بعد عشر سنوات من الفرار من مدينة عفرين شمال سوريا، مرورًا بتركيا واليونان ودول البلقان، استقرت بيروز حنان في ألمانيا. تروي بيروز تجربتها ورحلتها المحفوفة بالمخاطر، والتي تضمنت عبور البحر في قوارب مطاطية والنوم في الخيام والصالات الرياضية المكتظة.
اليوم، وبعد مرور عقد من الزمان، تحمل بيروز الجنسية الألمانية وتعيش في مدينة ديبورغ بولاية هسن. تعمل بيروز في جمعية ألمانية-سورية لمساعدة اللاجئين على الاندماج المهني.
تتذكر بيروز قائلة: "أخي وابن عمي ذهبا إلى تركيا، لكننا لم نجد هناك مستقبلًا. كنا نعمل من الصباح حتى المساء بالكاد لندفع إيجار السكن ونأكل. لذلك قررنا الذهاب إلى أوروبا. عبرنا البحر بقارب مطاطي إلى اليونان، ثم واصلنا عبر دول البلقان حتى وصلنا إلى ألمانيا في صيف عام 2015."
وتضيف أن الاستقرار في البداية كان صعبًا، حيث واجهت حياة بلا خصوصية في قاعات جماعية، وانتظارًا طويلاً لدروس اللغة، ومجهولية القرار في قضايا اللجوء. لكنها تتذكر أيضًا المساعدة التي تلقتها من معلمات متطوعات لتعليمها الألمانية، ومن أسر ألمانية استضافتها.
في عام 2017، حصلت بيروز على حق اللجوء، وبعد سنوات من الدراسة والعمل، حصلت في عام 2023 على جواز السفر الألماني. وتصف تلك اللحظة قائلة: "كان ذلك شعورًا لا يوصف – لحظة الحرية الحقيقية. لم أعد أسيرة الأوراق والإقامات المؤقتة. كل الأبواب أصبحت مفتوحة أمامي."
يذكر أن بيروز درست في جامعة حلب إدارة الأعمال والأدب الإنجليزي. وتعمل اليوم في دارمشتات بدوام كامل، حيث تساعد اللاجئين الآخرين على إيجاد عمل والتغلب على صدمات الحرب. وتقول: "الكثيرون ممن وصلوا إلى ألمانيا بحاجة فعلًا إلى علاج نفسي، لكنهم لا يجدون بسهولة مكانًا، خاصة بالعربية أو الكردية. النساء يعانين أكثر، بسبب مسؤوليات الأطفال والبيت، وصعوبة إيجاد فرص للتعلم والعمل."
ورغم ذلك، ترى بيروز أن ألمانيا منحتها ما لم تكن تحلم به: الحرية. "هنا أستطيع أن أقول ما أريد. أشعر بالأمان. لم أتعرض في دارمشتات لأي شكل من أشكال العنصرية. بالعكس، الناس لطفاء."
وعن التغيّرات السياسية والنقاشات حول الهجرة، تقول: "صحيح أن الجو العام صار أصعب، لكن الكثير من السوريين هنا يعملون ويدفعون الضرائب. نحن نرد الجميل لألمانيا. العودة إلى سوريا يجب أن تبقى خيارًا طوعيًا فقط، لأن الوضع هناك ما زال خطيرًا ومأساويًا."
وعندما سقط نظام الأسد في ديسمبر الماضي، لم تصدّق الخبر في البداية. تروي: "كنت أصرخ من الفرح، أيقظت أخي وقلت له: استيقظ، الأسد لم يعد موجودًا! بعد أحد عشر عامًا عدنا إلى سوريا وقابلنا والدتنا. احتضناها لأول مرة منذ عقد. كانت لحظة لا تنسى."
لكنها رغم الشوق تؤكد: "بدأتُ حياتي من الصفر هنا، والآن بعد عشر سنوات لا أستطيع أن أبدأ من الصفر مرة أخرى في سوريا. بيتي أصبح هنا."