الإثنين, 1 سبتمبر 2025 10:11 AM

عودة الحياة الثقافية إلى مقاهي دمشق: آراء متباينة حول الدور والتأثير

عودة الحياة الثقافية إلى مقاهي دمشق: آراء متباينة حول الدور والتأثير

بينما يرى البعض في مقاهي دمشق شريكًا إبداعيًا في المجال الثقافي ومهدًا للتيارات الفلسفية المتنوعة، يعتبرها آخرون مجرد فضاءات اجتماعية. تاريخيًا، لعبت المقاهي العريقة مثل مقهى النوفرة (الذي يعود عمره إلى 500 عام)، ومقاهي الهافانا والروضة والكمال، دورًا ثقافيًا وسياسيًا هامًا في المجتمع السوري. لكن، شهدت هذه المقاهي تراجعًا خلال العقد الماضي. فهل تستعيد اليوم، بعد زوال الاستبداد، دورها في الحراك الثقافي، أم أنها مجرد بديل مؤقت لغياب المؤسسات الثقافية الفاعلة؟

الفنان محمد ملص يرى أن عودة المقاهي إلى دورها الثقافي يساهم في عودة الحياة الفنية إلى سوريا بحرية كاملة، بما في ذلك النقاشات وطرح الأفكار والانتقادات التي كانت محظورة سابقًا. ويأمل في استمرار هذا التوجه وتوسيع فكرة "مسرح الغرفة" لتشمل الأماكن العامة مثل الحدائق.

في المقابل، يؤكد الصحفي والكاتب يعرب العيسى أن المقاهي هي مسألة اجتماعية أكثر من كونها ثقافية، فهي جزء من الفضاء العام ومكان لالتقاء الناس. الدور الذي لعبته في الماضي يعود لغياب الأماكن الثقافية الأخرى. ورغم وجود تجارب ناجحة مثل المقاهي الباريسية في مطلع القرن العشرين، إلا أن المقهى يبقى مكانًا للقاءات الاجتماعية والتجارية والسياسية.

ويضيف العيسى أن النشاط الثقافي يجب أن يكون له أماكنه المتخصصة مثل المسارح ودور السينما والمراكز الثقافية، ولا يمكن التعويل على المقاهي لأخذ دور الإعلام والأحزاب والمنتديات. ومع ذلك، يرى أن التركيز على المقاهي في سوريا بعد التحرير يعود لكونها الفضاء الأسهل والأقرب المتاح حاليًا، ولكنه يتوقع أن يتجه الناس لأماكن ثقافية أخرى مع مرور الوقت.

نور عيسى، مديرة مقهى الروضة (الذي تأسس عام 1938)، تصف الوضع قبل إسقاط النظام بأنه كان محفوفًا بالخوف والتقييد، مع قيود على استضافة الأنشطة. لكن بعد التحرير، أصبح الوضع أسهل وأكثر انفتاحًا، مع تزايد عدد رواد المقهى واستضافته فعاليات ثقافية بحرية تامة.

منى رسول، مديرة عام دار كنعان، تؤكد أن مقهى الروضة كان ملتقى للمثقفين السوريين والعرب، ولكنه شهد ركودًا خلال الثورة السورية بسبب الخوف من المخابرات. أما الآن، فقد عاد الفرح إلى كل زاوية في المقهى.

سامر النمر، العامل في المقهى، يوضح أن معظم رواد مقهى الروضة كانوا من حزب البعث، وأن وجود المخبرين كان يخلق جوًا من الرعب والتوتر. أما الآن، فقد انتشر التفاؤل والأمان بين الرواد.

محمد عبد الله، أحد رواد المقهى، يرى أن المقهى بات أكثر نشاطًا بعد التحرير، وأن هناك أشخاصًا يحاولون جعله منطلقًا لأعمالهم الجديدة، وهو ما يعد مؤشرًا إيجابيًا.

من ناحية أخرى، أعادت فكرة "مقهى السينما" في فندق بيك باش بحي باب توما بدمشق القديمة إحياء دور السينما، ليكون منصة حيوية للتواصل والحوار، وفقًا لصاحبته رغد الباش. وتؤكد الباش أن هدف المقهى هو أن يكون فسحة للشعب السوري للتعبير عن رأيه دون خوف، ومكانًا للنقاش وتبادل الآراء.

في المقابل، ينتقد لؤي محمد المقاهي، معتبرًا أن هدفها من وراء النشاطات الثقافية هو الربح المادي وليس نشر الثقافة. ويرى أن الجهة المنظمة للفعالية تختار المقهى لمصلحتها المادية، وإلا كان بإمكانها تنظيمها في أماكن ذات رمزية ثقافية مثل المكتبة الوطنية أو المركز الثقافي.

طلال سعيد، ناشط مدني حقوقي، يرى أن النشاطات الثقافية في المقاهي ما زالت حكرًا على النخب الثقافية، ويتوجب أن ينضم لها كل أطياف المجتمع. ويأمل في توسيع فكرة الفعاليات الثقافية لتنتشر في كل مكان.

أخبار سوريا الوطن١-سانا

مشاركة المقال: