابية وستجذب انتباهاً كبيراً"، خاصةً لتركيزها على إعادة الإعمار والتزام دمشق بالسلام والاستقرار الإقليميين.
وفي مقابلة مع برنامج "البعد الرابع" على تلفزيون "الشرق"، أوضح فورد أن كلمة الشرع في نيويورك تعتبر "حدثاً تاريخياً، لكونه أول رئيس سوري يتحدث أمام الجمعية العامة منذ أكثر من 58 عاماً".
وأضاف فورد أن "سياسة واشنطن تغيرت بعد لقاء الرئيس الأميركي دونالد ترمب مع الشرع في السعودية في مايو الماضي، حيث كانت الإدارات الأميركية السابقة حذرة"، مشيراً إلى أن "إدارة ترمب قررت أن تساعد دمشق من أجل رفع العقوبات".
وأعرب الدبلوماسي الأميركي السابق عن أمله في "التوصل إلى اتفاق بين سوريا وإسرائيل، وبين الحكومة وشمال شرق سوريا"، في إشارة إلى قوات سوريا الديمقراطية (قسد).
كما لفت إلى أن "البعد الأهم في زيارة الشرع إلى نيويورك هو الاجتماعات الثنائية الكثيرة التي عقدها مع قادة دول العالم، خاصة من أوروبا والشرق الأوسط ودول أخرى".
ورداً على سؤال حول التقدم في الاتفاق الأمني بين دمشق وتل أبيب، أجاب فورد بأنه "ليس لديه تفاصيل، ولكن الإدارة الأميركية تحاول مساعدة سوريا في الوصول إلى الاستقرار، بعد سقوط نظام الرئيس السابق بشار الأسد، عبر اتفاق مع إسرائيل".
وأشار إلى أن "الجانب الإسرائيلي قلق من استخدام إيران للأجواء السورية لاستهداف أراضيه"، معتبراً أنها "مسألة حساسة جداً للحكومة السورية إلى جانب المطالب الإسرائيلية بأن تكون هناك مناطق في جنوب سوريا منزوعة السلاح، ومدة استمرار الجيش الإسرائيلي في القنيطرة".
وتابع فورد: "كل هذه المسائل برأيي صعبة جداً بالنسبة للحكومة السورية، ولاحظنا إصرار الشرع في كلمته على أنه أي أتفاق مع إسرائيل يجب أن يحترم السيادة السورية.. ربما يتم توقيع الاتفاق اليوم أو غداً، بحسب رأي الكثيرين، لكن حتى الآن لم أرى ذلك يُترجم على أرض الواقع".
وأعرب فورد عن اعتقاده بأن المثير للاهتمام في الموقف الأميركي بعد لقاء الرئيسين ترمب والشرع هو أن "الأميركيين شددوا مراراً وتكراراً التزامهم بسوريا الموحدة، خاصة المبعوث الأميركي إلى دمشق السفير توم برّاك، المقرب من ترمب، الذي شدد بدوره على ذلك".
وأوضح أن المسألة الأساسية هي "كيفية تعريف السلطات المحلية، وما هي الصلاحيات للحكومة المركزية في دمشق مقابل هذه السلطات المحلية، وأن أميركا تحاول المساعدة في ذلك، لا سيما بعد المقترح الأميركي الأردني السوري بشأن السويداء".
وفي منتصف سبتمبر الجاري، اتفقت سوريا والأردن والولايات المتحدة، على خارطة طريق لحل الأزمة في السويداء "على أساس وحدة الأرض السورية، وأن كل السوريين مواطنون متساوون في الحقوق والواجبات في دولتهم"، وفق ما أعلنت وزارة الخارجية السورية، حينها.
ويرى أن "هناك مخاوف في سوريا عند بعض الأقليات حول نوايا دمشق، إذ كانت هناك انتهاكات لحقوق الإنسان، ويجب أن يكون هناك مساءلة عن الجرائم التي ارتكبوها".
وأوضح الدبلوماسي الأميركي السابق أن من بين الملفات المهمة التي تواجه حكومة دمشق، هو الوضع الاقتصادي، وإعادة الإعمار والإسكان. كما أشار إلى تصريح للشرع بشأن مليوني وحدة سكنية دمرها نظام الرئيس السابق أثناء الحرب، إلى جانب مسألة التضخم وارتفاع أسعار الغذاء تحديداً، والبنية التحتية مثل كذلك الكهرباء والمياه النظيفة، مؤكداً أن "التحديات التي تواجه سوريا كبيرة".
وأوضح فورد أن إدارة "الرئيس السابق باراك أوباما اقترفت أخطاء كبيرة"، وأن "واشنطن لم تكن تملك حلاً للوضع السوري، فالإدارة الأميركية آنذاك لم تتخذ إجراءات ضد الهجمات بالأسلحة الكيماوية، ما ساهم في معاناة الشعب السوري لذا يجب أن نعترف أننا ارتكبنا أخطاء"، مشدداً على أن "الحل آنذاك كان في أيادي سوريا، وليس أميركا أو بريطانيا".
وعند سؤاله بشأن الفيديو الذي انتشر له مؤخراً حول طلب منظمة بريطانية طلبت إعداد الشرع لدخوله في عالم السياسة، قال: "لم أقل بأنني أعددت الشرع، ولا صحة لذلك، وهذه لم تكن وظيفتي، وأنا لم أقل ذلك.. من هم ضد حكومة دمشق الحالية، قالوا هذا الأمر لإحراج الرئيس السوري".
وأضاف أن "المنظمة البريطانية طلبت مني أن أرافقها إلى إدلب لكي نرى ما يحدث فيها، ووضع المساعدات الإنسانية، وأيضاً الوضع المتعلق في الحوكمة والتعامل مع الأقليات.. السلطات في إدلب أعطتنا في ذلك الوقت نفاذاً للحديث مع الناس هناك؟؟ نحن لم نقدم النصائح، ولكن بالطبع قلنا رأينا".
وفي وقت سابق الأربعاء، ألقى الشرع أول كلمة لرئيس سوري منذ 58 عاماً أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث دعا إلى رفع العقوبات المفروضة على بلاده بشكل كامل، محذراً في الوقت ذاته من "التهديدات الإسرائيلية" التي قال إنها تستهدف سوريا في مرحلة انتقالية حساسة وتُعرّض المنطقة لخطر الانزلاق إلى صراعات جديدة.
وتحدَّث الشرع خلال كلمته عن "التهديدات الإسرائيلية" ضد سوريا منذ سقوط نظام الأسد في ديسمبر الماضي، قائلاً إن "السياسات الإسرائيلية تعمل بشكل يخالف الموقف الدولي الداعم لسوريا ولشعبها في محاولة لاستغلال المرحلة الانتقالية، ما يُعرّض المنطقة للدخول في دوامة صراعات جديدة لا يعلم أحد أين تنتهي".
(asharq)