الأحد, 14 سبتمبر 2025 02:25 AM

انتخابات مجالس الاندماج في ألمانيا: صوت المهاجرين نحو المشاركة السياسية الفعالة

انتخابات مجالس الاندماج في ألمانيا: صوت المهاجرين نحو المشاركة السياسية الفعالة

تنشر هذه المادة في إطار شراكة إعلامية بين عنب بلدي وDW يشهد العمل السياسي في ألمانيا إقبالاً متزايداً من النساء. يستعرض هذا التقرير تجارب نسائية في انتخابات مجالس الاندماج في ولاية شمال الراين ويستفاليا، ويسلط الضوء على قصصهن وأهدافهن من المشاركة في هذه الانتخابات، سواء بالترشح أو التصويت، والتي ستجرى في 14 أيلول/ سبتمبر 2025.

من التطوع إلى العمل المؤسسي!

تخوض حورية ودان، المرشحة لانتخابات مجلس الاندماج في دوسلدورف، تجربتها الأولى في الانتخابات، ولكنها ليست بداية نشاطها المجتمعي في ألمانيا. فقد انخرطت ودان خلال السنوات الماضية في مبادرات ثقافية واجتماعية تهدف إلى تعزيز التفاهم بين الثقافات وتمكين النساء والشباب ومكافحة جميع أشكال التمييز. وتوضح في حديثها لمهاجر نيوز أن "خطوة الترشح للانتخابات هي امتداد طبيعي لنشاطها، عبر الانتقال من المبادرات المجتمعية إلى العمل المؤسسي".

حورية، التي تعيش في ألمانيا منذ عام 2004، حاصلة على ماجستير في التحول الاجتماعي والحكم الديمقراطي من جامعة هاينريش هاينه، ودبلوم تعليم اللغة الألمانية لغير الناطقين بها. وتقول إنها اختارت الترشح لأن مجلس الاندماج يمثل الجسر المباشر بين المهاجرين وصانعي القرار المحليين، ولترجمة أصواتهم إلى سياسات. وتضيف أن المجلس هو المكان الذي يضمن ألا تبقى قضايا المهاجرين على الهامش، بل تكون جزءاً من القرار السياسي المحلي.

مجالس الاندماج.. تمثيل سياسي للتعددية

يتم انتخاب مجالس الاندماج كل خمس سنوات من قبل المهاجرين أنفسهم خلال يوم انتخابات المجالس البلدية. وتعمل هذه المجالس بشكل أساسي على تمثيل مصالح المهاجرين داخل المجالس البلدية، وتساهم في رسم استراتيجيات تجاه المهاجرين، وذلك من خلال تقديم الاستشارات والاقتراحات لإدارة هذه المجالس، وتلعب دوراً في دعم التعايش بين مكونات المجتمع.

كما تعمل هذه المجالس على حل المشاكل المتعلقة بالمهاجرين، مثل مكافحة العنصرية والمساهمة في إصدار القوانين التي تضمن اندماج المهاجرين في المجتمع المحلي بشكل أفضل. وحسب موقع مدينة بون مثلاً، فإن المجلس يمثل مصالح المهاجرين في الأمور المتعلقة بالسياسة والإدارة والعلاقات العامة.

بناء جسور بين المجتمعات

هيام قراه جه، سورية كردية تنحدر من مدينة عفرين، قدمت إلى ألمانيا نهاية سنة 1999، تشارك في انتخابات مجلس مدينة بون للمرة الثانية على التوالي. وقالت في حوار مع مهاجر نيوز: "هذه هي مشاركتي الثانية في مجلس الاندماج، فقد شاركت في الدورة السابقة أيضاً".

وتضيف المتحدثة: "خلال التجربة الأولى، ركزت على مساعدة الجمعيات الثقافية والاجتماعية بمدينة بون. وأخذت على عاتقي كامرأة كردية لها نشاطها الاجتماعي، إبراز جهود النساء المهاجرات، اللواتي يعملن على ترسيخ فكرة مجتمع متكامل".

اختارت هيام خوض التجربة الثانية لأنها ترى أن "المرأة بحاجة لدعم دراسي وأسري بتوفير أماكن رعاية الأطفال مثلاً، والدعم المعرفي بإنشاء مراكز استشارية خاصة بقضايا المرأة"، وهو ما تسعى للعمل عليه إن حصلت على فرصة ثانية.

وقبل أن تخوض التجربة السياسية، لهيام عمل قار في ألمانيا، إذ أنها مربية في مدرسة منذ أكثر من عشر سنوات، لكن لها أيضاً مشروع خاص أطلقت عليه عنوان: معا منذ البداية/ Gemeinsam von anfang an. وتقول عن المشروع: "في رياض الأطفال أقدم حصصاً للإرشاد والتوجيه والتوعية للمهاجرين، حول نظام المدارس وأنواعها ورياض الأطفال أيضاً، وهو ما بدأت به منذ 15 عاماً".

مجالس الاندماج.. إشراك للمهاجرين في الحياة السياسية

يتم انتخاب مجالس الاندماج في ألمانيا من قبل المهاجرين أنفسهم لتمثيلهم على مستوى المجالس المحلية. وبالنسبة لهيام، تكمن أهمية المجلس في فكرة "إشراك المهاجرين في الحياة السياسية، فآلية الترشح والتصويت تجعل المهاجرين يؤمنون أكثر أن المشاركة في العملية الديموقراطية إثبات لوجودهم".

وبالنسبة لحورية، هو المنصة الرسمية التي تمثل مصالح المهاجرين أمام السياسة المحلية. أهم مهامه تتمثل في الدفاع عن حقوق الجاليات وتعزيز المشاركة السياسية ومكافحة العنصرية والتمييز، وتطوير سياسات تضمن العدالة والمساواة. كما ترى المتحدثة أن التصويت يمنح الجاليات القدرة على اختيار من يمثلها ويدافع عن قضاياها، وهو ليس مجرد حق ديمقراطي، بل مسؤولية لبناء مدينة أكثر عدلاً وتضامناً وتنوعاً.

حق الترشح للمجلس والتصويت حسب القانون

بحسب موقع ولاية شمال الراين ويستفاليا، يحق لكل بالغ ألمانيا كان أو أجنبياً يقيم في ألمانيا منذ عام واحد على الأقل، أن يرشح نفسه لمجلس الاندماج في بلدية المدينة التي تكون محل إقامته الرئيسي، ويكون مسجلاً فيها منذ ثلاثة أشهر على الأقل. ويمكن أن تكون الترشيحات فردية أو في قوائم مستقلة أو في قوائم تابعة لأحزاب سياسية.

كما يحق التصويت للأجانب الذين يحملون جنسية أجنبية، وللألمان المتجنسين، أي الذين حصلوا على الجنسية من خلال التجنيس، والأشخاص الذين حصلوا على الجنسية الألمانية لأن أحد الأبوين أقام في ألمانيا لأكثر من ثمانية أعوام حسب القانون السابق، وكان يحمل الإقامة الدائمة.

بترشحها لانتخابات المجلس، تهدف حورية إلى "المساهمة في جعل دوسلدورف مدينة آمنة، عادلة ومنفتحة، تعترف بتنوعها وتحوّله إلى فرصة للتلاقي". كما أن قضايا النساء ذوات الخلفية المهاجرة، تشكل أولوية بالنسبة لها، تقول: "كثير منهن يشعرن بعدم الأمان في الفضاء العام، ولهذا أطالب بسياسات لضمان حمايتهن، وأسعى لدعم النساء عبر التعليم والتمكين والمشاركة المجتمعية لأن أي مدينة عادلة لا يمكن أن تُبنى دون مشاركة النساء بشكل فعّال".

وترى حورية أن التنوع الكبير في دوسلدورف يعني مسؤوليات إضافية، لكنه أيضاً يمثل ثروة اجتماعية وثقافية. المجلس يتحمل مسؤولية تحويل هذا التنوع إلى قوة إيجابية تخدم مصلحة المدينة بأكملها. وهذا يتحقق عبر دعم مشاريع الحوار بين الأديان والثقافات، تعزيز الذاكرة المشتركة للمهاجرين وتنظيم فعاليات ثقافية.

المصدر: مهاجر نيوز

مشاركة المقال: