تشهد مدينة تل أبيض شمالي محافظة الرقة انقطاعًا تامًا للتيار الكهربائي منذ يوم الجمعة الموافق 19 من أيلول، واستمر حتى يوم الاثنين 22 من أيلول، مما أدى إلى تعطيل مناحي الحياة المختلفة.
تسبب الانقطاع في توقف ضخ المياه، وتعطيل خدمة الإنترنت، بالإضافة إلى توقف عمل الأفران والمحال التجارية، الأمر الذي أجبر الأهالي على استخدام المولدات الخاصة، مع وجود صعوبات في تأمين مادة المازوت اللازمة لتشغيلها.
تكبد سمير المحمود (34 عامًا)، الذي يعمل في محل لبيع الأطعمة المجمدة، خسائر مالية قدرها 650 دولارًا نتيجة انقطاع الكهرباء. وأوضح أن البضائع تلفت بسبب توقف أجهزة التبريد، مما ألحق خسائر كبيرة بالمحل، وأجبره على تأجيل بعض الطلبات اليومية، ما أثر على دخله بشكل مباشر. ولجأ إلى تركيب منظومة طاقة شمسية لتشغيل بعض الأجهزة وتقليل الخسائر.
من جهة أخرى، يعاني والد محمد العزام من مدينة تل أبيض من التهاب رئوي حاد، ويحتاج إلى جهاز تنفس يعمل بالكهرباء. وأشار محمد إلى أن انقطاع الكهرباء أدى إلى تدهور الحالة الصحية لوالده بشكل كبير، وأصبح من المستحيل تشغيل الجهاز بشكل منتظم، مما زاد من قلق الأسرة. واضطر محمد، العامل بالزراعة، لشراء مولدة صغيرة لتشغيل الجهاز، وبلغت تكلفة تشغيلها خلال خمسة أيام ما يقارب 520,000 ليرة سورية (نحو 50 دولارًا)، وهو مبلغ كبير بالنسبة لدخله.
ما سبب الانقطاع؟
تؤرق مشكلات الكهرباء حياة السكان في مدينة تل أبيض، إذ تتكرر الشكاوى من غيابها عن معظم مناطق الريف، أو تذبذب التيار الذي يؤدي إلى تلف الأجهزة الكهربائية، أو ارتفاع أسعارها بشكل متكرر.
قال مدير شركة "AK Energy" في تل أبيض، مهند بكور، إن السبب الرئيس لتعطل كهرباء المدينة يعود إلى تعطل المحولة الرئيسة التي تغذي المدينة بالكامل، وهي غير متوفرة محليًا في تركيا، حيث يتم استيرادها فقط من الصين، ما أدى إلى تأخر إصلاح العطل. وأوضح أن الشركة تعمل على تأمين محولات صغيرة بديلة لتغذية كل حي لمدة أربع ساعات يوميًا بشكل مقنن، ضمن خطة تقنين مؤقتة لتخفيف أثر الانقطاع على السكان والمرافق الحيوية. وأضاف أن فرق الشركة تعمل على متابعة تشغيل هذه المحولات الصغيرة بشكل مستمر، لضمان وصول الكهرباء إلى أكبر عدد ممكن من المنازل والمحال التجارية بشكل منظم ومتوازن. وأشار إلى أن الشركة ستباشر أعمال صيانة المحولة الرئيسة فور وصولها خلال هذا الأسبوع.
أُسست شركة "Ak Energy" في ولاية كلّس التركية وتعود ملكيتها للسوري إبراهيم خليل وثلاثة أشخاص أتراك، وبدأت الشركة أعمالها بأرياف حلب في 1 من حزيران 2017، وحصلت على ترخيص رقم "9123455" من غرفة الصناعة والتجارة في ولاية غازي عينتاب التركية. وقعت الشركة أول عقودها مع المجلس المحلي في رأس العين وتل أبيض في آذار 2021، وذلك لتوصيل التيار الكهربائي إلى المدينتين وريفهما. ونص العقد على تغذية المدينتين والريف خلال عام واحد فقط، إلا أن الشركة تخلفت عن التنفيذ، حيث استغرق إيصال الكهرباء إلى مدينة رأس العين وتل أبيض بشكل كامل أكثر من عامين.
حلول إسعافية
قال مدير مكتب الإعلام في المجلس المحلي بتل أبيض، متعب حسين، إن انقطاع الكهرباء أثر بشكل مباشر على تشغيل آبار المياه في المدينة، ما أدى إلى توقف ضخ المياه عن المنازل والأحياء. وأوضح أن المجلس المحلي، منذ بداية الانقطاع، باشر باتخاذ إجراءات عاجلة لتشغيل الآبار والمخابز وضمان وصول المياه إلى جميع السكان دون انقطاع. وأضاف أن المجلس قام بتأمين مولدات كهربائية كبيرة وصغيرة لتشغيل الآبار والأفران بشكل متتابع، مع مراقبة توزيع المياه لتغطية أكبر عدد ممكن من المناطق، بالإضافة إلى تعيين فرق طوارئ لمتابعة عمل المولدات وصيانتها بشكل مستمر. وأكد أنهم على تواصل مستمر مع الشركة المعنية لصيانة العطل وإعادة التيار الكهربائي بأقرب وقت ممكن.
يبلغ عدد سكان مدينة تل أبيض نحو 138,000 شخص، ويعيش أغلبيتهم أوضاعًا مادية صعبة بسبب قلة فرص العمل، ويعتمد أغلب السكان على الزراعة والثروة الحيوانية.