الأربعاء, 3 سبتمبر 2025 02:38 AM

العفو الدولية تتهم قوات النظام السوري بارتكاب إعدامات بحق مدنيين في السويداء.. والداخلية السورية ترد

العفو الدولية تتهم قوات النظام السوري بارتكاب إعدامات بحق مدنيين في السويداء.. والداخلية السورية ترد

أصدرت منظمة العفو الدولية تقريرًا يتضمن أدلة على قيام القوات الحكومية السورية بتنفيذ عمليات إعدام خارج نطاق القضاء بحق عشرات الدروز في السويداء. في المقابل، رحبت وزارة الداخلية السورية بالتقرير، ودعت إلى تقديم أي أدلة موثقة على الانتهاكات إلى اللجنة الوطنية المكلفة بالتحقيق في أحداث السويداء.

أكدت منظمة العفو الدولية على ضرورة محاسبة الحكومة السورية لأفراد قوات الأمن والقوات العسكرية الحكومية على عمليات إعدام رجال ونساء من الطائفة الدرزية خارج نطاق القضاء في السويداء، وذلك وفقًا للتقرير الصادر اليوم الثلاثاء 2 أيلول.

حمّل تقرير "العفو الدولية" القوات الحكومية ومن يتبع لها مسؤولية إعدام أشخاص خارج نطاق القضاء في 15 و16 تموز الماضي في مدينة السويداء. وأفاد مختبر الأدلة، وهو فريق التحقيقات الرقمية التابع لمنظمة العفو الدولية، بأن مقاطع فيديو تظهر رجالًا مسلحين بزي عسكري وهم يعدمون 12 رجلًا رميًا بالرصاص، أحدهم في مدرسة، وثمانية في ساحة عامة، وثلاثة في شقة سكنية. وأشار التقرير إلى أن المنظمة تحدثت إلى بعض أقارب الضحايا والسكان لتأكيد هوياتهم.

كما وثقت "العفو الدولية" إعدام عامل طبي في أحد مستشفيات السويداء على أيدي رجال مسلحين بزي عسكري، بحضور رجال مسلحين آخرين وعنصر في الأمن العام.

وقالت ديانا سمعان، الباحثة المعنية بشؤون سوريا في منظمة العفو الدولية، إنه "عندما تقتل القوات الأمنية أو العسكرية الحكومية بصورة متعمدة وغير مشروعة شخصًا ما، أو عندما تفعل ذلك قوات تابعة لها بتواطؤ من الحكومة أو برضاها، يشكل ذلك عملية إعدام خارج نطاق القضاء، وهي جريمة يشملها القانون الدولي".

وذكرت أنه ينبغي على الحكومة السورية أن تجري تحقيقًا مستقلًا ونزيهًا على وجه السرعة في عمليات الإعدام هذه، وأن تحاسب مرتكبيها في إجراءات قضائية عادلة بدون اللجوء إلى عقوبة الإعدام.

وكانت وزارة الدفاع السورية تحدثت عن انتهاكات "صادمة وجسيمة" ارتكبتها مجموعة قالت إنها غير معروفة ترتدي الزي العسكري، وتعهدت باتخاذ "أقصى العقوبات" بحق الأفراد المرتكبين للانتهاكات في مدينة السويداء، بعد التعرف عليهم، حتى لو كانوا منتسبين إلى تشكيلات الدفاع.

"الداخلية" ترد

أكد نور الدين البابا، المتحدث باسم وزارة الداخلية، أن الوزارة تنظر بعين الإيجابية والاهتمام إلى التقرير الصادر عن منظمة العفو الدولية، وترجو أن يسهم في تعزيز حقوق الإنسان في سوريا. وقال في حديثه مع وكالة الأنباء السورية (سانا) اليوم، "نمد أيدينا لأي جهة تسهم في مساعدتنا لتكريس سيادة القانون، وإنصاف الضحايا، إذا كانت تملك ما يدعم ذلك من أدلة مادية موثقة".

ودعا كل من لديه أدلة موثقة تكشف عن انتهاكات، وتدين متورطين، إلى تقديم ما لديهم إلى اللجنة الوطنية المكلفة بالتحقيق في أحداث السويداء. وأضاف: "وزارة الداخلية حريصة كل الحرص على حماية كل السوريين من مختلف المكونات، وعلى تجسيد قيم الكرامة، وصون حقوق الإنسان في سوريا".

حالات موثقة

اعتبرت المنظمة أن الانتهاكات "المروعة" لحقوق الإنسان في السويداء، ما هي إلا تذكير آخر بالعواقب المميتة للإفلات من العقاب على عمليات القتل الطائفية في سوريا، التي "شجعت القوات الحكومية والقوات التابعة لها على القتل دون خشية المساءلة".

كما وثقت منظمة العفو الدولية إطلاق النار المتعمد على 46 شخصًا من الطائفة الدرزية وقتلهم، إضافة إلى إعدام وهمي لشخصين كبيرين بالسن في 15 و16 تموز الماضي. وفي الأيام التي نفذت فيها هذه الإعدامات خارج نطاق القضاء، أطلق رجال مسلحون في السويداء شعارات طائفية ضد أفراد الطائفة الدرزية وعاملوا رجال الدين بطريقة مذلة، مثل حلق شواربهم بالقوة، علمًا أن الشاربين يتسمان بأهمية ثقافية بالمدينة.

تحقق مختبر الأدلة بالمنظمة، من 22 مقطع فيديو وصورة اطلع عليها فريق البحث، أو نشرت على وسائل التواصل الاجتماعي بين 15 تموز و10 آب، كما أجرى مختبر الأدلة تحليلًا للأسلحة.

اختطاف متبادل

تلقت المنظمة تقارير موثوقة حول عمليات اختطاف ارتكبتها جماعات درزية مسلحة ومقاتلين من العشائر البدوية، بين 17 و19 تموز الماضي، وتجري المنظمة حاليًا تحقيقًا في هذه التقارير.

ذكر التقرير أن المنظمة بعثت رسالتين إلى وزيري الداخلية والدفاع السوريين، وعرضت عليهما النتائج الأولية التي توصلت إليها، وطالبت بمعلومات حول سير التحقيق الحكومي في الأحداث، بما في ذلك دور القوات الحكومية، والخطوات المتخذة لمساءلة الجناة، والتدابير التي اتُخذت قبل القتال وخلاله وبعده لحماية الأشخاص من الانتهاكات والتجاوزات، ولكن حتى نشرها البيان، لم تتلق أي رد.

ووفقًا للأدلة التي جمعتها، كان الرجال المتورطون في تنفيذ عمليات الإعدام يرتدون أنواعًا مختلفة من الملابس، كالزي العسكري، والملابس المدنية مع سترات ذات طابع عسكري، وزي أسود "سادة" يتسق مع ذلك الذي ترتديه قوات الأمن الرسمية، وحمل بعض هذه البذلات شارات "الأمن العام".

لجنة التحقيق الوطنية

كشفت اللجنة الوطنية للتحقيق بأحداث السويداء، عن الخطوات التي اتخذتها منذ تشكيلها بموجب القرار "1287"، في 31 تموز الماضي، من خلال البحث في الظروف والملابسات، والتحقيق في الاعتداءات والانتهاكات التي تعرض لها المواطنون، وإحالة من يثبت مشاركته في الاعتداءات والانتهاكات إلى القضاء.

وتواصل اللجنة عملها الميداني في عدد من القرى بمحافظة السويداء، ومنطقة "السيدة زينب" بريف دمشق، بهدف توثيق الانتهاكات التي تعرضت لها هذه المناطق خلال الأحداث الأخيرة، والاستماع مباشرة إلى شهادات النازحين والضحايا وأسرهم.

ووفق ما نقلته وكالة الأنباء السورية (سانا)، في 26 آب الماضي، شملت جولة اللجنة أيضًا، سجن دمشق المركزي، والتقت الموقوفين على خلفية الأحداث الأخيرة في محافظة السويداء، وقامت بتسجيل إفاداتهم والاطلاع على أوضاعهم الصحية والإنسانية، وتنسق مع الجهات المعنية لتسوية الأوضاع القانونية للمعتقلين.

