تعيش كرة القدم العربية لحظات استثنائية مع قرب انتهاء التصفيات المؤهلة لكأس العالم 2026، الذي سيقام في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك. بعد سنوات من تمثيل عربي محدود في النهائيات، تظهر فرصة تاريخية لتسجيل رقم قياسي غير مسبوق في عدد المنتخبات العربية المشاركة في هذا الحدث الكروي العالمي. مع اقتراب أكثر من ستة منتخبات من حجز مقاعدها، تؤكد الكرة العربية أنها أصبحت قوة لا يستهان بها على الساحة الدولية.
الأردن يكتب التاريخ والمغرب في مسيرة مثالية
البداية كانت مع المنتخب الأردني، الذي حقق إنجازًا استثنائيًا بالتأهل لأول مرة في تاريخه. وصول "النشامى" إلى المونديال أثار موجة من الفرحة الجماهيرية العربية، وأكد قدرة الكرة العربية الآسيوية على مفاجأة القارة وكسر احتكار القوى التقليدية.
أما في إفريقيا، فقد قدم منتخب المغرب نموذجًا يحتذى به في التصفيات. لم يكتف "أسود الأطلس" بالتأهل المبكر، بل حققوا ذلك بالعلامة الكاملة بعد سبعة انتصارات متتالية، ليصبحوا أول منتخب إفريقي يضمن مكانه في المونديال.
إنجاز المغرب لا يقتصر على التأهل، بل يرتبط أيضًا بذكريات مونديال قطر 2022، حين صنعوا تاريخًا جديدًا للعرب والقارة السمراء ببلوغ نصف النهائي. واليوم، يخوض المغاربة تصفيات 2026 بثقة وطموح يتجاوز مجرد المشاركة، نحو محاولة تكرار أو حتى تجاوز إنجاز الدوحة.
تونس.. صلابة دفاعية وحضور دائم
المنتخب التونسي لحق بالمغرب سريعًا، ليؤكد حضوره الدائم في المحفل العالمي. أنهى "نسور قرطاج" التصفيات دون أن تهتز شباكهم بأي هدف، في مشهد يعكس صلابة دفاعية نادرة. تحمل مشاركة تونس السابعة في كأس العالم خبرة متراكمة، ورغبة في تجاوز عقبة الدور الأول التي لازمت المنتخب باستثناء إنجاز 1978.
مصر والجزائر.. العد التنازلي للتأهل
تترقب الجماهير العربية بشغف نتائج جولة تشرين الأول المقبلة، حيث يقف المنتخب المصري على بعد خطوة من ضمان التأهل الرابع في تاريخه، بعد مشوار تصفيات مميز بقيادة حسام حسن ومحمد صلاح.
في المقابل، يقترب منتخب الجزائر بدوره من حسم بطاقة العودة إلى المونديال بعد غياب دام نسختين، ليمنح "محاربو الصحراء" جماهيرهم الأمل في كتابة فصل جديد بعد ملحمة 2014 الشهيرة أمام ألمانيا.
محاولات عربية أخرى
إلى جانب الكبار، تسعى منتخبات أخرى لاقتناص فرصة الظهور الأول. قدمت منتخبات السودان وليبيا وجزر القمر مستويات واعدة رغم صعوبة المهمة، بينما يواصل العراق وقطر والإمارات المنافسة في القارة الآسيوية، وسط توقعات بأن تسجل المنطقة العربية حضورًا قياسيًا يتخطى حاجز أربعة منتخبات الذي تحقق في مونديالي 2018 و2022.
ستكون النسخة المقبلة من كأس العالم استثنائية، ليس فقط لأنها الأولى بمشاركة 48 منتخبًا، بل أيضًا لأنها قد تشهد أكبر حضور عربي في تاريخ البطولة. ومع ضمان تأهل ثلاثة منتخبات حتى الآن (الأردن والمغرب وتونس)، وانتظار حسم مصر والجزائر، إضافة إلى فرص قوية للسعودية وقطر والعراق أو الإمارات، فإن الرقم القياسي بات أقرب من أي وقت مضى.
لم تكن تصفيات كأس العالم 2026 مجرد مباريات عابرة للمنتخبات العربية، بل كانت محطة لإعادة رسم صورة الكرة العربية عالميًا. من إنجاز الأردن التاريخي إلى الصلابة التونسية والتألق المغربي، مرورًا بانتظار مصر والجزائر، تقف الجماهير على أعتاب لحظة فارقة قد تجعل مونديال 2026 نسخة عربية بامتياز. والأكيد أن الطريق إلى كندا والمكسيك والولايات المتحدة لم يعد حلمًا بعيد المنال، بل واقعًا يقترب أكثر فأكثر، ليؤكد أن الكرة العربية تدخل مرحلة جديدة من النضج والطموح العالمي.