السبت, 20 سبتمبر 2025 12:36 AM

إطلاق "متحف السجون السوري الافتراضي": توثيق مآسي المعتقلات وملاحقة الجناة

إطلاق "متحف السجون السوري الافتراضي": توثيق مآسي المعتقلات وملاحقة الجناة

في خطوة غير مسبوقة، أُطلق "متحف السجون السوري الافتراضي" في أيلول/سبتمبر 2025، كمبادرة استقصائية تهدف إلى كشف الجرائم والانتهاكات التي ارتُكبت داخل السجون السورية، والحفاظ على الذاكرة الجماعية للمعتقلين وضحايا الإخفاء القسري.

يسعى المتحف إلى تخليد ذكرى الضحايا والمفقودين من خلال جمع الوثائق والشهادات والتحقيقات، وعرضها على منصة رقمية متاحة للجميع. يعتمد المشروع الجديد، الذي أطلقته مؤسسة متحف السجون، على خبرتها في توثيق تجارب المعتقلين لدى تنظيم "داعش" عام 2017.

تعاونت المؤسسة لاحقًا مع منظمات سورية ودولية معنية بالمفقودين والعدالة الجنائية لإنشاء هذا المتحف الافتراضي الذي يوثق الانتهاكات. يضم المتحف شهادات مباشرة من ناجين وعائلات المفقودين، بالإضافة إلى مواد أرشيفية وإعادة بناء رقمية لمشاهد من داخل السجون، بهدف إحياء ذكرى الضحايا وإيصال أصوات الناجين وجمع الأدلة لمحاسبة المسؤولين عن الجرائم.

كانت أولى محطات المتحف سجن صيدنايا العسكري (2011-2024)، الذي اكتسب سمعة مرعبة منذ تأسيسه عام 1987، وتحول بعد اندلاع الثورة السورية إلى مركز رئيسي للتعذيب والاعتقال التعسفي والإعدامات. بعد سقوط النظام السوري في 8 كانون الأول/ديسمبر 2024، دخل فريق المتحف إلى السجن لتوثيق ما جرى بين جدرانه.

يقدم هذا المتحف الافتراضي الأول من نوعه جولات افتراضية ثلاثية الأبعاد (3D) تكشف تفاصيل البنية المعمارية للسجن وعلاقتها بأنماط القمع، بالإضافة إلى وثائق أصلية تشمل سجلات الاعتقال والوفيات والتقارير الطبية. كما يوثق شهادات مصورة لناجين وذوي معتقلين، تسلط الضوء على التجارب القاسية وظروف الحياة اليومية خلف القضبان.

بالتعاون مع رابطة معتقلي ومفقودي صيدنايا والمركز السوري للدراسات والأبحاث القانونية، يوفر المتحف مرجعًا دقيقًا للأهالي والباحثين والمهتمين، ويؤكد أن هذه الجهود ليست فقط لحفظ الذاكرة، بل أيضًا لتعزيز مسارات العدالة والمساءلة. بهذا المشروع، يصبح المتحف شاهدًا رقميًا على واحد من أكثر السجون رعبًا في تاريخ سوريا، وجسرًا يربط بين الذاكرة والعدالة.

على مدى سنوات، استخدم نظام الأسد السجون كوسيلة لتخويف المعارضين وقمع أي صوت مخالف. اختفى العديد من المعتقلين داخل هذه المرافق، وما زالت مصائرهم مجهولة حتى بعد تحرير بعض السجون إثر سقوط النظام. وفي مايو الماضي، أعلنت السلطات الجديدة في سوريا عن تأسيس لجنة وطنية للمفقودين وأخرى تُعنى بالعدالة الانتقالية. ورغم الترحيب الحذر من المنظمات الحقوقية والناشطين بهذه الخطوات، فإنهم يرون أن الطريق إلى العدالة ما يزال طويلًا، مشددين على أن جميع أطراف الصراع السوري يجب أن تخضع للمحاسبة، وأن تكون التحقيقات مستقلة تماما.

فارس الرفاعي - زمان الوصل

مشاركة المقال: