دمشق-سانا: الكشك السوري ليس مجرد طبق شتوي تقليدي، بل هو جزء من التراث السوري العريق الذي تتناقله الأجيال. يعتبر الكشك من الأكلات الشعبية المنتشرة في معظم المحافظات السورية، حيث يتحول إعداده إلى مناسبة اجتماعية دافئة تجمع نساء الحي في ساحات المنازل ليتعاونّ في صنعه، مما يضفي جواً من الألفة والمحبة.
من حرارة تموز إلى دفء الشتاء: رحلة إعداد الكشك
توضح السيدة هيام خضور (53 عاماً) من ريف مصياف لمراسلة سانا أن رحلة إعداد الكشك تبدأ في منتصف شهر تموز، مع ذروة حرارة الصيف. تبدأ العملية بتحميض اللبن بإضافة الملح وتركه لعدة أيام. ثم يتم خلط اللبن الحامض بالبرغل وإضافة أغصان البطم التي تمنحه نكهة مميزة.
وتضيف: "بعد أيام، يُطحن الخليط ليصبح عجينة، وهنا تبدأ المشاركة المجتمعية الحقيقية، حيث تجتمع نساء العائلة والجارات لتقطيع العجين إلى قطع طولية بحجم قبضة اليد، ثم تُنشر تحت أشعة الشمس الحارة لتجف. بعد ذلك، يُخزن الكشك إما بشكله المجفف أو بعد طحنه إلى مسحوق ناعم، ليصبح جاهزاً لتدفئة ليالي الشتاء".
سهولة التحضير ودفء المذاق في أيام الشتاء الباردة
تؤكد السيدة جميلة داوود (65 عاماً) من ريف دمشق على سهولة تحضير الكشك كطبق شتوي أساسي يبعث الدفء في الأيام الباردة. وتشرح طريقة تحضيره قائلة: "يتم تذويب مسحوق الكشك في ماء بارد لتجنب التكتل، ثم يُترك ليغلي ويُضاف إليه البصل والسمنة أو زيت الزيتون، ويُترك حتى يكتسب قواماً كثيفاً".
وتضيف السيدة جميلة أن الكشك يُقدم كحساء شهي في الصباح مع الخبز المحمص، أو كوجبة غداء متكاملة بقلي اللحم وقطع البطاطا مع البصل والسمنة، ثم إضافة مسحوق الكشك والماء، وتركه لينضج ويصبح وجبة متكاملة.
قيمة غذائية ورفيق مثالي للشتاء
يعتبر الكشك مصدراً غنياً بالبروتين والكالسيوم، بفضل مكوناته الأساسية من اللبن والبرغل. كما أن طريقة تجفيفه بالشمس تمنحه القدرة على الحفظ لعدة أشهر، مما يجعله طبقاً مثالياً لتجاوز أيام الشتاء الطويلة والباردة، ورفيقاً دافئاً يجمع العائلة حول مائدته.