الإثنين, 8 سبتمبر 2025 08:53 PM

غموض الاجتياح البري لغزة: هل تعرقل واشنطن خطط جيش العدو؟

غموض الاجتياح البري لغزة: هل تعرقل واشنطن خطط جيش العدو؟

يكتب يحيى دبوق: رغم مرور عامين تقريبًا على بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، لا تزال المعركة الكبرى، وهي احتلال مدينة غزة، معلقة بسبب حسابات سياسية واستراتيجية معقدة تتداخل فيها مصالح جيش الاحتلال والولايات المتحدة.

ما يبدو كتأخير تقني أو لوجستي هو تكتيك مقصود، فالجيش، بناءً على تسريبات إعلامية وتصريحات داخلية، يماطل في بدء العملية البرية الكبرى، ليس خوفًا من الخسائر أو تبعات ما بعد الاحتلال، بل لاعتقاده أن التهويل بالعملية سيجلب انتصارًا عبر دفع «حماس» إلى الاستسلام، وهو ما لم يتحقق حتى الآن.

تبرز ثلاثة محددات رئيسية تشكل جوهر المرحلة الحالية من الحرب:

  1. يماطل الجيش في تنفيذ القرار السياسي، وتتسرب تصريحات من المؤسسة العسكرية عبر الإعلام العبري عن «مخاوف جدية من قتل الرهائن الإسرائيليين عن طريق الخطأ»، أو عن «صعوبة السيطرة على الأنفاق تحت الأرض»، أو عن «احتمال أن تستغرق العملية أشهراً طويلة، أو ربما سنة كاملة وأَزيد». هذه التصريحات ليست مجرد تقييمات مهنية، بل رسائل موجهة إلى الجمهور للضغط من أجل صفقة لتحرير الأسرى، وإلى الحكومة لقبول صفقة تفاوضية بدلاً من مغامرة عسكرية مكلفة، وإلى حركة «حماس» بأن «الوقت ينفد» وأن العملية ستنفذ في النهاية، وإن تأخرت، ما يقتضي قبول الحركة بالشروط الإسرائيلية.

  2. يصرّ الجيش على أن «بطء نزوح المدنيين من مدينة غزة» يعيق تنفيذ خطته العسكرية، ويستخدم هذه الذريعة لتبرير تصعيد التهويل: قصف المباني الشاهقة «لإثارة الذعر»، وإعلان «مناطق إنسانية آمنة» في خانيونس، هي في الحقيقة مناطق تهجير قسري. السؤال المطروح: لماذا يتذكر الجيش فجأة وجود مدنيين فلسطينيين في مناطق يستهدفها؟ ألم يسبق له أن قصف واقتحم واحتل مناطق مكتظة بالسكان دون انتظار إخلائها؟ الواضح أن الجيش يريد تأخير مشكلة «إنسانية» إضافية هو في غنى عنها، كونها ستضاعف الضغوط الدولية عليه.

  3. إذا كانت النقطتان السابقتان تتعلقان بالاستراتيجية والتكتيك، فإن هذه النقطة تتصل ببنية الجيش نفسه، إذ يتحدث الأخير عن أزمة مهنية ونفسية في صفوفه، تتجلى في إنهاك الجنود، وتعطل المعدات، وامتعاض القيادات. وتكشف تقارير عن «مشاكل انضباط حادة»، و»قادة عاجزين عن فرض النظام»، و»جنود يرفضون العودة إلى الجبهة»، وأيضًا عن نقص في الجرافات، فضلاً عن وجود دبابات معطلة وناقلات جند غير صالحة للاستخدام.

في خضم كل ما تقدم، جاء حديث الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، عن أن «مفاوضات جارية خلف الكواليس»، ليمثل إشارة إضافية إلى أن العملية العسكرية في غزة مجمدة، خصوصًا أن تلك التصريحات توحي بأن إدارة ترامب هي التي تقود المفاوضات، أملاً في إمكان دفع «حماس» إلى «الاستسلام». وعليه، يبدو أن واشنطن لم تصادق بعد على تنفيذ عملية عسكرية كبرى جديدة، وهو ما يفسر عدم التنفيذ أولاً، وقدرة الجيش على المماطلة ثانياً، والسكوت المريب وغير المفهوم من جانب السياسيين الدافعين إلى استعجال تطبيق الخطة، ثالثاً.

هكذا، يبدو القرار السياسي باحتلال غزة معلقاً على شرط واحد: أن تفشل كل أدوات الضغط الأخرى. لكن، ماذا لو استمر الفلسطينيون في الصمود ورفضت «حماس» الاستسلام؟ الإشارات الواردة في حديث ترامب الأخير تشير إلى وجود رهان كبير جداً على دفع الفلسطينيين إلى الرضوخ، بعدما وُضعوا أمام خيارَين اثنين فقط: إمّا الاستسلام بالقوّة، مع تكلفة إسرائيلية معتدّ بها؛ وإمّا استسلام بالتراضي، بلا تكلفة إسرائيلية. على أن الثمن الفلسطيني في الخيار الثاني، سيظلّ أكثر إيلاماً وتخسيراً في الأمدَين المتوسط والبعيد، من نظيره في الخيار الأول.

أخبار سوريا الوطن١-الأخبار

مشاركة المقال: