الإثنين, 18 أغسطس 2025 08:10 PM

سوريا تعتمد صنفين جديدين من القمح القاسي لتعزيز الإنتاج المحلي وتقليل الاستيراد

سوريا تعتمد صنفين جديدين من القمح القاسي لتعزيز الإنتاج المحلي وتقليل الاستيراد

عنب بلدي – محمد كاخي

وافقت اللجنة الوطنية لاعتماد الأصناف في 5 آب الحالي على اعتماد صنفين جديدين من القمح القاسي، وذلك بعد دراسة مستفيضة لنتائج الأبحاث العلمية التي تهدف إلى تحسين المحصول، نظرًا لإنتاجيتهما العالية وقدرتهما على التكيف مع الزراعة المروية ومقاومتهما للأمراض.

أعلنت وزارة الزراعة عبر صفحتها على “فيسبوك” أن الصنف الأول، “بحوث 13″، حقق متوسط غلة بلغ 5892 كغ/هكتار، ويتميز بنسبة بروتين مرتفعة تصل إلى (16.5%) وصلابة عالية، بالإضافة إلى مقاومة جيدة للأمراض. أما الصنف الثاني، “شام 13″، فهو نتاج تعاون مع منظمة “إيكاردا”، وقد بلغ متوسط إنتاجه 6479 كغ/هكتار، ويتميز بارتفاع معتدل ووزن نوعي ثقيل ومقاومة عالية للصدأ الأصفر.

أوضح رئيس قسم بحوث الحبوب في وزارة الزراعة، خالد شريدة، لعنب بلدي، أن توزيع هذين الصنفين على المزارعين سيبدأ بعد أربع سنوات، وهي الفترة اللازمة لإكثارهما وتوفير كميات كافية من البذور للزراعة الواسعة وبأسعار مناسبة. وأضاف أنه سيتم تنظيم برامج إرشادية وتدريبية للمزارعين لشرح كيفية التعامل الزراعي الأمثل مع المحصول، بدءًا من وقت الزراعة وحتى الحصاد، بما في ذلك الدورة الزراعية المناسبة، ومعدل البذور، وتحضير التربة، والاحتياجات المائية، ومعدلات الأسمدة والمكافحة، وغيرها من الممارسات.

أشار الخبير في أصناف القمح القاسية ومدير البحوث الزراعية في مديرية زراعة حمص، محسن السويعي، إلى أن صنف “شام 13” ناتج عن السلالة المبشرة من القمح القاسي (Aghamatales)، وقد تم اعتماده للزراعة المروية في محافظات حمص وحماة والغاب، وهو صنف مقاوم للصدأ، واستغرق إنتاجه عشر سنوات، حيث بدأ العمل عليه في عام 2015. وفيما يتعلق بالصنف “بحوث 13″، أوضح السويعي أنه ناتج عن برنامج التهجين في الهيئة العامة للبحوث الزراعية، وهو من السلالة المبشرة (H7/L31)، وتم اعتماده للزراعة المروية في محافظات درعا وريف دمشق وحمص وحماة، ويتميز بجودته العالية من حيث نسبة البروتين والغلوتين والبلورية، ومقاومته للصدأ، الذي يعتبر من أخطر الأمراض التي تصيب القمح في سوريا. وقد استغرقت مدة إنتاج هذا الصنف 15 سنة. وأكد السويعي أن هذين الصنفين الجديدين يعتبران إضافة للأصناف الموجودة في سوريا، وليسا بديلين عنها.

مراحل الاختبار

أفاد المهندس الزراعي عبد الكريم الإبراهيم، لعنب بلدي، بأن الصنف يمر خلال سنوات الاختبار بخمس مراحل:

  • مرحلة خطوط المشاهدة: يتم فيها زراعة الصنف ومراقبة صفاته المبدئية للتأكد من تميزه عن الأصناف الأخرى.
  • مرحلة الكفاءة الإنتاجية: يُختبر الصنف لمعرفة قدرته على الإنتاج ومردوده مقارنة بالأصناف المعتمدة.
  • مرحلة الحقول الاختبارية: يُزرع الصنف في حقول محدودة المساحة وفي ظروف مختلفة للتأكد من ثبات صفاته.
  • مرحلة الحقول الموسعة: يُزرع على نطاق أوسع وفي مناطق متعددة لاختبار أدائه في بيئات متنوعة.
  • مرحلة الاعتماد: بعد نجاح المراحل السابقة، يُعتمد الصنف رسميًا ويُسمح بتوزيعه أو تسويقه.

التعاون مع “إيكاردا”

تمكنت وزارة الزراعة بالتعاون مع المركز الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الجافة (إيكاردا) من اعتماد صنف القمح القاسي “شام 13″، الذي يتميز بارتفاع معتدل، ووزن نوعي ثقيل، ومقاومة عالية للصدأ الأصفر.

أشار رئيس قسم بحوث الحبوب في وزارة الزراعة، خالد شريدة، إلى وجود برنامج تعاون علمي مشترك بين سوريا و”إيكاردا”، يتم من خلاله تزويد الوزارة بسلالات القمح الجديدة لاختبارها في البيئة السورية. وفي حال تفوقت إحدى هذه السلالات على الأصناف المزروعة لدى المزارعين، تقوم الوزارة باعتمادها، كما حدث مع الصنف “شام 13”. وأضاف أن هناك حاليًا عددًا من السلالات الواعدة ضمن برنامج تربية الحبوب في الهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية، والتي ستعتمد في أقرب فرصة ممكنة.

وفيما يتعلق بأوضاع أصناف القمح المزروعة في المناطق البعلية، والتي عانت من موجة جفاف قاسية هذا العام، أوضح شريدة أن برنامج تربية القمح في قسم بحوث الحبوب يعمل على إنتاج أصناف حديثة ملائمة للزراعة المروية والبعلية، علمًا أنه تم في العامين الماضيين اعتماد صنفين من القمح ملائمين للزراعة البعلية في منطقة الاستقرار الثانية، وهما “دوما 5” و”شام 12″، وسيتم قريبًا تقديم سلالات واعدة جديدة من القمح لاعتمادها للزراعة البعلية.

تقليص فاتورة الاستيراد

أكد مدير مديرية الاقتصاد والتخطيط في وزارة الزراعة، سعيد إبراهيم، أن حاجة سوريا من القمح تقدر بأربعة ملايين طن، وأن الإنتاج الحالي يشكل 19% فقط من الاحتياج، مما يعني وجود نقص يقارب 80%. وأضاف أن تغطية هذا النقص ستتم عن طريق استيراد القمح الطري أو الطحين مباشرة، وأن العمل جار لتأمين هذه الاحتياجات، حيث قام الجانب العراقي بتزويد سوريا بجزء من احتياجاتها من القمح، وتم الاتفاق مع الجانب التركي على استيراد الطحين على دفعات.

أوضح رئيس قسم بحوث الحبوب في وزارة الزراعة، خالد شريدة، أن مساهمة الأصناف الجديدة في تقليص فجوة الغلة في سوريا تعتمد بشكل أساسي على توفير مستلزمات الإنتاج الزراعي للمزارعين، من بذور وأسمدة ومياه ري ومواد مكافحة، بالكميات والمواعيد والأسعار المناسبة. وتوقع شريدة أن يتم تقليص الاستيراد من الخارج بشكل كبير مع عودة المحافظات الشرقية إلى سيطرة الدولة قريبًا، لأنها تساهم بنصف إنتاج القمح في سوريا.

يرى الدكتور في الاقتصاد الزراعي بجامعة “الزيتونة” الدولية، سليم النابلسي، أن الأثر المتوقع لاعتماد صنفي “شام 13” و”بحوث 13” على الميزان التجاري الزراعي في سوريا قد يكون محدودًا على المدى القصير، لكن الأثر الإيجابي سيكون أكثر وضوحًا في المديين المتوسط والطويل، إذ يسهم في زيادة الإنتاج المحلي من القمح، وقد يقلل من حاجة سوريا لاستيراد القمح، وبالتالي تقليص فاتورة الاستيراد. وأضاف النابلسي أنه يمكن الاستفادة من إدخال هذه الأصناف في خطط التعافي الاقتصادي الزراعي لسوريا بعد الحرب، من خلال استخدام أصناف عالية الإنتاجية، تسهم في تحسين الأمن الغذائي وتقليل الاعتماد على الاستيراد. ويرى أن إدخال هذه الأصناف في برامج التنمية الزراعية قد يسهم في تعزيز الاستدامة الزراعية وتحسين سبل عيش المزارعين.

مشاركة المقال: