يعد الصهريج الأثري في قرية "تركب" التابعة لمنطقة صافيتا في محافظة طرطوس، من أهم معالمها، حيث يمثل حكاية قديمة لتأمين المياه. ويوضح الخبير الآثاري بسام وطفة لصحيفة "الحرية" أن تسمية الموقع بـ"صهريج" تعود إلى وجود دهليز متفرع تحت القرية، جزء منه مملوء بالماء على شكل مستنقع، وهي أماكن مخصصة لتجميع مياه الصهاريج.
يقع الصهريج وسط القرية محاطاً بالمنازل الحديثة والطرقات. كانت الحضارات القديمة تعتمد على مصادر المياه المتنوعة كالأنهار والينابيع والآبار والخزانات لتوفير المياه، خاصة في المناطق ذات المصادر المحدودة. ويرجح وطفة أن الخزان جزء من منشأة أكبر، ربما كانت حمامات أو قصور أو قلاع أو معاصر زيتون، مما يؤكد أن الصهريج أنشئ لتخزين الماء، إلا أن هذه المنشآت غير موجودة حالياً بسبب أعمال البناء.
يشير وطفة إلى أن مصدر مياه الخزان كان الأمطار التي تصل إليه عبر قناة أثرية، جزء منها فوق سطح الأرض والآخر تحت الأرض بطول 50 متراً. وعندما يمتلئ الخزان، تخرج المياه الزائدة عبر فتحتين في الجهة الجنوبية على شكل بوابتين. وفي الجهة الشمالية، يوجد مدرج حجري بازلتي يصل إلى أسفل الصهريج، وينتهي بدرجة عريضة محفور عليها كتابات لاتينية قديمة.
يصف وطفة الخزان بأنه عبارة عن قاعات مبنية من الحجر البازلتي ومسقوفة بعقود نصف أسطوانية، يقع سقفها تحت مستوى الطريق العام ويمكن النزول إليها بواسطة أدراج. الأرض مرصوفة بحجارة بازلتية شبيهة بتلك الموجودة في الطريق المؤدية إلى برج صافيتا.
يضيف وطفة أن سقف الصهريج من الداخل على شكل قناطر من الحجارة المعقودة، وله فتحتان من الأعلى مغطاتان بحجارة بازلتية محكمة، كانتا تستخدمان لرفع الماء بالدلو. يرتفع الصهريج عن سطح الأرض من الغرب حوالي 5.2 متر ومن الشرق حوالي 1.5 متر، بينما الجزء الأرضي تحت مستوى الأرض بحوالي 5 أمتار، أي أن ارتفاعه الكلي يبلغ 5.7 أمتار تقريباً، ويتسع لآلاف الأمتار المكعبة من المياه.
يؤكد وطفة أن الرومان والبيزنطيين والصليبيين اعتمدوا هذا الأسلوب خلال الحضارات الإسلامية.
يشير وطفة إلى انتشار الفخار والبقايا الأثرية التي تعود للعصرين الروماني والبيزنطي في المناطق المحيطة بالخزان، مما يدل على أهمية الموقع خلال تلك الفترة، خاصة أن قرية تركب تقع وسط سهل غني بالمستوطنات الزراعية خلال العصور الوسطى مثل كنيسة سمكة وبرج ميعار ودير حباش.
يختتم الباحث الآثاري بسام وطفة بالتأكيد على أن طريقة البناء والإطار العام للخزان، والعقود المنفذة وأسلوب نحت الحجارة، تشير بوضوح إلى أن البناء يعود للفترة الرومانية، ويؤكد ذلك انتشار الكسر الفخارية التي تعود إلى تلك المرحلة.
اخبار سورية الوطن 2_وكالات _الحرية