عادت الحياة إلى الموصل مع اكتمال مشروع إعادة تأهيل المعالم التاريخية الذي قادته دولة الإمارات العربية المتحدة، ممولةً إياه بمبلغ 50 مليون دولار بالتعاون مع منظمة اليونسكو، وذلك لمحو آثار الدمار الذي خلفه تنظيم “داعش”.
استمر المشروع سبع سنوات في المدينة العراقية التي يعود تاريخها إلى 2500 عام، وشمل إعادة بناء جامع النوري ومئذنته الحدباء، بالإضافة إلى كنيسة الطاهرة للسريان الكاثوليك وكنيسة الساعة للآباء الدومينيكان، واللتين تضررتا جراء نشاطات تنظيم “داعش” عام 2014.
أُعلن عن اكتمال المشروع في حفل أقيم في المسجد التاريخي، بحضور رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، ووزير الثقافة الإماراتي الشيخ سالم بن خالد القاسمي، ووزيرة الدولة في وزارة الخارجية نورة الكعبي، وممثلي منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة “اليونسكو” والمبعوث الخاص للأمم المتحدة محمد الحسن.
يُعد الجامع النوري، المعروف بـ”الجامع الكبير”، من أبرز معالم الموصل التاريخية، وقد شُيّد عام 1172 ويضم المئذنة الحدباء التي يبلغ ارتفاعها 55 متراً. وفي عام 2014، ألقى زعيم “داعش” أبو بكر البغدادي خطبته الوحيدة من منبر الجامع، معلناً قيام ما سماها “الخلافة”. لكن التنظيم فجّر الجامع ومئذنته عام 2017 أثناء المعارك التي انتهت بهزيمته في المدينة.
تمت إعادة إعمار الجامع النوري بالتعاون مع منظمة اليونسكو بتمويل من دولة الإمارات بلغ 50 مليون دولار، وهو جزء من إجمالي 115 مليون دولار أميركي حُشدت لهذا المشروع.
قالت وزيرة الدولة الإماراتية نورة الكعبي إن إعادة بناء كنيسة الطاهرة لم تعزز مكانة الموصل كمركز للتراث الثقافي الغني فحسب، بل أعادت التنوع الديني الذي تشتهر به المدينة. وأضافت أن المشروع قد نهض بطريقةٍ “تبعث الفرح في قلوبنا جميعاً”، معتبرة أن قلب الموصل “ينبض من جديد” وأن إحياء التراث هو إحياء للثقة بالمستقبل.
من جهته، قال رئيس الوزراء العراقي إن “إنجاز هذا المشروع دليل إلى صمود العراقيين في وجه الإرهاب”. ووجه شكره إلى “كل من ساهم في إحياء هذا الإرث الغني، وخاصةً الإمارات العربية المتحدة واليونسكو”.
وقال الأب الدومينيكي أوليفييه بوكيون لصحيفة “ذا ناشيونال”: “بإضافة الطاهرة والساعة إلى المشروع، تحاول الإمارات تعزيز نموذج المجتمع، ونموذج العيش معاً. جاء ذلك بعد زيارة البابا فرانسيس للإمارات كرغبة في تعزيز هذه القدرة على العيش معاً كوسيلة لتعزيز السلام والازدهار المشتركين“.