وقال المتحدث الرسمي باسم اللجنة، المحامي عمار عز الدين، إن اللجنة بدأت بعد استلام مهامها، وضع لائحة اختصاصات ومعايير عمل، تؤكد على مبادئ عدم الإضرار والاستقلالية والحياد والشفافية والموضوعية والسرية والمصداقية. كما عقدت اجتماعات مع عديد من الشخصيات الرسمية، والتقت بالعديد من الضحايا وأسرهم والشهود من كل الأطراف، كما أجرت المعاينات والكشوفات والخبرات الفنية لمسارح الجريمة.

تشكيل اللجنة

تشكلت اللجنة الوطنية للتحقيق بأحداث السويداء، بناء على توجيهات رئاسة الجمهورية، بالالتزام بكشف الحقيقة وسرعة المساءلة، وعلى مقتضيات المصلحة الوطنية. وترفع اللجنة تقارير دورية بنتائج أعمالها، على أن يرد تقريرها النهائي خلال مدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر من تاريخ تشكيلها، ولها أن تستعين بمن تراه مناسبًا من الخبراء والمتخصصين والجهات المختصة، حسب ما ورد في القرار.

وتتألف اللجنة من:

  • القاضي حاتم النعسان.
  • القاضي حسان محمد الحموي.
  • القاضي ميسون حمود الطويل.
  • القاضي جمال الأشقر.
  • العميد محيي الدين هرموش.
  • المحامي طارق الكردي.
  • المحامي عمار عز الدين.

وقال وزير العدل، مظهر الويس، إن تشكيل اللجنة جاء انطلاقًا من التزام الدولة السورية تجاه جميع مواطنيها، وبتوجيه من الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع. وأكد الوزير الإسراع في كشف الحقيقة، وتحقيق المساءلة، وتعزيز دور النيابة العامة بالأخذ بمسؤولياتها تجاه الأحداث الأخيرة في محافظة السويداء. وأشار إلى أن اللجنة مؤلفة من خبرات قضائية وحقوقية، للتحقيق في ملابسات الأحداث الأخيرة، وإحالة المتورطين إلى القضاء، لحفظ حقوق جميع المواطنين وترسيخ العدالة، وحماية الوحدة الوطنية والسلم الأهلي.

توعد بالمحاسبة

أدانت وزارة الداخلية، في بيان لها في 22 تموز الماضي، تسجيلات متداولة أظهرت تنفيذ إعدامات ميدانية من قبل أشخاص وصفتهم بـ"مجهولي الهوية". واعتبرت أن هذه الأفعال تمثّل "جرائم خطيرة يُعاقب عليها القانون أشد العقوبات". وأكدت أن الجهات المختصة باشرت تحقيقًا عاجلًا لتحديد هوية المتورطين في عمليات الإعدام، والعمل على ملاحقتهم والقبض عليهم.

أحداث السويداء

بدأت أحداث السويداء في 12 تموز الماضي، بعد عمليات خطف متبادلة بين سكان حي المقوس في السويداء، ذي الأغلبية البدوية وعدد من أبناء الطائفة الدرزية، تطورت في اليوم التالي إلى اشتباكات متبادلة. تدخلت الحكومة السورية في 14 تموز، لفض النزاع، إلا أن تدخلها ترافق مع انتهاكات بحق مدنيين من الطائفة الدرزية، وتصرفات مهينة، ما دفع فصائل محلية للرد، بما فيها التي كانت تتعاون مع وزارتي الدفاع والداخلية. في 16 تموز، خرجت القوات الحكومية من السويداء، ما أعقبه انتهاكات وأعمال انتقامية بحق سكان البدو في المحافظة، بحسب شهادات حصلت عليها عنب بلدي، الأمر الذي أدى إلى إرسال أرتال عسكرية على شكل "فزعات عشائرية" نصرة لهم.

مشاركة المقال: