السبت, 23 أغسطس 2025 01:29 AM

هل يواجه بوتين مأزقاً في دونباس؟ نظرة على التقدم الروسي المتعثر

هل يواجه بوتين مأزقاً في دونباس؟ نظرة على التقدم الروسي المتعثر

جورج عيسى: تقدم، زحف، اختراق… هذه هي الكلمات الأكثر شيوعاً في وسائل الإعلام لوصف السيطرة الروسية التدريجية على الأراضي الأوكرانية منذ حوالي عامين. وعلى الرغم من صحة هذه الكلمات بشكل عام، إلا أنها لا تعكس البطء الشديد الذي تتسم به القوات الروسية في احتلال هذه الأراضي، فضلاً عن التكلفة الباهظة للمساحة المحتلة وضآلتها.

وفقاً لـ "إيكونوميست"، سيطرت روسيا منذ بداية عام 2023 على حوالي 1 في المئة من الأراضي الأوكرانية. ولا يعتبر هذا "إنجازاً" ميدانياً بالمعنى الدقيق للكلمة. وبحسب "ديپ ستايت" الأوكرانية، سيطرت روسيا منذ تشرين الثاني/نوفمبر 2022 على حوالي 0.97 في المئة من الأراضي.

دونيتسك… الصداع الأعنف

منذ السيطرة على أفديفكا في شباط/فبراير 2024 وحتى نيسان/أبريل 2025، تقدمت روسيا نحو مدينة بوكروفسك غرباً قاطعة مسافة 60 كيلومتراً، أي بمعدل 135 متراً في اليوم الواحد، وفقاً لـ "مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية". وبالقرب من خاركيف، كان التقدم أبطأ حيث بلغ 50 متراً يومياً.

يفتح الحديث عن بوكروفسك نقاشاً واسعاً حول دونباس. يضم الإقليم منطقتي لوهانسك ودونيتسك، حيث تسيطر روسيا على الأولى بشكل كامل تقريباً، وعلى نحو 75 في المئة من دونيتسك. ويريد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من أوكرانيا الانسحاب الكامل من دونيتسك لتجميد الحرب في المنطقتين الأخريين اللتين تحتل روسيا أيضاً نحو 70 في المئة منهما: زابوريجيا وخيرسون.

لكن موقف بوتين التفاوضي ليس قوياً بما يكفي لفرض جميع شروطه بسهولة، بحسب ما كتبه كليمان مولان، وهو مراقب للنزاعات وخرائطها. فقد سيطرت روسيا في دونيتسك على 5100 كيلومتر مربع في 30 شهراً، ولا يزال يتبقى أمامها السيطرة على 6500 كيلومتر مربع للإطباق على كامل دونيتسك.

ويتعين على روسيا احتلال نحو 9 مدن محصنة ذات كثافة سكانية عالية. ومن هنا، تساءل المراقب نفسه عن أي نية جادة لدى أوكرانيا لقبول طلب بوتين:

"من سيكون مجنوناً بما يكفي لكي يتنازل بلا قتال عن مدن ضمت أكثر من 600 ألف نسمة، بينما استولت روسيا على مدن سكنها فقط 250 ألف نسمة في 3 أعوام من الحرب؟".

حسابات بوتين

من الجدير بالذكر أن الأرقام المتعلقة بالتقدم الروسي خلال الأشهر الثلاثين الماضية لم تنطلق من الصفر. فقد خاضت روسيا حرباً مباشرة وبالوكالة في الدونباس منذ عام 2014. وحتى بداية الغزو الواسع النطاق سنة 2022، كانت روسيا تسيطر على نحو 30 في المئة من المنطقتين تقريباً.

يبيّن كل ذلك حجم المهمة الملقاة على عاتق القوات الروسية في الأشهر الطويلة المقبلة، إذ سيتعين عليها احتلال أكثر من ضعف ما احتلته طوال الأعوام الثلاثة الماضية تقريباً. لهذا السبب، يقدم بوتين تنازلاً ظاهرياً في زابوريجيا وخيرسون، حيث يشكل نهر دنيبرو عائقاً أمام تقدم الجيش الروسي، بالتحديد في الثانية. ومن خلال محاولة تضليل الإدارة بهذا التنازل، يستغل بوتين أميركا للضغط على الأوكرانيين، كي يحصّل بالدبلوماسية ما عجز عن تحصيله بالحرب.

لا يعني كل ذلك أن بوتين غير مستعد لإقحام المزيد من الجنود في دونيتسك لاحتلالها. فهو يعتقد أن تسارع وتيرة التقدم في الأشهر القليلة الماضية، والاختراق السريع بالقرب من دوبروبيليا مؤخراً، واقتراب سقوط بوكروفسك، والتفوق العددي لجنوده، هي عوامل تكشف وتضغط على ثغرات متفاقمة في الدفاعات الأوكرانية.

لكن قبول بوتين بالتفاوض يُظهر، ولو جزئياً، أنه بدأ يعترف بحدود قدرات جيشه على تحقيق أهدافه، إلى جانب الأكلاف العسكرية الباهظة التي يتكبدها.

أخبار سوريا الوطن١-وكالات-النهار

مشاركة المقال: