الجمعة, 5 سبتمبر 2025 10:55 PM

العنف الإلكتروني يطال التونسيات: تسريب صور حميمية يثير غضباً واستياءً واسعاً

العنف الإلكتروني يطال التونسيات: تسريب صور حميمية يثير غضباً واستياءً واسعاً

لم تكن رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني الوحيدة التي وقعت ضحية لتسريب صور جنسية على الإنترنت، بل انضم إليها العشرات من التونسيات اللاتي تعرضن لتسريبات مماثلة على مجموعات في تطبيق "تلغرام". أثارت هذه الحوادث جدلاً واسعاً حول ظاهرة العنف الرقمي المتزايدة التي تستهدف النساء بشكل خاص.

على غرار ميلوني، التي انتشرت لها صور حميمية مزيفة بتقنية التزييف العميق على أحد المواقع المعروفة، وجدت عشرات التونسيات من مختلف الأعمار أنفسهن ضحايا لتسريب صورهن على مجموعات دردشة في منصة "تلغرام".

تعبيرية.

جاءت هذه التسريبات كرد فعل على إنشاء مجموعة على موقع "فيسبوك"، يُزعم أنها مخصصة لتمكين الفتيات من نشر تجاربهن العاطفية. وعلى إثر ذلك، تم نشر صور خاصة جداً لتونسيات مكشوفات الوجوه على مجموعات "تلغرام"، مع ذكر أسمائهن وعناوينهن في كثير من الحالات. قام بذلك أشخاص مجهولون أو يستخدمون أسماء مستعارة، مما أثار غضباً واسعاً في الأوساط النسوية والشعبية، التي طالبت السلطات بالتحرك لإغلاق هذه المجموعات.

يتضح من خلال تصفح الصور والمقاطع المنشورة أن بعضها مأخوذ من حسابات المتضررات على مواقع التواصل الاجتماعي، مع إجراء تعديلات عليها باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي. بينما تم التقاط البعض الآخر في لحظات حميمية دون علم الضحايا، أو تم إعادة نشرها من قبل أشخاص كانوا على علاقة بهن سابقاً، بهدف التشهير والانتقام.

أعادت هذه الحادثة النقاش حول ظاهرة العنف الإلكتروني ضد النساء، والذي يتخذ أشكالاً متعددة، كالابتزاز، الانتقام، التزييف العميق، والتشهير، وفقاً للناشطة النسوية ريم الحدادي، التي صرحت لـ"النهار" بأن "عرض صور نساء دون إذنهن والتشهير بهن يعتبر ضرباً من ضروب العنف الرقمي".

وفي دراسة أجراها مركز البحوث والدراسات والتوثيق والإعلام حول المرأة "الكريديف"، بهدف التعريف بالعنف الرقمي وتوعية الضحايا من النساء والفتيات لكسر حاجز الصمت، تبين أن 89% من التونسيات تعرضن للعنف الرقمي على وسائل التواصل الاجتماعي مرة واحدة على الأقل. وقد اختير "فيسبوك" كنموذج للدراسة.

كما أوضحت الدراسة أن 95% من هؤلاء النساء لا يلجأن إلى القضاء، إما خوفاً من التهديدات ونظرة المجتمع، أو جهلاً بمفهوم العنف الرقمي الذي تعرضن له ومدى خطورته، أو عدم معرفة القوانين الرادعة له.

وفي تصريح سابق لـ"النهار"، قالت رجاء الدهماني، رئيسة جمعية النساء الديموقراطيات، إن الفضاء الرقمي لم يعد آمناً للنساء، واصفةً العنف الرقمي بـ"الوباء الصامت الذي يهدد كرامة النساء". وأكدت أن أكثر من 45% من النساء تعرضن لشكل من أشكال العنف الرقمي، سواء بالتهديد، التشهير، الاختراق، أو الابتزاز.

على المستوى القانوني، عالجت تونس هذه الظواهر وصنفتها جريمةً تندرج في إطار مخالفة القانون المتعلق بحماية المعطيات الشخصية، ومخالفة الفصل 86 من مجلة الاتصالات، المتعلق بنشر محتوى يمس بالغير على مواقع التواصل الاجتماعي.

كما تندرج هذه الأفعال في إطار مخالفة المرسوم 54 الذي شدد العقوبة الجزائية لمن يتعمد نشر محتوى بهدف التشهير، الثلب، تشويه السمعة، الإضرار المادي والمعنوي، التحريض على الاعتداء على الغير، والحث على خطاب الكراهية.

وفقاً للنصوص القانونية التونسية، قد تصل عقوبة مثل هذه الجرائم إلى 5 سنوات سجناً، إضافة إلى غرامات مالية، حتى وإن تم نشر تلك الصور ضمن مجموعات مغلقة.

لكن، على الرغم من وجود نصوص قانونية تتيح للضحايا تتبع من يتعمد الإضرار بهن على مواقع التواصل الاجتماعي، يبقى الخوف من المجتمع الحاجز الأكبر الذي يمنع أغلبيتهن من التوجه للقضاء، وفقاً لتقدير الحدادي، التي تعتبر أن ذلك "يساهم في الإفلات من العقاب، مما قد يؤدي إلى استفحال هذه الظواهر".

أخبار سوريا الوطن١-وكالات-النهار

مشاركة المقال: