تتوالى التطورات المتسارعة على صعيد الحرب الأوكرانية الروسية، وذلك عقب القمة التاريخية التي جمعت الرئيس الأميركي دونالد ترامب بنظيره الروسي فلاديمير بوتين يوم الجمعة. وفي آخر المستجدات، أشاد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي اليوم بقرار الولايات المتحدة تقديم ضمانات أمنية لكييف، مستوحاة من معاهدة حلف شمال الأطلسي، كجزء من أي اتفاق سلام محتمل مع روسيا. يأتي ذلك عشية لقاء مرتقب مع الرئيس دونالد ترامب في البيت الأبيض بحضور قادة أوروبيين.
أكد زيلينسكي عبر منصات التواصل الاجتماعي أن "الضمانات الأمنية، كثمرة لعملنا المشترك، يجب أن تكون عملية للغاية، وتوفر حماية في البر والجو والبحر، ويجب إعدادها بمشاركة أوروبا"، وذلك عقب اجتماع عبر الفيديو لقادة "تحالف الراغبين" الذي يضم دولًا حليفة لكييف.
"ترقبوا"
وفي آخر تصريحاته، أعلن الرئيس الأميركي إحراز "تقدّم كبير" بشأن روسيا. وكتب ترامب عبر منصته "تروث سوشال": "تقدّم كبير بشأن روسيا. ترقبوا الأخبار!". لكنه لم يورد مزيداً من التفاصيل، وأعاد التأكيد على أنه "ما كان ينبغي لحرب روسيا وأوكرانيا أن تندلع أبداً". وأشار إلى أن الاجتماع مع بوتين كان رائعاً على عكس ما تروج له الأخبار الزائفة.
كلام "آخر" لروبيو…
من جهته، اعتبر وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو أن "أميركا قد لا تستطيع وضع سيناريو لإنهاء الحرب في أوكرانيا"، متابعاً: "لا يمكن القول إننا على وشك اتفاق سلام بين روسيا وأوكرانيا". وأضاف لشبكة "سي بي أس" اليوم الأحد أن "الولايات المتحدة ستواصل محاولاتها لوضع سيناريو للمساعدة في إنهاء الحرب الروسية مع أوكرانيا، لكنها قد لا تتمكن من تحقيق ذلك".
التصعيد في الميدان مستمر، وقادة أوروبيون يرافقون زيلينسكي إلى واشنطن غداً. اعتبر وزير الخارجية الألماني يوهان فاديفول أن أي اتفاق للسلام في أوكرانيا يتطلب ضمانات أمنية واضحة للبلاد، وأوروبا مستعدة لتقديم هذه الضمانات مع الولايات المتحدة.
وأضاف: "إذا لم يكن التوصل إلى السلام ممكناً واستمرت الحرب، فسيستمر موت الناس بالآلاف. قد يحدث ذلك للأسف، لكننا لا نريد ذلك". وأوضح أن ترامب وبوتين ناقشا أموراً يمكن أن تشكل اختراقاً لإنهاء حرب أوكرانيا، مشيراً إلى أن "روسيا وأوكرانيا لديهما مطالب لا يمكن تحقيقها، وعليهما تقديم تنازلات للتوصل إلى اتفاق سلام".
وحذر من "عقوبات جديدة محتملة" على روسيا إذا لم يتم التوصل لاتفاق سلام في أوكرانيا، وختم قائلاً: "إن الضمانات الأمنية لأوكرانيا ستكون مطروحة للنقاش بين ترامب ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي". وفي حديث لـ"فوكس نيوز"، قال روبيو: "لا تزال هناك قضايا صعبة متبقية بشأن روسيا وأوكرانيا"، مضيفاً أن "النقاش بشأن حدود الأراضي والأسئلة بشأن الضمانات الأمنية طويلة الأمد أمور صعبة". ورأى أن "الاتفاق لإنهاء الحرب في أوكرانيا هو الأصعب من بين جميع الاتفاقات التي تمكنا من تحقيقها". وأوضح أن "الكثير من النقاشات مع الرئيس الأوكراني ستدور غداً بشأن الضمانات الأمنية وما تريده أوكرانيا".
"ضمانات أمنية متينة"
بدوره، أمل المبعوث الخاص للرئيس الأميركي ستيف ويتكوف في أن يكون اجتماع الإثنين بين ترامب وزيلينسكي وقادة أوروبيين "مثمراً". وقال ويتكوف لشبكة "سي أن أن" الأميركية: "أنا متفائل بأننا سنعقد اجتماعاً مثمراً الإثنين، وسنتوصل إلى توافق فعلي. سنتمكن من العودة إلى الروس والدفع قدماً باتفاق السلام هذا وإنجازه". وأعلن ويتكوف أن ترامب اتفق مع نظيره الروسي على "ضمانات أمنية متينة" لأوكرانيا خلال قمتهما في ألاسكا، وقال: "اتفقنا على ضمانات أمنية متينة أصفها بأنها تغير المعادلة". وأكد أن روسيا قدمت "بعض التنازلات" في ما يتصل بـ5 مناطق أوكرانية أعلنت ضمها. وقال: "قدم الروس بعض التنازلات بشأن كل هذه المناطق الخمس"، في إشارة إلى دونيتسك ولوغانسك وخيرسون وزابوريجيا التي تحتلها روسيا جزئياً، وأعلنت ضمها إلى أراضيها بعد بدء غزوها لأوكرانيا عام 2022، وشبه جزيرة القرم التي ضمتها موسكو في 2014. ولفت إلى أن "تبادل الأراضي بين روسيا وأوكرانيا جوهري في الاتفاق، ولم نتمكن من نقاش ذلك مع بوتين في ألاسكا. والأقاليم الخمسة التي تريدها روسيا كانت دائماً من وجهة نظرنا جوهر الاتفاق". وأشار إلى "أننا سنناقش تبادل الأراضي مع زيلنسكي، ونأمل في أن ينتهي الأمر باتفاق سلام قريباً جداً".
"تحالف الراغبين"
في الموازاة، اجتمع "تحالف الراغبين"، الذي يضم داعمي كييف، وبينهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، المستشار الألماني فريدريش ميرتس، عبر الفيديو الأحد الساعة الأولى بعد الظهر بتوقيت غرينتش، بحسب صور من مقر إقامة الرئيس الفرنسي الصيفي في قلعة بريغانسون. يهدف الاجتماع إلى التحضير للقاء ترامب وزيلينسكي الإثنين في واشنطن، بحسب ما ذكر ماكرون. ومن المقرر أن يحضر الرئيس الفرنسي الاجتماع أيضاً، إلى جانب قادة أوروبيين آخرين. ودعا ماكرون في مستهل المحادثات مجدداً إلى "مواصلة الضغط" على بوتين.
قبيل الاجتماع، رحبت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين باقتراح ترامب تقديم ضمانات أمنية لأوكرانيا مستلهمة من معاهدة حلف شمال الأطلسي (ناتو). وقالت فون دير لايين في مؤتمر صحافي إلى جانب الرئيس الأوكراني: "نرحب بعزم ترامب على توفير ضمانات أمنية مشابهة للمادة الخامسة" من معاهدة الناتو، مشددة على وجوب أن تتمكن أوكرانيا من الحفاظ على وحدة أراضيها. ولفتت إلى أنه يجب ألا تكون هناك قيود على القوات المسلحة الأوكرانية أو المساعدات الخارجية لكييف، مضيفة: "ينبغي ألا تكون هناك قيود على القوات المسلحة الأوكرانية، سواء أكان ذلك بالتعاون مع دول أخرى أم عبر تلقي المساعدة منها. لا قيود على القوات المسلحة الأوكرانية، ويجب تعزيز الصناعات العسكرية الأوكرانية، خصوصاً المسيّرات". وأردفت "ومثلما قلت مراراً، يجب أن تصبح أوكرانيا حصناً منيعاً بالنسبة إلى الغزاة المحتملين". وشددت على "أننا سندعم أوكرانيا وصولاً إلى سلام عادل ومستدام. وأوكرانيا وحدها من تقرر مصيرها".
واعتبرت أن "تغيير الحدود المعترف بها دوليا بالقوة مرفوض". وأملت فون دير لايين في انعقاد قمة بين ترامب وبوتين وزيلينسكي "بأسرع وقت ممكن".
بدوره، أشار زيلينسكي إلى أن الخطوط الأمامية الحالية في حرب بلاده ضد روسيا يجب أن تكون أساساً لمحادثات السلام. وأضاف متحدثاً في بروكسل: "نحن بحاجة إلى مفاوضات حقيقية، وهو ما يعني أنه يمكننا البدء من حيث توجد خطوط المواجهة الآن"، مشيراً إلى أن القادة الأوروبيين يؤيدون ذلك. وأكد زيلينسكي موقفه بأن من الضروري وقف إطلاق النار من أجل التفاوض بعد ذلك على اتفاق نهائي. وقال: "أنا جاهز على كل المستويات للقاء ترامب، ومن المهم أن تبقى أميركا إلى جانب أوكرانيا". ورأى أنه لا مؤشرات حتى الآن على عقد اجتماع ثلاثي مع ترامب وبوتين، قائلاً: "لا أرى أن بوتين مستعد لعقد قمة ثلاثية".
وقال الرئيس الأوكراني، الأحد، "لا أعرف بالتحديد ما دار بين بوتين وترامب"، مضيفاً "وأريد أن يقدم ترامب إلي، وإلى القادة الأوروبيين، الكثير من التفاصيل". وشدد على أن "ما يقوله لنا ترامب بشأن الضمانات الأمنية يفوق أفكار بوتين أهمية بالنسبة إلي، لأن بوتين لن يعطينا أي ضمانة أمنية". وأشار الى أن لدى بوتين "العديد من المطالب" لإنهاء الحرب، مؤكداً أنه ليس على علم بها كلها. أضاف "إذا كان هناك بالفعل العدد الذي سمعنا به، فالنظر فيها سيحتاج إلى بعض الوقت". وختم: "إذا رفضت روسيا المفاوضات فيجب فرض عقوبات عليه".