قبل عقد من الزمان، تركت فاطمة غزال حبال، البالغة من العمر الآن 19 عامًا، مدينتها حلب مع عائلتها بسبب الحرب. وصلت إلى ألمانيا في عام 2015، وكانت تبلغ من العمر 10 سنوات، لتبدأ رحلة مليئة بالتحديات والتعلم سعيًا وراء مستقبل أفضل.
التحقت فاطمة بالمدرسة الابتدائية، وعلى الرغم من تأخرها وبمعرفة محدودة باللغة الألمانية، إلا أنها سرعان ما أتقنتها بمساعدة مقاطع الفيديو عبر الإنترنت، لتصبح بعد بضعة أشهر تتحدثها بطلاقة. وسرعان ما وجدت نفسها تتحمل مسؤوليات كبيرة داخل أسرتها، حيث كانت الأكثر قدرة على الترجمة ومرافقة والديها في المواعيد الرسمية.
لم يكن طريقها سهلاً؛ فقد عانت من التنمر في سنواتها الأولى بالمدرسة، بالإضافة إلى شعورها بالعزلة والخوف من الترحيل. ومع جائحة كورونا، ازدادت الصعوبات بعد أن اضطرت إلى إنجاز واجباتها المدرسية عبر الهاتف بسبب عدم توفر الأجهزة المناسبة في منزلها.
على الرغم من ذلك، واصلت فاطمة التمسك بأحلامها. هذا الصيف، أنهت الثانوية العامة (الأبيتور) بنجاح، وتستعد للالتحاق ببرنامج الخدمة الاجتماعية في أحد المستشفيات، على أمل أن تبدأ دراسة الطب عام 2026. وتقول: "كنت أعرف منذ طفولتي أنني أريد أن أصبح طبيبة. الفشل لم يكن خيارًا بالنسبة لي."
اختارت لاحقًا ارتداء الحجاب، وهو ما فتح أمامها تحديات أخرى تتعلق بالتمييز والصور النمطية. لكنها قررت مواجهة ذلك بالتحدث علنًا والدفاع عن قناعاتها: "قالوا لنا منذ البداية إن ألمانيا بلد حر، فلماذا لا يُقبل أن أمارس حريتي بالطريقة التي أريدها؟"
تؤكد فاطمة أن إيمانها بنفسها وبقدرتها على المضي قدمًا كان سر نجاحها، مضيفة: "أشعر أنني أقاتل طوال الوقت ولا يُنظر إلي. أريد أن أُظهر أن الإيمان يمكن أن يكون مصدر قوة ودافعًا لفعل الخير والمشاركة في المجتمع." حلمها اليوم هو مساعدة الآخرين وتقديم ما كانت هي بحاجة إليه في بداياتها.