الخميس, 4 سبتمبر 2025 02:13 AM

درعا في عين العاصفة: بين تحريض السويداء ومخاطر مخططات التقسيم

درعا في عين العاصفة: بين تحريض السويداء ومخاطر مخططات التقسيم

تواجه محافظة درعا تحديات متزايدة، حيث تجد نفسها محاصرة بين أزمات داخلية وحملات تحريض خارجية، بالإضافة إلى المخاطر المترتبة على التوغلات الإسرائيلية ومخططات التقسيم المحتملة.

مع استمرار التوتر بين محافظة السويداء وحكومة دمشق للشهر الثاني على التوالي، تسعى أطراف مختلفة إلى جر محافظة درعا المجاورة إلى دائرة الصراع، عبر حوادث أمنية وحملات إلكترونية تستهدف المحافظة وتتهمها بالمشاركة في العمليات العسكرية في السويداء. تقود هذه الحملات حسابات وهمية وشخصيات عامة تدعم الشيخ حكمت الهجري، رئيس الرئاسة الروحية لطائفة الموحدين الدروز، الذي يتزعم موقف السويداء المناهض لدمشق.

تسعى هذه الحسابات إلى "شيطنة درعا" وزعزعة استقرارها، على الرغم من أن المحافظة لم تتعاف بعد من تداعيات الحرب التي استمرت لأكثر من 14 عامًا. وتزداد المخاوف مع مطالبة البعض في السويداء بفتح "ممر إنساني" بين المحافظة وإسرائيل مروراً بمحافظة درعا، وهو طرح يتوافق مع مشروع إسرائيلي يعرف باسم "ممر داوود".

في منتصف تموز/ يوليو، شهدت السويداء أحداثًا دامية بعد مواجهات عسكرية بين البدو والدروز، تطورت لاحقًا إلى عمليات واسعة بعد دخول العشائر من بقية المحافظات السورية إلى جانب البدو. وبينما تدخلت القوات الحكومية لفض الاشتباك بين الجانبين، اعتبر أهالي السويداء أن دمشق تدخلت بهدف السيطرة على المحافظة بالقوة، ما أدى إلى جولة جديدة من المواجهات.

حملات منظمة!

زعمت حسابات على وسائل التواصل الاجتماعي انخراط أهالي درعا بشكل مباشر في العمليات العسكرية ضد السويداء، لا سيما بعد محاولة الحكومة السورية الدخول كقوات فض اشتباك. على سبيل المثال، أشار ماهر شرف الدين، وهو كاتب سياسي مشهور مقرب من الهجري، بشكل متكرر إلى محافظة درعا وانخراطها في أزمة السويداء، واتهم أهالي درعا في المشاركة بـ"المذبحة" في السويداء. تعليقاً على ذلك، نفى الصحفي محمد الرفاعي، ابن بلدة أم ولد، مقتل أي شاب من أبناء البلدة في أحداث السويداء.

في منتصف الشهر الماضي، تداولت حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي منشوراً موقعاً من أشخاص من عائلات درعا، مثل: الحريري، المسالمة، والزعبي، يدعون فيه أهالي حوران لمواجهة الحكومة والرئيس أحمد الشرع. لكن بحثاً معمقاً لم يعثر على أي حسابات بهذه الأسماء، ما يشير إلى أن الأسماء وهمية، والمنشور ليس له أساس من الصحة.

على عكس الصورة التي يُراد أن تتصدر عن درعا، قدمت المحافظة "مبادرتين من أجل رأب الصدع مع جارتها السويداء وتجاوز الأزمة الأخيرة، لكنهما قوبلتا بالرفض من الطرف السويداء".

في مطلع آب/ أغسطس، أطلقت مجموعة من الوجهاء والناشطين في محافظة درعا حملة إعلامية تحت عنوان "السويداء في قلب سوريا"، و"السويداء سورية"، بهدف مواجهة تصاعد خطاب الكراهية والتحريض الطائفي، والتحذير من مخاطر مشاريع التقسيم والتغيير الديموغرافي.

لا ينكر أبو محمد، أحد وجهاء إنخل شمال درعا، مشاركة أشخاص من مدينته في المواجهات ضد السويداء، لكن "عددهم لا يتجاوز 20 شخصاً، خرجوا بشكل فردي، وهم لا يمثلون مدينتهم ولا حتى عائلاتهم".

حوادث مشبوهة!

في 26 آب/ أغسطس، قُتل الشاب دهام مناور أبو الخيل، بعد استهدفه من قبل مجهولين على الطريق الواصلة بين بلدتي المسيفرة والكحيل بريف درعا الشرقي، وهو من أبناء عشائر البدو، الذين هُجّروا من السويداء إلى درعا مؤخراً.

ومن ناحية أخرى، أطلق مسلحون سراح مجموعة من النساء والأطفال الدروز في 22 آب/ أغسطس، بعد خمسة أيام من اختطافهم، بالقرب من بلدة كحيل شرق درعا، خلال توجههم من بلدة صحنايا بريف دمشق إلى السويداء.

إذ شهدت مناطق ريف درعا الشرقي المحاذية للسويداء خلال الأسابيع الأخيرة عدة عمليات قتل وخطف طالت مدنيين من أبناء السويداء، من بينهم عمال إنسانيون.

تعليقاً على ذلك، قال الصحفي الفهيد أن "عمليات الخطف التي حصلت بحق مدنيين من الدروز قام بها أشخاص من أبناء عشائر بدو السويداء، الذين لديهم محتجزين عند المجموعات الدرزية في السويداء، ويطالبون منذ شهر ونصف بالإفراج عنهم".

تداعيات أزمة السويداء على درعا

خلال الأشهر الأربعة الأخيرة، زار أبو خالد، وهو مستثمر سوري مقيم في الأردن، مدينته إنخل شمال درعا عدة مرات بغرض استكشاف الواقع الجديد للمدينة وترميم منزله، وافتتاح مشاريع استثمارية صغيرة في المدينة. لكن في الأسبوع الماضي، ألغى أبو خالد فكرة عودة العائلة إلى سوريا للاستقرار، بسبب "توتر الوضع الأمني في جنوب سوريا".

وفي ريف درعا الشرقي، تراجعت أرباح محمد الحريري، الذي يملك متجراً لبيع المفروشات المنزلية إلى النصف في أعقاب أزمة السويداء.

في السياق ذاته قال الصحفي الفهيد، أن "أكثر من 15 قرية في ريف درعا الشرقي الملاصق للسويداء تأثرت بشكل مباشر، مثلاً بلدة بصر الحرير، التي نزح إليها أكثر من 500 عائلة من أبناء عشائر البدو".

تعيش درعا بين "توتر أمني وخطر التوغلات الإسرائيلية من الجهة الغربية، وأزمة أمنية في شرقها"، وهو ما تسبب في "تأخير الخدمات في درعا نتيجة هذه الحالة الأمنية، التي انعكست كذلك على الوضع الاجتماعي والاقتصادي".

اعتقلت القوات الإسرائيلية، في ساعة مبكرة من فجر اليوم، سبعة أشخاص، خلال عملية توغل داخل بلدة جباتا الخشب بريف القنيطرة، جنوب سوريا، كما ذكرت الوكالة الإخبارية السورية.

مستقبل درعا على ضوء الكلام عن الانفصال

في 25 آب/ أغسطس، ظهر الشيخ حكمت الهجري في فيديو يطالب "شرفاء العالم من كل الدول الحرة أن تقف بجانبنا كطائفة درزية في جنوب سوريا لإعلان إقليم منفصل".

التحركات هذه تتزامن مع تظاهرات السويداء التي ترفع شعارات مطالبة بـ"حق تقرير المصير"، وتدعو إلى الانفصال عن سوريا ودخول القوات الإسرائيلية، وتطالب بفتح ممر إنساني يربط إسرائيل بالسويداء مروراً بدرعا والقنيطرة، وهو طرح يتوافق مع مشروع إسرائيلي يعرف باسم "ممر داوود".

في الوقت الذي حشدت العشائر العربية دعماً للبدو في السويداء، "نأت درعا بنفسها، وكانت تراقب الجبهة الغربية وخطر الاحتلال الإسرائيلي".

من جهته، استبعد المحلل العسكري العبسي إمكانية تنفيذ ممر داوود على أرض الواقع، معتبراً أنه "خيال وحلم، ولا يمكن لإسرائيل تنفيذه".

وختم الرفاعي: "أهالي درعا ينظرون إلى مشروع التقسيم وممر داوود على أنه خطر يهدد وجودهم، ولن يكونوا متفرجين حيال ذلك".

مشاركة المقال: