الخميس, 21 أغسطس 2025 05:46 PM

بعد 12 عامًا على هجوم الغوطة الكيميائي: المطالبة بالعدالة والمساءلة من أجل مستقبل سوريا

بعد 12 عامًا على هجوم الغوطة الكيميائي: المطالبة بالعدالة والمساءلة من أجل مستقبل سوريا

يحيي العالم اليوم الذكرى الثانية عشرة لأكبر هجوم بالأسلحة الكيميائية شهدته سوريا، والذي استهدف منطقتي الغوطة الشرقية والغربية في ريف دمشق في فجر يوم 21 آب/أغسطس 2013. نفذت قوات نظام بشار الأسد هذا الهجوم المروع باستخدام صواريخ محملة بغاز السارين، واستهدفت بشكل خاص المدنيين، وخاصة النساء والأطفال، في إطار ما وصف بسياسة ممنهجة تهدف إلى ترويع المجتمع السوري وفرض السيطرة بالقوة.

منذ اللحظات الأولى للهجوم، بادرت الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان بتوثيق تفاصيله، وأصدرت أول تقرير حقوقي شامل حول هذه الحادثة المأساوية. وكشف التقرير أن قوات النظام أطلقت ما يزيد عن عشرة صواريخ تحتوي على حوالي 200 لتر من غاز السارين السام، واستغلت الظروف الجوية لضمان بقاء الغازات السامة قريبة من سطح الأرض، مما تسبب في سقوط أكبر عدد ممكن من الضحايا وهم نيام. وتزامن ذلك مع حصار خانق بدأ منذ نهاية عام 2012، والذي منع دخول الوقود والأدوية والمستلزمات الطبية الضرورية لعلاج المصابين، مما فاقم من حجم الكارثة الإنسانية.

أسفر الهجوم عن مقتل 1144 شخصًا، وهو ما يمثل حوالي 76% من إجمالي ضحايا الأسلحة الكيميائية في سوريا، من بينهم 99 طفلاً و194 امرأة، بالإضافة إلى 25 من مقاتلي المعارضة المسلحة. كما أصيب حوالي 5935 شخصًا بأعراض اختناق وأمراض تنفسية نتيجة التعرض للغازات السامة. ولا تزال آثار الهجوم مستمرة حتى اليوم، بما في ذلك الأمراض المزمنة في الجهاز التنفسي والقلب، والاضطرابات النفسية، والعيوب الخلقية ومشكلات النمو لدى الأطفال، إلى جانب تدهور القدرة الإنتاجية وفقدان المعيل.

على صعيد التوثيق الوطني والدولي، سجلت الشبكة السورية لحقوق الإنسان 222 هجومًا كيميائيًا منذ أول استخدام للأسلحة الكيميائية في 23 كانون الأول/ديسمبر 2012 وحتى 8 كانون الأول/ديسمبر 2024، ونفذ نظام الأسد حوالي 98% منها، مما أسفر عن مقتل 1514 شخصًا وإصابة أكثر من 11 ألف شخص. وأشارت التقارير إلى مسؤولية النظام المباشرة عن هذه الجرائم، والتي تشكل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، مع تورط مؤسسات عسكرية وأمنية عليا.

على الرغم من هذه التوثيقات، لم يتم تفعيل إجراءات محاسبة بشار الأسد أو كبار المسؤولين العسكريين والأمنيين، مما يشير إلى إفلاتهم من العقاب، في خرق صريح للقانون الدولي واتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية. وتوصي الشبكة باتخاذ خطوات عاجلة ضمن المسار الانتقالي، تشمل الانضمام إلى نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، وتعويض الضحايا وإعادة تأهيلهم، وإصلاح المؤسسات الأمنية والعسكرية، وتعزيز التعاون الدولي لتوثيق الانتهاكات وضمان مساءلة المسؤولين. كما تؤكد الشبكة على ضرورة وضع استراتيجية وطنية لمنع أي استخدام مستقبلي للأسلحة الكيميائية وتعزيز التوعية والذاكرة الوطنية.

مشاركة المقال: