في عمق صحراء الأنبار، حيث تتداخل الكهوف الوعرة ومسارات التهريب، يبرز وادي حوران كبؤرة أمنية خطيرة في العراق، وملجأ سابق لتنظيم داعش الإرهابي. يمتد الوادي على مسافة تزيد عن 370 كيلومترًا، ليصل إلى الحدود مع سوريا والأردن والسعودية، مما أكسبه موقعًا استراتيجيًا استُغل في تنفيذ هجمات داخل البلاد.
لكن الوضع بدأ يتغير مع انسحاب القوات الأمريكية، حيث تحركت القوات العراقية لتنفيذ عمليات نوعية ضد خلايا التنظيم، بالتنسيق مع قوات سوريا الديمقراطية وإقليم كردستان، في معركة مستمرة ضد الإرهاب.
اختراق أمني في منطقة معقدة
اللواء سعد معن، رئيس خلية الإعلام الأمني، وصف السيطرة على وادي حوران بأنها "إنجاز استراتيجي"، مؤكدًا أن القوات العراقية تسيطر بشكل كامل على المنطقة، وتغلق واحدة من أخطر الثغرات الأمنية التي كانت تهدد البلاد.
وزارة الدفاع العراقية أعلنت بدورها خلو الوادي من أي نشاط إرهابي، مشيرة إلى أن خطوط الصد التي أُنشئت على امتداد المنطقة أصبحت تحت السيطرة الكاملة، مما يعزز الاستقرار على الحدود مع السعودية.
التنظيم ما زال يشكل تهديداً
على الرغم من هذا التقدم، يرى المراقب السياسي محمد الكاظمي أن وادي حوران لا يزال يمثل تهديدًا مباشرًا، خاصة مع استمرار تحركات داعش في المناطق الغربية. ويشير إلى أن انسحاب القوات الأمريكية أتاح للقوات العراقية فرصة استهداف الخلايا النائمة، لكنه يحذر من أن التحدي لم ينتهِ بعد.
مواجهات معقدة وتنسيق محدود
يشير الكاظمي إلى أن التنسيق بين قوات قسد وإقليم كردستان في مكافحة الإرهاب لا يشمل الحكومة الاتحادية في بغداد، مما يعكس تعقيدات سياسية وجغرافية في إدارة الملف الأمني. وفي ظل غياب قنوات مباشرة، تبقى المواجهة مع داعش موزعة بين أطراف متعددة.
ضربات دقيقة في أخطر التضاريس
الخبير العسكري عدنان الكناني أكد أن القوات العراقية نفذت مؤخرًا ضربات دقيقة ضد مقرات التنظيم في الوادي، على الرغم من صعوبة التضاريس وكثافة الكهوف الطبيعية. ويشير إلى أن قرب المنطقة من قاعدة عين الأسد الأمريكية كان يمنع سابقًا تنفيذ عمليات جوية واسعة، لكن التطورات الأخيرة أثبتت جاهزية القوات العراقية لملاحقة الإرهاب حتى في أكثر المناطق تعقيدًا.
رسالة واضحة: لا ملاذ آمن للإرهاب
ما يحدث في وادي حوران ليس مجرد عملية أمنية، بل تحول استراتيجي يعكس قدرة العراق على استعادة زمام المبادرة في مواجهة الإرهاب، وإغلاق الثغرات التي لطالما شكلت تهديدًا للأمن الوطني. ومع استمرار التنسيق الإقليمي والدولي، يبدو أن المعركة ضد داعش دخلت مرحلة جديدة أكثر حسماً.
سبوتنيك عربي