الثلاثاء, 16 سبتمبر 2025 11:19 PM

النفط الروسي: شريان حياة لسوريا وتحديات فساد متزايدة في لبنان

النفط الروسي: شريان حياة لسوريا وتحديات فساد متزايدة في لبنان

في ظل أزمات اقتصادية حادة وحاجة متزايدة للطاقة، تعود روسيا لتلعب دوراً محورياً في المشهدين السوري واللبناني من خلال إمدادات النفط والوقود. ومع ذلك، فإن تدفق هذه الشحنات يحمل في طياته تعقيدات سياسية ومخاطر فساد تهدد أي فرصة للإصلاح.

بعد الجدل الذي أثير حول محاولة هروب الباخرة HAWK III، أوضحت وزارة الطاقة أن توقيف الباخرة ومراقبتها وحجز جوازات سفر طاقمها ليس من مسؤولياتها، مطالبة الأجهزة المختصة بالتحقيق في كيفية حصول الطاقم على الجوازات وتحديد المسؤول عن ذلك. ولا تزال السفينة قيد الحجز.

تتعلق محاولة هروب الباخرة بمصدر النفط الذي نقلته وأفرغته في بيروت، وما إذا كانت هناك عملية تزوير لإخفاء المنشأ الروسي لهذا النفط.

على الرغم من التغيرات السياسية في دمشق، لا تزال سوريا تعتمد على النفط الروسي، وتعتبر موسكو المورد الرئيسي للنفط الخام والمنتجات المكررة. وفقًا لبيانات TankerTrackers وKpler، استوردت سوريا هذا العام حوالي 12 مليون برميل من النفط الخام الروسي، بالإضافة إلى الوقود وزيت الديزل. وعلى الرغم من محاولات بعض الدول مثل أذربيجان وقطر وتركيا لدعم سوريا بإمدادات طارئة، يظل العرض الروسي هو الأرخص والأكثر استقرارًا.

لكن هذا الاعتماد لا يعكس تعافيًا حقيقيًا، فالإنتاج المحلي لا يتجاوز 35 ألف برميل يوميًا مقارنة بـ 350 ألف برميل عام 2011، في حين تبدو مصفاتا بانياس وحمص عاجزتين عن معالجة النفط السوري الثقيل. لذلك، تتجه دمشق لتصدير جزء من إنتاجها إلى مصاف إقليمية أكثر تطورًا، بينما تستورد الخام الروسي لتغطية احتياجاتها اليومية.

تشير مصادر إلى أن الوقود الروسي يمثل جوهر أزمة الكهرباء المستمرة في لبنان منذ عقود. على الجانب الآخر، يبدو المشهد اللبناني مختلفًا جذريًا. الأزمة هنا ليست في الإنتاج، بل في سوء الإدارة والفساد المتوارث. في الشهر الماضي، وصلت ثلاث شحنات من الغاز أويل وزيت الوقود من الموانئ الروسية عبر ناقلات مختلفة، لتغذية محطات الكهرباء في الزهراني ودير عمار والزوق والجية. ورغم نجاح شحنتين في التفريغ، أثارت الناقلة الثالثة "هوك-3" جدلاً سياسياً واسعاً قبل السماح لها بالتفريغ.

اعتاد لبنان استيراد المنتجات الروسية حتى عام 2021، لكن الغزو الروسي لأوكرانيا والعقوبات المفروضة على روسيا أوقفت ذلك.

بعد حجز الباخرة "هوك-3"، يُشتبه في أن ثلاث شحنات من الفيول مصدرها روسيا كانت قد وصلت إلى لبنان بعد تزوير المصدر في الموانئ التركية. ويبدو أن النفط الروسي يغزو الأسواق السورية واللبنانية عبر عمليات تزوير غامضة، في ظل ظروف اقتصادية صعبة يعيشها البلدان.

في عام 2023، عاقبت الخزانة الأميركية شخصين لبنانيين لاستخدامهما شركات خاصة لضمان عقود حكومية عبر "عمليات مناقصة عامة غامضة للغاية". والأسوأ من ذلك أن الوقود المستورد ضمن هذا المخطط كان ملوثًا، مما ألحق أضرارًا بمحطات الكهرباء.

يهدد النفط الروسي الاستقرار في البلدين. في سوريا، يكمن الخوف الأكبر في أن تتحول تجارة النفط إلى وسيلة نفوذ روسية طويلة الأمد، في ظل القواعد العسكرية الروسية في طرطوس وحميميم. أما في لبنان، فقد أفرز الفساد فضائح عديدة، من بينها عقود وقود ملوث، مما استدعى عقوبات أميركية على شخصيات لبنانية متورطة، وشكل أداة لتمويل أحزاب سياسية. وقد يتعرض الموردون لعقوبات أميركية.

تعهد وزير الطاقة الحالي، جو صدّي، بإحياء قانون تنظيم الكهرباء المعطل منذ عقدين، وبدأ يحقق خطوات، لكن مساعيه تواجه عقبات سياسية ونفوذ قوى مستفيدة من الفوضى.

يكمن الفارق الأساسي بين البلدين في أن سوريا تحتاج إلى النفط الروسي كضرورة وجودية لإعادة بناء اقتصاد مدمر، بينما يستخدم لبنان هذه الواردات "كمسكن" قصير الأمد لأزمة كهرباء متجذرة في الفساد. لكن في الحالتين، تظل روسيا حاضرة بقوة، إما كمصدر طاقة أساسي أو كمورد براغماتي يستفيد من هشاشة الآخرين. والطاقة، في نهاية المطاف، ليست مجرد سلعة اقتصادية، بل ساحة صراع سياسي لا تقل أهمية عن ميادين الحرب.

اخبار سورية الوطن 2_وكالات _النهار اللبنانية

مشاركة المقال: