بدأ المزارعون في قرية كفر كمرة، الواقعة جنوبي مدينة مصياف بريف حماة الغربي، موسم قطاف التفاح هذا العام في وقت مبكر غير معتاد، وذلك بسبب التغيرات المناخية الحادة والظروف الزراعية الصعبة. هذه الانطلاقة المبكرة للحصاد، الذي يبدأ عادة بعد منتصف شهر أيلول، تسلط الضوء على التحديات التي تواجه زراعة التفاح في المنطقة.
ومع بداية عمليات القطف، يظهر الموسم الحالي صورة معقدة تتداخل فيها التحديات البيئية والخدمية مع بعض الجوانب الإيجابية المتعلقة بالتسويق والطلب، وفقًا لمراسل منصة في حماة. تعتبر كفر كمرة من أبرز المناطق المنتجة للتفاح في ريف حماة الغربي، حيث تمتد بساتينها على منحدرات ترابية خصبة، وتشتهر بجودة محصولها الذي يتم تصديره إلى مختلف المحافظات السورية. إلا أن الموسم الحالي يشهد تقلبات واضحة في توقيت النضج، مما اضطر المزارعين إلى البدء بالقطف قبل الموعد المعتاد، وسط مخاوف من تأثيرات الجفاف المستمر ونقص المدخلات الزراعية.
أوضح محمود سرور، وهو فلاح وتاجر وصاحب بستان تفاح في كفر كمرة، في حديث لمنصة ، أن موسم القطف بدأ قبل الموعد المعتاد بحوالي أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع، نتيجة لموجة جفاف طويلة وارتفاع غير مسبوق في درجات الحرارة خلال فصل الصيف، مما أدى إلى تسريع نضج الثمار وحفز المزارعين على الحصاد المبكر لتجنب خسائر أكبر. وأضاف سرور: "عادة ما نبدأ بقطف التفاح بعد منتصف شهر أيلول، ولكن هذا العام، بسبب الجفاف الشديد وارتفاع الحرارة، بدأ النضج مبكرًا، وبدأ القطاف من أوائل الشهر. هذا يؤثر على حجم الثمرة وجودتها، إذ إن النضج المبكر غالبًا ما يعني ثمارًا أصغر وطعمًا أقل توازنًا".
وأشار سرور إلى أن المزارعين يواجهون صعوبات كبيرة في تأمين المستلزمات الزراعية الأساسية، موضحًا أن ندرة الأدوية الزراعية والأسمدة أصبحت من أبرز التحديات التي تهدد استدامة الإنتاج. وأضاف أن الأسعار ارتفعت بشكل كبير، بينما تراجعت كميات الواردات، مما يجعل من الصعب على المزارع الصغير تحمل التكاليف، خاصة مع تدني العائدات الناتجة عن تقلبات السوق. وذكر أن بعض المزارعين اضطروا إلى تقليص كميات الأسمدة المستخدمة، أو الاعتماد على بدائل تقليدية، مما ينعكس سلبًا على جودة التفاح وكمياته، مشيرًا إلى أن الإنتاج هذا العام أقل من العام الماضي بنحو 20% في المتوسط، خصوصًا في البساتين التي تعتمد على الري المطري.
إلى جانب التحديات المناخية، يعاني المزارعون في كفر كمرة من تدهور البنية التحتية للطرق المؤدية إلى البساتين. وأشار سرور إلى أن الطرق المؤدية إلى معظم البساتين في المنطقة وعرة جدًا وتحتاج إلى صيانة عاجلة، مما يصعب من عملية نقل المحصول، ويزيد من تكلفة النقل، خصوصًا مع ارتفاع أسعار الوقود. وأضاف: "نضطر أحيانًا إلى استخدام الحمير أو النقل اليدوي في بعض البساتين النائية، مما يزيد من تكاليف العمل، ويعرض التفاح للتلف أثناء النقل بسبب التعرجات الشديدة".
على الرغم من التحديات الكبيرة، يعتبر موسم التفاح الحالي أكثر إيجابية من حيث التسويق مقارنة بالموسم الماضي. وحسب سرور، فإن الوضع التسويقي تحسن بشكل ملحوظ، موضحًا أن هناك نوعًا من الانفتاح على باقي مناطق سوريا، حيث بدأ التجار من محافظات حلب ودمشق وحمص واللاذقية والسويداء بالقدوم مباشرة إلى البساتين لشراء التفاح، مما خفف من اعتمادنا على الوسطاء، ورفع من أسعار البيع المباشر. وأضاف: "التجار يأتون الآن إلى الحقول ويتفاوضون مع المزارع مباشرة، وهذا يمنحنا نسبيًا قدرًا أكبر من العدالة في التسعير. كما أن الطلب ارتفع، والتفاح الكفركمري يعد من النوعيات المميزة، مما يزيد من تنافسيته في الأسواق".
مع انخفاض الكميات المنتجة وارتفاع التكاليف، يتوقع المزارعون أن تشهد أسعار التفاح ارتفاعًا في الأسواق المحلية خلال الأشهر المقبلة. ورغم أن السعر الحالي في البستان يتراوح بين 4500 و6000 ليرة سورية للكيلو، فإن سعر البيع في الأسواق قد يتجاوز 12000 ليرة، خصوصًا مع بدء موسم التخزين والتوزيع.
يُختتم موسم قطاف التفاح في كفر كمرة هذا العام بمشهد مركب: من ناحية، تلوح تحديات بيئية واقتصادية كبيرة تهدد استمرارية الزراعة في المنطقة، بينما تُظهر التطورات التسويقية بوادر تفاؤل تعكس قدرة المزارعين على التكيف مع الظروف الصعبة والانفتاح على أسواق جديدة.