الأربعاء, 10 سبتمبر 2025 04:07 PM

تركيا في مواجهة معضلة التوازن: مصالحة داخلية وضغوط أمريكية إسرائيلية متزايدة

تركيا في مواجهة معضلة التوازن: مصالحة داخلية وضغوط أمريكية إسرائيلية متزايدة

أثارت تصريحات توم براك، مبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى سوريا وسفير الولايات المتحدة في أنقرة، بشأن "قوات سوريا الديموقراطية" (قسد) جدلاً سياسياً داخلياً في تركيا بين مؤيدي السلام مع "حزب العمال الكردستاني" والمشككين في نواياه.

تشهد أنقرة ضغوطاً أميركية إسرائيلية متزايدة، حيث كثفت إسرائيل ضرباتها على مواقع عسكرية في محيط دمشق، متهمةً تركيا بزرع معدات تجسس في أحدها، بهدف تقليص النفوذ التركي في سوريا، خاصةً في جنوبها. وتزامنت هذه الاستهدافات مع تصريحات براك التي أكد فيها أن "وحدات حماية الشعب وقسد لم تعد مرتبطة بحزب العمال الكردستاني"، مشدداً على شراكتها مع واشنطن.

تزامنت هذه التصريحات مع تهديدات من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي لوح باستخدام "السيف" كإشارة إلى الخيار العسكري في حال رفضت "قسد" حل نفسها، وهو ما أكده وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، مصرحاً بأن "صبر أنقرة بدأ ينفد" تجاه تحركات "قسد". واعتبر العديد من الصحافيين الأتراك هذه التطورات بداية لمرحلة جديدة من "الضغوط الأميركية" على أنقرة لفرض واقع جديد في سوريا.

يتزايد الاعتقاد في تركيا بأن واشنطن، من خلال تأكيدها على شرعية "قوات سوريا الديموقراطية"، تحاول تمهيد الطريق أمام حل سياسي يضعف "حزب العمال الكردستاني" ويبرز "قسد" ككيان سوري محلي شرعي، وهو ما يرتبط بالحديث عن "اللامركزية" و"الفيدرالية" كحل للأزمة السورية. ولم يقتصر التصعيد الأميركي على الملف الكردي، حيث وافق الكونغرس على مقترح لإعداد تحقيق في علاقات تركيا مع حركة "حماس".

من جانب آخر، لا تخفي إسرائيل دعمها لفكرة منح الأكراد حكماً ذاتياً أو كياناً مستقلاً في المنطقة، وتأتي تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن "حق الأكراد بدولة" في هذا السياق. ويرى البعض أن دعوة دولت بهتشلي، زعيم حزب "الحركة القومية" التركية، لعبد الله أوجلان لحل "حزب العمال الكردستاني"، جاءت كخطوة استباقية للتحركات الأميركية الإسرائيلية المتوقعة لإجبار أنقرة على التطبيع مع "قسد".

في محاولة لإضفاء طابع وطني على المبادرة، شكل "تحالف الشعب" لجنة برلمانية باسم "التضامن الوطني والأخوّة والديموقراطية" للنظر في التعديلات الدستورية والقانونية اللازمة لإنجاح مسار "تركيا بلا إرهاب" وإشراك الأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان، وهو مطلب تمسك به عبد الله أوجلان كشرط لاستمرار التفاوض.

يدور النقاش الأوسع حول "المادة 66" من الدستور التركي، التي تنص على أن "كل من يرتبط بالدولة التركية برابطة المواطنة هو تركي"، وهو ما يعتبره الأكراد وصفة لتتريك الأقليات الأخرى، مطالبين باستبدال كلمة "تركي" بمصطلح "مواطن تركي"، مع إضافة نص صريح يقول: "بصرف النظر عن الهوية العرقية أو الانتماء الديني، فإن كل من يرتبط قانونياً بجمهورية تركيا هو مواطن تركي".

تتضمن المقترحات الدستورية تعديلات متوازنة بين إرضاء القوميين وتلبية تطلعات الأقليات، من خلال إبقاء التركية لغة رسمية وحيدة للبلاد، مع تنظيم تعليم لغات أخرى ضمن أطر محددة، وزيادة ميزانيات البلديات بنسبة 40% ومنحها صلاحيات رقابية أكبر، وإلغاء المحاكم المتخصصة في قضايا الإرهاب تدريجياً بحلول 2026، بما يتماشى مع معايير مجلس أوروبا. ومن المتوقع أن تُعرض مسودة الدستور الجديد على البرلمان في أيلول/سبتمبر الجاري، على أن تستمر المناقشات حتى نهاية تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، تمهيداً لطرحها على الاستفتاء الشعبي في كانون الأول/ديسمبر، ليبدأ تطبيقها مع بداية العام المقبل.

أخبار سوريا الوطن١-وكالات-النهار

مشاركة المقال: